عدد المقالات 272
أحسنت الجزيرة وأحسن الزميل أحمد منصور بإجرائه لقاءً مع العقيد العلوي الطيار علي عبود الأسير لدى جبهة النصرة، ومن الطبيعي أن يُفسّر كلامي على أنه انحياز لمؤسسة أعمل فيها ولمهنة أمارسها، ولكن بشكل مباشر وباختصار فالسجال هو ظاهرة صحية، وما عانيناه ونعانيه اليوم في عالمنا العربي سببه ومرده بشكل رئيسي إلى ظاهرة الاستبداد المتحكمة في حياتنا، مما أفرز حالة ركود آسنة عفّنت حياتنا بكل أشكالها، فالركود والسكون والاستقرار صفة ملازمة للمقابر وللأموات وليس للأحياء، فليس هناك مكان مستقر وآمن أكثر منها، ومن رضي لنفسه أن يعيش حياة الأموات ومقابرهم فله ذلك، وهو ما استسلمت إليه غالبية الشعوب العربية للأسف في ظل القبول بحكم استبدادي كلّفها لاحقاً الكثير ساعة الانتفاض عليه والانشقاق عنه. الإعلام بصفته حاملا رئيسيا للأفكار والمبادئ والأخبار وناقلا لها، ينبغي أن يكون أميناً على هذه المهمة، لا يتقاعد أو يتقاعس عنها بحجج واهية وذرائع وهمية، وأي تقاعد أو تقاعس يُكلف الأمة الكثير كما نلمسه اليوم، فوظيفته الأساسية كسر القواعد الحمراء التي فرضتها أنظمة الاستبداد لحرمان المشاهد من حقه الأساسي وهو الوصول إلى المعلومة، يُضاف إلى ذلك سبر غور الواقع والاستشهاد بالماضي واستشراف المستقبل ليسهل اتخاذ القرار الصائب من قبل أصحابه، أما تزييف الواقع وتزيينه أو تحويره فكلفته خطيرة وخيانة للمهنة والرسالة، وخرق فاضح للعقد بين المرسل والمرسل إليه.. أثارت المقابلة الصحافية للزميل أحمد مع العقيد جدلاً، ليس وسط معارضي وخصوم الجزيرة فحسب، على أن المقابلة بنظرهم خرق لقوانين وميثاق الإعلام بلقائها الأسرى تحت ظروف الضغوط والإكراه كما يقولون، وإنما أثارت أيضاً جدلها حتى وسط المؤيدين للثورة وللجزيرة الذين نظروا إليها على أنها ترويج للقاتل وانحياز له وتبرير لفعلته، بعدم الندم على ما أقدم عليه من قتل أبرياء ومدنيين، فالطيار الذي يلقي برميلاً متفجراً أعمى على مدينة ولا يزال يعتقد بأنه يقصف مسلحين، هو طيار يحاول استخدام وسيلة إعلامية لتضليل مشاهديها بنظر هذا الفريق، والطيار الذي يروج أيضاً أن الجواسيس في المناطق المحررة هم من يُعطون معلومات بنك الأهداف للقصف الذي يستهدف المدنيين في المخابز والأسواق والمدن الآهلة بالسكان، وسيلة إعلامية تروج لأكاذيب بنظر الفريق نفسه، وبالمحصلة فإن السجال ليس مقتصراً على معارضي قناة الجزيرة وإنما حتى على محبيها، وهنا تبرز حيوية وأهمية وفاعلية المؤسسة الإعلامية التي أرغمت معارضيها ومؤيديها على السواء على انتقادها والتسمّر أمام شاشتها في الوقت نفسه، مما عنى شدّ عصب مشاهدة الجمهور لها بغض النظر عن هويتهم وانتمائهم وحبهم أو كرههم لها.. حال أي عمل في الأرض سياسياً أو اقتصادياً أو إدارياً وبالطبع الإعلامي جزء منه ليس مضمون النتائج مائة بالمائة ما دمنا بشرا، وعليه فإن مقابلة العقيد الطيار وغيره من الأعمال الإعلامية كحال الأعمال الحياتية الأخرى التي يقدرها أصحابها، وهنا الإعلامي يقدر عمله فيما إذا كان يتفق ويتسق مع أخلاق المهنة ومعاييرها أم لا، آخذين بالاعتبار أن الوظيفة الأساسية للإعلامي ولمؤسسته هي نقل الحقائق والأخبار، وهو العقد الذي مهره الإعلامي ومؤسسته مع المشاهد والقارئ بحبره وتعبه وكده، وإذا ما طرح سائل السؤال التقليدي المعروف: ومن الذي يضمن أن الشخص الذي تمت مقابلته -وهو هنا العقيد الطيار- قد قبل بالمقابلة دون ضغوط أو إكراه؟ أو من الذي ضمن أن تقييم الصحافي أو الوسيلة الإعلامية دقيق وصحيح؟ فالرد أن تاريخ مهنية المؤسسة والصحافي هما من يُحددان ذلك، فأنت هنا لا تتعامل مع إعلام شمولي ديكتاتوري مُسيس ومُحزّب وله تاريخ مشهود في قلب الحقائق والضحك على المشاهد، وإنما تتعامل مع مؤسسة إعلامية عالمية كالجزيرة شهد لها العدو قبل الصديق بمصداقيتها، ومع هذا فإن الخيار لك أيها القارئ والمشاهد في أن تأخذ ما تريد وتدع ما لا تريد، وما الإعلام ولا الجزيرة بجبار على أحد.. أخيراً، سئمنا في العالم العربي استنساخ الآراء، والطبطبة على الأكتاف، بينما القلوب والعقول تحترق كمداً في الواقع والحقيقة، إنه النفاق الاجتماعي وأحياناً النفاق الإعلامي، إذن لا بد من المصارحة، وقد تكون عملية صعبة وقاسية ومكلفة آنياً، ولكنها عملية مربحة على المدى المتوسط والبعيد، وضرورية لبناء أوطان حقيقية مفتوحة النوافذ، ومشرعة الأبواب، تلك مهمة لا أحد قادر على القيام بها والترويج لها سوى الإعلام، وعكس ذلك يعني باختصار التقاعد عن مهمته والاستقالة منها، بالإضافة إلى تخلّف عن ركب الربيع العربي الذي هو في جوهره وأساسه الصراحة وتحريك المياه السياسية والإعلامية الراكدة الآسنة تشوّفاً لربيع عربي أفضل.. @ahmadmuaffaq
كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...
قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...
أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...
لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...
ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...
الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...
منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...
تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...
يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ...
أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...
الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...
لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...