


عدد المقالات 105
ما أن سمعت الخبر الحزين بوفاة عالم السوسيولوجيا المغربي محمد جسوس رحمه الله الجمعة الماضية، حتى استعادت الذاكرة علماء ومفكرين من أصحاب المشاريع العلمية والفكرية الكبيرة في المغرب والعالم العربي رحلوا عنا، ومن يعانون مع المرض شفاهم الله وعافاهم. وطرحت مع نفسي السؤال القديم الجديد، والذي ينبغي على الجميع طرحه خاصة الجهات والمؤسسات المعنية بالتعليم والثقافة والمجتمع في عموم الدول العربية والإسلامية، هل تم ويتم تهيئ خلف لهؤلاء المفكرين والعلماء، هل تساهم مناهج التعليم على تخريج علماء ومفكرين وفلاسفة وتخصص ميزانية لأجل ذلك، أم أن كل همها تخريج عمال لأصحاب الشركات من خلال «فلسفة» ربط التعليم بسوق الشغل ومتطلباته. هل الثقافة السائدة في عموم المجتمع العربي والإسلامي وخطاب وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ورسائلها المباشرة وغير المباشرة يدفع في اتجاه بناء الخلف بنفس العمق العلمي والفكري والحس الوطني والقومي والإسلامي؟ أم أنها على العكس من ذلك تعمل على خلق مجتمع مشغول باليومي وبما هو شخصي وبإبعاد مادية خالصة بإشاعة ثقافة النجاح السريع بقدم أو نغم أو عبر الحظ، لا مجال فيها للتفكير في المستقبل والتفكير خارج الذات؟ وهل.. وهل..؟ هناك فرق بين تخريج حاملي شهادات جامعية، وتخريج علماء ومفكرين ومجددين ومبدعين في كل أصناف العلوم فذلك مسار طويل ويحتاج لرؤية مستقبلية واستثمار في المعرفة، كما أكد ذلك ودعا إليه باستمرار عدد من المفكرين وعلى رأسهم الدكتور المهدي المنجرة شفاه الله وعافاه قبل عقدين من الزمن، لأنه استثمار في المستقبل. لقد مضى زمن العصامية الذي كان يجود بمفكرين وعلماء وفلاسفة صنعوا أنفسهم بأنفسهم واجتهادهم وتفانيهم، وبتنا في زمن العلماء والمبدعين والمفكرين يبنون فيه ويصنعون وفق رؤية وتخطيط لا مجال فيه للصدف، وهي بالتأكيد مهمة ومسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع والإعلام لدوره الخطير في تشكيل العقول والأذواق. يحس المرء بفخر كبير عندما يكون في نقاش أو حوار مع زملاء من أقطار عربية مختلفة ويتكلمون على سبيل المثال عن مفكري وعلماء وأدباء المغرب كالجابري رحمه الله والمهدي المنجرة وعبدالله العروي وخناتة بنونة بارك الله في عمرهم وغيرهم، لكن يا ترى كيف يكون الوضع بعد عقد أو عقدين من الزمن هل تظهر أسماء بنفس الإشعاع والتأثير؟ المؤشرات الحالية في الحقيقة مقلقة، لكن كما يقال الرجاء في الله كبير أن تتحمل كل الجهات المعنية مسؤوليتها في هذا المجال المهم جدا، وأن لا تضيع بعض الطاقات العلمية والفكرية المميزة جهودها في حقل السياسة والشأن العام لأنه هناك من يمكن أن يقوم بذلك. صحيح أن الجمع بين الجانب العلمي الأكاديمي وبين الجانب العملي والارتباط بهموم الناس (المثقف العضوي) أمر جيد ويرقى بالعمل السياسي والحزبي ويعطيه قيمة مضافة، كما كان حال المفكر محمد جسوس رحمه الله في المغرب الذي قيل عنه « عالم سوسيولوجيا سرقته السياسة». لكن ليس كل الناس يستطيع التوفيق بين الأمرين مع أن الأمر صعب في كل الأحول، فلكل مجال من المجالين المذكورين طقوسه ومناخه -إذا صح التعبير- وفي غالب الأحيان ما يكون المجال الأكاديمي الضحية في هذه الثنائية، وغالبا ما تسرق السياسة وقت المفكر والمثقف خاصة في زماننا هذا. ولا يستطيع من يسمع عشرات بل مئات المحاضرات للأستاذ المفكرأبوزيد المقرئ الإدريسي واجتهاداته المتميزة وقراءاته النوعية في مجالات مختلفة وبالأخص في مجال تخصصه (اللسانيات) وعلاقته بتفسير القرآن، أن يفهم ويستوعب كيف لا يخصص الرجل وقتا للكتابة والتأليف، ويضيع ذلك في زحمة الانشغال بالسياسة (عضو البرلمان المغربي) وأتأسف لذلك واعتبره -مع كامل احترامي وتقديري الكبير لأستاذنا أبوزيد- «جريمة» في حق طلبة العلم والساحة الفكرية، فيما عديدون يسودون الصفحات بكلام مكرور لا جديد فيه، وما المقرئ أبوزيد إلا نموذج ومثال وأكيد أن هناك في العالم العربي والإسلامي أمثلة أخرى ضاع العلم والفكر فيهم وحرم من إنتاجاتهم واجتهاداتهم.
«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...
بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...
قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...
«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...
لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...
تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...
«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...
رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...
ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...
تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...
شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...
خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...