


عدد المقالات 105
ما يجري اليوم بمصر من انقلاب على نتائج صناديق الاقتراع، بغض النظر عن الانتقادات التي وجهت ويمكن توجيهها للرئيس المنقلب عليه ولجماعته، يطرح سؤالا كبيرا: هل تحول الربيع العربي لصيف حارق؟ والجواب نعم، لأنه أحرق أوراق الغرب التي كان يلعب بها في العالم العربي والإسلامي، أحرق ورقة الديمقراطية التي كان يلوح بها دائما وأنه رسول الديمقراطية . ولم تنفع اللغة الخشبية التي تدعو للعودة للمسار الديمقراطي والانتخابي في أقرب وقت، واتضح جليا أنه لا يتعامل مع الديمقراطية على أنها كل لا يتجزأ إما أن نقبلها كاملة أو نتركها كاملة، ولا يمكن الإيمان بها إذا كانت في صالحنا والكفر بها إذا كانت علينا، ولذلك يصفق الغرب لذبح الديمقراطية من الوريد إلى الوريد إذا كانت ستضر بمصالحه الاستراتيجية ولا تخدمها. وهذا ما حصل للأسف بمصر سواء بعزل الرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا في انتخابات لم يطعن فيها أحد، أو بالسكوت الأقرب للمبارك الموافق على حملة الاعتقالات الواسعة لقيادات جماعة الإخوان وإغلاق القنوات «الإسلامية» ومكاتب قناة الجزيرة، وغيرها من الإجراءات التي خالفت ما ورد في بيان الانقلاب، وانقلبت عليه بمجرد الانتهاء من تلاوته، وهذه بالتأكيد رسالة غربية خاطئة ليس لمصر وحدها بل للعالم العربي والإسلامي كله. نعم تحول الربيع العربي لصيف حارق، لأنه أحرق ورقة احترام إرادة الشعوب التي يتغنى بها الغرب، لما سكت سكوتا كالتواطؤ على قتل الشعب السوري طيلة سنتين ويزيد ولا يزال صامتا يتفرج، وكأنه يعطي مهلا إضافية لنظام الأسد لتصفية الشعب السوري، وبين الفينة والأخرى يخرج مسرحية دعم المعارضة، لأن احترام إرادة الشعب السوري وحرية اختياره لمن يقوده بعد أن تنكشف الغمة ويرفع الله عنه البلاء، قد تأتي له بمن لا يخدم مصلحته الاستراتيجية الكبيرة المتعلقة بمحضونته إسرائيل. نعم، تحول الربيع العربي لصيف حارق، لأنه أحرق قناع الغرب وكشف نفاقه واتضح جليا أنه ينظر للعرب والمسلمين على أنهم بشر من درجة ثانية لا يستحقون الديمقراطية والتعبير عن إرادتهم ولم يبلغوا سن الرشد الديمقراطي. نعم، تحول الربيع العربي لصيف حارق، لأنه أحرق ورقة التيار الغالب والجزء الأكبر من العلمانيين والليبراليين والحداثيين بشكل عام، وبات واضحا اليوم في أكثر من بلد، أن الإسلاميين قبلوا بقواعد «اللعبة» الديمقراطية واحتكموا إليها، ولكن «الحداثيين» لم يقبلوها، ولم يستسيغوا مخرجات صناديق الاقتراع، وها هم في مصر يتحالفون مع العسكر ومع الخارج للانقلاب على الصناديق، وما يحكى عن تفاصيل الانقلاب على الرئيس محمد مرسي وعزله يؤكد ذلك، فضلا عن تجارب أخرى كان من يصفون أنفسهم بالعلمانيين سدنة للاستبداد وخدامه، وما بالعهد من قدم في تونس. سيقول قائلون كثر -وقد قالوا- إن الإسلاميين فشلوا وعجزوا عن تلبية طموحات الناس و..، والجواب نعم لأنهم حوصروا وأربكوا بوسائل كثيرة خفيها وعلنيها، وليس لهم تجربة ولا مراس، وأغلبهم كانوا في السجون والمعتقلات والمنفى، لكن قولوا لنا بربكم أيها العلمانيون والحداثيون جدا، ماذا أنجزتم طيلة أكثر من ثلاثة عقود من دعم الاستبداد وحكم الحزب الواحد في مصر وتونس؟ ألم توصلوا بلادكم لحافة الهاوية حتى خرج الناس جميعا لإسقاط من دعمتموهما وقد سقطا؟.. لماذا لا تكونون ديمقراطيين وتقدموا لشعوبكم الحساب والفاتورة.. وتريدون لمن تسلم الحكم ديمقراطيا أن يقدموا الفاتورة على عام وعامين وهم بعد لم ينتهوا من معالجة الإرث الثقيل لمن دعمتموهم وزينتم فعالهم نكاية في الإسلاميين والوطنيين.. وسيقول قائلون كثر -وقد قالوا- إن قياديي جماعة الإخوان المسلمين أخطؤوا، والجواب نعم أخطؤوا وكتب في هذا الكثير، واتبعوا منطق المغالبة لا منطق المشاركة، ولم يطوروا فكرهم السياسي، ولم يستفيدوا من أخطاء «القوميين» والشيوعيين، والحزب «الوطني» ولكن ذلك لا يبرر الانقلاب على الديمقراطية، وكان المطلوب أن الصناديق التي جاءت بمرسي وجماعته هي التي تخرجه من الحكم، وإلا سيتم تكريس منطق جديد لن تعرف معه مصر الاستقرار. ثم إن أسلوب الانقلاب لن يدفع جماعة الإخوان لمراجعة أخطائها ومشروعها وممارسة نقد ذاتي شامل، بل سيشكل رسالة سيئة لباقي الإسلاميين خاصة لمن دخلوا للسياسة قبل عام أو عامين، أن الديمقراطية لا فائدة منها وتبقى الجماعة عند الناس ضحية، خاصة عندما سيتم دعم هذه القناعة وتكريسها من خلال ما جرى من اعتقالات وعنف، والله أعلم بما تخبئه الأيام المقبلة.. نسأل الله اللطف. ومن خلال ما يروج في الإعلام بقوة من أن مخطط الانقلاب على مرسي بدأ منذ تنصيبه من خلال أساليب عرقلة واختلاق الأزمات ورفض أجهزة كاملة داخل الدولة التعاون معه كالشرطة والقضاء، فضلا عن الإعلام الذي حاربه بشراسة، الأمر الذي تعضده تصريحات بالصوت والصورة سواء لرجال مبارك كأحمد شفيق وغيره، أو المفكر الفرنسي برنار ليفي وتسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل سابقا وزعيمة حزب كاديما، وما قيل عن التحالف مع دول خارجية لتنفيذ الانقلاب وعزل مرسي. وعودا على بدء.. إن ما يجري اليوم بمصر، يؤكد أن الربيع العربي ليس حالة مزاجية ستنتهي، بل هو نهاية لعهد وبداية لعهد جديد يصعب معه الرجوع للوراء، ومن يعتقد ذلك فهو واهم لأن الشعوب العربية اكتشفت ذاتها وطاقتها الخلاقة والمبهرة على التغيير والإصلاح بنهج حضاري سلمي، عنوانه الكبير «الميادين» و «الشعب يريد». والتحدي الذي يواجه هذا النهج في مصر اليوم هو ألا يتم الانحراف عنه مهما كان، مما يتطلب تدخل العقلاء والحكماء وبذل جهدهم لدرء الفتنة والخروج بطريقة متوافق عليها من ورطة الانقلاب على الديمقراطية.
«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...
بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...
قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...
«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...
لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...
تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...
«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...
رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...
ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...
تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...
شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...
خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...