الزكاة والتكاتف الاجتماعي

لا يوجد شك حول أهميّة المال في الحياة، وما يحدده المال من نمط معيشي إذ أحيانًا تبدّل المستوى المادي يجعل حياة البشر ونمطهم المعيشي ينقلب بصورة كاملة، وهذا ما حدث فعلاً مع مواطني دول الخليج العربي بعد اكتشاف النفط. إن تفشي الفقر أو ظهور طبقة -ولو كانت بسيطة- تعاني مشاكل مادية في وسط مجتمع مقتدر كمجتمعنا القطري، برأيي ليس هذا الأمر وحسب، ذنبًا أخلاقيًا وفشلاً نسبيًا في الإدارة المالية، ويلزم علينا الشعور بذلك كمجتمع ودولة، بل ما حدث هو أيضًا بسبب ابتعادنا عن فريضة فرضها الله عز وجل وهي «فريضة الزكاة». لا أعلم كيف بوسعنا أن نتنحى عن ما شرّعه الله عز وجل؟ فالزكاة ليست نافلة اختيارية وإنّما فريضة فرضها الله على عباده يجب أن ننتهجها ونقوم بأدائها لئلا تحسب علينا معصية ونحاسب عليها في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون. إن النظام المالي العالمي الحديث الذي يحث على مسألة الضريبة، ويشجّع الدول البترولية على البدء في الضرائب يجهل أو يتغافل «الزكاة»، فالفرق البيّن بين الزكاة والضريبة أن الزكاة ترمز للتكاتف الاجتماعي، حيث يصب المال في جيوب الفقراء والمعوزين الذين يستحقون، بينما الضريبة تتصرف بها الدولة كما تشاء سواءً في عمل المشاريع أو في تغطية عجزها، وعلاوةً على ذلك يُلزم الفقير بدفع الضريبة وهذا يُعد تعبيرًا صارخًا على عدم العدالة الاجتماعية والمالية فكيف يُجبر فقيرًا بالكاد يجد قوت يومه بدفع مال إضافي وهو بأمس الحاجة له؟ إن الناس اليوم يشعرون بضائقة مادية، وأضحى ذلك ملموسًا لدى الطبقة المتوسطة وأكثر وضوحًا لدى الطبقة الفقيرة، وهنالك شعور عام أنه تم فرض ضرائب، ولكن بصورة غير مباشرة حيث تأتي هذه الضرائب برسوم جديدة ورفع قيمة الرسوم القديمة وتأتي بأشكال عديدة، مما ولّد استياء ليس بسبب خسارة الناس مادية بل أيضًا رغبة منهم في أن يُتعامل معهم بوضوح أكبر حول المسائل المادية وعدم استغفالهم. إن مشروع الزكاة كان أحد أولويات أهدافي التي أعلنت عنها إبّان ترشحي بمجلس الشورى، وعلى يقين تام بضرورة فرض الزكاة لما فيها خير واضح ومنفعة تقوي المجتمع وتعزز جذوره وتجعله أكثر تعاضدًا، كما آمل عدم فرض الضريبة واستيرادها من النظام المالي الغربي لكونها أقل عدلاً ومنفعةً من الزكاة.