لا نتسول الإعلانات ولن نكسر قلم كاتب من أجل عيون مسؤول

سألني ابني الأصغر وهو يستعد هذه الأيام لإجازة نصف العام الدراسي: أين سنذهب في إجازة الربيع؟ بصراحة، شعرت بالحيرة وحاولت الإجابة دون لف ودوران: في بلادنا ما يسيل لعاب السائح. وما يجعله يقصدها ويتغنى بها... لديك المتحف الإسلامي وكتارا وسوق واقف وحديقة الحيوان مثلاً... لم تقنعه إجابتي فعقب مسرعاً: وهل هذه الأماكن كافية لقضاء إجازة طويلة وممتعة مثل إجازة منتصف العام من دون وجود برامج تناسب العائلات والأطفال؟ تعقيبه زادني حيرة فرددت عليه في محاولة أخيرة لإقناعه: دعني أتصفح موقع الهيئة العامة للسياحة عسى يكون فيه الإجابة الشافية لك ولي. بصراحة لم أشعر بالراحة وأنا أتصفح موقع الهيئة رغم شعار «اشعر بالاستقلال كما تحب» الذي يستقبلك بمجرد فتحه. ولم أجد فيه الإجابة الشافية لسؤال ابني، فقلت له: إذاً دعني أحمل سؤالك إلى السيد أحمد النعيمي رئيس الهيئة العامة للسياحة، فقد يتكرم ويتفضل بالإجابة عليه. رغم أن تاريخ السيد رئيس الهيئة يزخر بسوابق «تطنيش» الصحافيين... وهو مجتهد في منع الحوارات والأخبار وحتى الإعلانات عن الصحف، لمجرد أنها تطرح آراء وقضايا لا تخدم تطلعاته ولا تحقق طموحاته «السياحية»... فالداخل إلى هيئة السيد النعيمي مفقود والخارج منها مولود! من الفعاليات التي نظمتها هيئة السياحة منذ أيام مهرجان للأكل بأسعار زهيدة للوجبة، وكأنها تستعد لليوم الرياضي للدولة بطريقتها الخاصة. فتجعل الناس تأكل حتى الإشباع لتمارس التمارين الرياضية حتى تفقد السعرات الحرارية التي اكتسبتها خلال مهرجان الهيئة للأكل! وهذه الأسعار الزهيدة لا نجدها في مهرجان التسوق أو مهرجان لعب الأطفال بل على العكس من ذلك ارتفاع الأسعار في هذه المناسبات يجعل حماية المستهلك في حيرة من أمرها! شخصياً تشرفت بلقاء السيد رئيس الهيئة مرة واحدة في حياتي المهنية. وكان لقاء غير مرتب حدث بالصدفة في أحد ممرات الهيئة العامة للسياحة، حاولت من خلاله تلطيف الأجواء وفتح قنوات للتعاون بين «العرب» والهيئة، لكن من الواضح أن السيد أحمد النعيمي يفضل إدارة الهيئة بأسلوب العصا والجزرة مع وسائل الإعلام... فلدى الرجل قناعة بأن استخدام «عصا الإعلانات» مع الصحف يساهم في حجب أي مواد أو أخبار يرى أنها لا تفيد، كما أنه –والحق يقال- لا يقصر في مد «جزرة الإعلانات» أيضاً لتلميع نفسه من خلال نشر أخباره وحواراته ومقالاته! وفي نفس لقاء الصدفة الذي ترفع النعيمي عن أن يجلس معي فيه مكتفياً بالحديث واقفاً، بينت له أن «العرب» لا تتسول الإعلانات بل تبحث عن الخبر. وهذا لن يتحقق في الوضع القائم بين الصحيفة والهيئة... وأكد النعيمي أن الأمور الآن أصبحت أفضل، وأن المياه رجعت إلى مجاريها، دون أن يوضح كيف حدث ذلك... ومن أجل أن أؤكد له أننا لا نتسول الإعلانات وأن مصلحتنا مشتركة في نشر نجاحات الدولة المختلفة طلبت منه إجراء حوار مطول يتناول مشاريع الهيئة المستقبلية. وذلك في مبادرة منا لكسر حالة الجمود التي أصبحت تعوق عملنا مع هيئة السياحة واتباعها أسلوب «التطنيش» وإغلاق جميع الأبواب والنوافذ لحجب الحقيقة التي نعمل على نشرها بكل مهنية وموضوعية... كنا نحاول إيصال رسالة إلى السيد أحمد النعيمي بأنه لا يستطيع أن يملك الصحف ووسائل الإعلام بإعلاناته، لكن للأسف حدث ما كنا نتوقعه. فبعد إرسال كتاب طلب الحوار مع السيد النعيمي. اكتفى بـ «تطنيشنا» وما زلنا ننتظر الرد منذ وقت طويل... الأغلب على الظن أن السيد النعيمي اعتقد من خلال إلحاحي عليه لشرح وجهة نظر «العرب»، أنني أمارس ضرباً من ضروب تسول الإعلانات لـ «العرب»... وأننا من غير إعلانات هيئة السياحة سنعلن إفلاسنا، ويتم وضع الشمع الأحمر على أبوابنا! سيدي العزيز أحمد... أود تذكيرك فالذكرى تنفع المؤمنين بأن هيئة السياحة قطاع عام، وليس شركة خاصة.. ومن واجبنا كصحيفة وطنية أن نطرح مزايا وعيوب الجهات التي تقدم خدمات للجمهور العريض، وما نريده من علاقة معكم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون مثل علاقة مع شركة علاقات عامة لا تفرق في نشراتها الإخبارية بين المملكة والجمهورية!! فما لم يصل إلى فهمك يا سيدي العزيز هو أن علاقة وسائل الإعلام مع هيئة السياحة أكبر من نشر إعلان. فهناك قضايا تهم المواطن والمقيم، نعتقد أننا مسؤولون عن طرحها أمام الرأي العام، وهذا بالضبط ما كنا نقصده عندما سألنا لماذا تمنع الهيئة عنا الحوارات والإعلانات وبعض الأخبار؟ سيدي العزيز رئيس الهيئة، أود أيضاً إبلاغكم بمنتهى الوضوح أنه وفي جميع الأحوال أسلوب التهديد والوعيد لن يحيدنا عن رؤيتنا التي نستلهمها من حاجات قرائنا الأعزاء... وسنستمر في طرح قضايا المجتمع بكل شفافية وموضوعية.. فلن نكسر قلم كاتب من أجل إعلان أو من أجل عيون مسؤول... بل سنواصل إعطاءه كل الحرية لطرح هموم ومشاكل الناس بموضوعية، بعيداً عن التجريح وعن المحاباة... هذا هو نهجنا في «العرب»، ونتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت.