alsharq

د. سعيد حارب

عدد المقالات 133

التنوع المبدع!!

13 فبراير 2012 , 12:00ص

إنني لا أريد أن ترتفع الجدران من كل جانب حول بيتي، ولا أن يحكم إغلاق نوافذي، إنني أريد أن تهب ثقافة كل أرض حول بيتي بأقصى قدر ممكن من الحرية، ولكنني أرفض أن تقتلعني ريح أي منها من جذوري. هكذا تحدث المهاتما غاندي الزعيم الهندي مجسدا طبيعة التلاقح أو التثاقف بين الثقافات العالمية، فهل تستطيع البشرية أن تصنع مثل ذلك التنوع الذي ينشده البشر؟ لقد تميز عصرنا الحالي بميزة جعلت كثيرا منا يشك في تحقيق ذلك، فقد امتدت الصراعات بين الشعوب والأعراق على ساحة واسعة من الأرض، بدءا بالحرب العالمية الأولى مرورا بالصراعات القومية والعنصرية بين الشعوب وما واكبها من تطهير عرقي قام على إلغاء الآخر جسديا أو فكريا، وكانت الحرب العالمية الثانية محطة أخرى للصراع حصدت ما يقرب من 60 مليون قتيل، وأعادت رسم صورة العالم، وامتدت المرحلة التي تلقت ذلك مليئة بالصراعات الساخنة أحيانا والباردة أحيانا أخرى، خاصة بعد أن اكتسبت أدوات الدمار إمكانيات هائلة تكفي لتدمير الأرض مرات عدة، وما بين الحرب العالمية الثانية ونهاية القرن امتلأت الأرض بجثث ضحايا التفرقة العنصرية والصراع العرقي والإثني والتعصب الديني والصراع الاقتصادي، وغيرها من الأسباب التي لم يعدم الإنسان وسيلة لاكتشافها من أجل أن تفرق بينه وبين الإنسان الآخر، بل تم نقل الصراع من خارج الحدود إلى داخلها، فإذا كانت الحروب تنشأ في السابق بين الدول، فإن رحاها بعد ذلك دارت داخل الدول، ولذا جاءت هذه الحروب أكثر ضراوة وأشد دمارا، إذ كان العدو الخارجي يوحد الصفوف الداخلية أحيانا كثيرة، فإن الحروب الأهلية كانت تضرب في بناء الدولة الواحدة محاولة هدمها وتدميرها، وإذا كانت الحروب الخارجية تنتهي آثارها العامة بانتهاء الحرب، فإن الحروب الأهلية تمتد آثارها إلى أجيال متتالية، وإن المدخل لعلاج ذلك لا يتم في أروقة السياسة، ولكن يتم من خلال الثقافة والتنمية، كما يتم من خلال التعايش السلمي بين الثقافات، لقد ذكر تقرير للأمم المتحدة أن «عالَماً أَلِفَ التطهير العرقي والتعصب الديني والتحيز الاجتماعي والعرقي، فإنه بحاجة عاجلة إلى التشجيع على تفكير أكثر وضوحا بشأن الطرائق التي يسعنا أن ندعم بها التعايش السلمي بين الثقافات، فالدول جميعها تقريبا تتألف من إثنيات متعددة وتضم داخل حدودها عددا كبيرا من الثقافات ولم تول نماذج التنمية المعتادة اهتماما يذكر لهذا التنوع، على افتراض أن الفئات الوظيفية مثل الطبقة والمهنة أجدر بالاهتمام، وقد أصبح من المعترف به مع ذلك أن كثيرا من حالات الفشل والكوارث التي منيت بها البرامج الإنمائية كان مردها عدم كفاية الاعتراف بالتشعب الثقافي والإثني، فمن الممكن أن تصبح العلاقات الإثنية وغيرها من أشكال تحديد هوية الجماعات مثارا لصراعات عنيفة عندما تُعبأ وتُستغل لهذا الغرض، كذلك لا بد للشعوب أن تمارس مبادئ التسامح واحترام تعدد الثقافات والاستمتاع بوجوده، لقد كانت الخصائص العرقية عاملا حاسم الأثر في صراعات شتى، إذ كانت اللغة والعنصر والدين تستخدم للتفرقة بين الأطراف المتنازعة، وإذا كان الأمر كذلك، فماذا عن الثقافات «السيادية» التي تحاول أن تفرض وجودها باعتبارها الثقافة الأقوى أو الأكثر تميزا، يقول كارلوس فونيتيس: «أثبتت الرأسمالية والاشتراكية عجزها عن إنقاذ أغلبية شعبنا من براثن البؤس، وعلى ذلك فإن السؤال الثقافي هو: هل هناك حل آخر ينبع من داخلنا؟ أليست لدينا من التقاليد والخيال والاحتياطات الفكرية والتنظيمية ما يمكننا من صياغة نماذج إنمائية خاصة بنا تتوافق مع حقيقة ماضينا وحاضرنا وما نصبو إلى الوصول إليه؟». والواقع أن كارلوس فونيتيس لم يطرح السؤال إلا ليجيب عليه الجميع بكلمة واحدة: «نعم»، إن كل أمة لديها من مكنونها الثقافي ما يدفعها إلى صياغة نماذج إنمائية ويحقق لها أهدافها المستقبلية، وما تخلفت الأمم إلا حين عزلت نفسها أو عزلها غيرها عن تنمية خصوصيتها الثقافية أو اضطهاد هذه الخصوصية ووصفها بالتخلف حينا وبالتقوقع حينا آخر، يقول ألفا أوما كوناري: «ما دامت أي حضارة تمارس الإكراه السياسي والفكري والمعنوي على الآخرين استنادا إلى النعم التي حبتها بها الطبيعة وأسبغها عليها التاريخ، فلن يكون هناك أمل في سلام للبشر، ذلك أن إنكار الخصوصيات الثقافية لأي شعب إنما هو إنكار لكرامته»، ولذا نهضت بعض الشعوب على حساب شعوب أخرى، ونتج عن ذلك فوارق ثقافية زرعت في المتقدمين منهم شعور الاستعلاء، وفي المتأخرين عنهم شعور الاضطهاد، بل حاول المتقدم منهم أن يفرض ثقافته باعتبارها الثقافة الأرقى أو الأعلى تارة باسم الاستعمار وتارة أخرى باسم التقدم وثالثة باسم العولمة أو العالمية، وإذا كان الاستعمار قد انتهى بصورته الرسمية والتقدم أصبح متاحا لمن يأخذ بأسبابه، فإن العالمية أو العولمة يفهمها البعض على أنها سيادة لثقافة واحدة يسندها المدفع بيد والمختبر بيد ثانية، ولا مجال لأحد للوقوع في قبضتها، وعلى البشرية أن تستعد لذلك رضيت أم كرهت، بيد أن الفهم الذي تسعى له شعوب العالم يرفض التبعية والخضوع لثقافة الأقوى، وهذا يتطلب أن يكون لكل ثقافة إسهامها الذي يبرز قدراتها الذاتية الإبداعية، فالحضارة بمكوناتها المختلفة ليست سوى إبداعات صنعها الإنسان خلال مسيرته الطويلة، وتراكمت هذه الإبداعات لتكون الموروث الثقافي لأي مجتمع، يسهم به في بناء الحضارة الإنسانية، فالحضارة ليست ملكا لأحد، بل هي حق للبشرية جمعاء.

بين «داعش» ودايتون!!

هل تكون «داعش» أو ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، سبباً في حل المعضلة السورية؟ للإجابة على ذلك تذكروا اتفاق «دايتون» الذي أنهى الحرب في البوسنة والهرسك، فقد بدأ القتل في البوسنة في أبريل...

وجاء دور الإباضية

يبدو أن محرقة الصراعات الطائفية والمذهبية لن تدع أحدا في بلاد العرب والمسلمين، فهذه المحرقة التي تضم تشكيلة من الصراعات التي لم تشهد لها الأمة مثيلا إلا في عصور الانحطاط والتخلف عادت مرة أخرى تقذف...

محاكم التفتيش «الإسلامية»!!

تتوقف ثلاث شاحنات خالية، يتقدم أحدهم حاملا رشاشا بيده، يلتفت إلى الشاشة لتبدو هيئته المتجهمة التي يكاد الشرر يتطاير منها، وتلف وجهه لحية كثة كأنه أراد من هذه الالتفاتة أن يبرز هويته، ثم يتجه إلى...

عندما يصبح الإنسان رقماً!

تعودت أن أتصل به كلما احتجت لحجز تذكرة سفر، كان يبذل أقصى جهده من أجل الحصول على أفضل العروض بأقل الأسعار، وانقطع التواصل معه بعد دخول التكنولوجيا في حجز التذاكر، بل في كل إجراءات السفر،...

خطوة إلى المستقبل.. أيها العرب

ما هو مستقبل العرب؟ سؤال يبدو مشروعا ونحن ندخل عاما جديدا، حيت تتمثل الإجابة في أن الواقع الحالي لا يمثل النموذج الذي يصبو له العرب ولا يتناسب مع معطيات الحاضر، فإذا كان الأمر كذلك فلا...

هل ما زال «خليجنا واحداً»؟!

سيكون عام 2013م من أكثر الأعوام تأثيرا على الخليج العربي، فلأول مرة منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، يشعر الخليجيون أن «خليجهم ليس واحدا»، فقد بدا واضحا حجم الخلافات بين دوله الأعضاء، فعلى الرغم من البيانات...

عام مضى.. عام أتى.. ما الجديد؟!

بعد أيام سندخل عاما جديدا وحالة العالم «لا تسر عدواً ولا صديقاً»، فقد ازداد فارق الفقر بين الدول، كما ازدادت مشكلاتها وحروبها، وتلويثها للبيئة، وقضائها على الطبيعة، وتقسم العالم إلى شرق وغرب وشمال وجنوب، بل...

رمح الأمة

«خلال حياتي نذرت نفسي لكفاح الشعب الإفريقي، لقد كافحت ضد سيطرة البيض وكافحت ضد سيطرة السود واعتززت دوماً بمثال لمجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه كل الناس معاً في انسجام وفرص متساوية، إنه مثال آمل أن...

قمة الكويت.. وتطلعات الخليجيين

بدعوة كريمة من وزارة الإعلام بدولة الكويت الشقيقة، شاركت مع عدد من الزملاء في زيارة الكويت ولقاء بعض المسؤولين الكويتيين، حيث خرجت الكويت من قمة ناحجة هي القمة العربية الإفريقية، وهاهي تحتضن غدا القمة الخليجية...

البلد المجهول!

أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أيام مجلس التعاون في السويد، ذلك البلد المجهول لكثير من سكان المنطقة رغم التواصل المبكر بين العرب والبلاد الإسكندنافية ومن بينها السويد التي وصلها الرحالة السفير ابن فضلان عام...

أيام التعاون في السويد

شهدت العاصمة السويدية –ستوكهولم- خلال الأسبوع الماضي حضورا خليجيا تمثل في أيام مجلس التعاون في السويد، حيث شارك مجموعة من الدبلوماسيين والباحثين والأكاديميين الخليجيين يرأسهم أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في حوار مع نظرائهم السويديين،...

إكسبو

تستعد مدينة دبي بعد غد لتلقي نبأ مهما في مسيرة تطورها، إذ ستقرر اللجنة الخاصة بمعرض إكسبو الدولي، المدينة المؤهلة لاستضافة دورة المعرض المقررة عام 2020، حيث تتنافس أربع مدن على استضافة المعرض، وهي مدينة...