عدد المقالات 6
لم یكن في تاریخنا المعاصر رمز أكثر قوة وأشد وضوحا لالتقاء الشرق والغرب أكثر من انهیار جدار برلین في نوفمبر ١٩٨٩. وفي أیامنا هذه، وفي حضرة كأس العالم في قطر، ترتسم محطة تاریخیة جدیدة لربط الشرق والغرب وإذابة سنوات الجفاء بین العالمین المتباعدین ثقافة ووجدانا. ففي الدوحة بدت خیوط ضیاء الأمل تلوح في آفاق سماء جدیدة من التاریخ تمتزج فیها حضارتان مع بعضهما البعض. قلنا في مقالات سابقة إن دولة قطر لا تنظم مجرد حدث كروی ولكنه موندیال بأبعاد ثقافیة واجتماعیة وحضاریة، تعلن بدایة النهایة لعصر القطیعة بین ثقافة الغرب والشرق، وتعلن أیضا أن الإنسان العربي قادر على الإبداع والإنجاز والإمتاع والاندماج مع الآخر دون تفریط في هویته. وأثبتت الثقافة العربیة أنها ذات مخزون أخلاقي كبیر لا ینضب، وأیقن العالم بأنه قد یجد ضالته في ذلك المخزون الكبیر، وقد یكون قد وجد بوصلة أخلاقیة ثابتة وواضحة لما هو ینهض بالإنسان كونه روحا ولیس مجرد مادة.. أو كما هو شائع لدى الغرب عديمي المصیر. رأینا مئات المشجعین الأوروبیین واللاتینیين یجوبون مساجد الدوحة لیتعرفوا على الإسلام وقد وجدوه دین رحمة وحب وتآخٍ، یمتلئ بتقبل الآخر واحترام الاختلاف، وهذا بالطبع صورة قد خالفت توقعات المجتمع الغربي الذي عاش سنوات تحت ضغط الآلة الإعلامیة التي تشوه الإسلام والمسلمین وثقافتهم ككل. وجد زوار كأس العالم القطریین ینتظرون المشجعین في الشوارع حول الاستادات وأمام منازلهم بالتمور العربیة والقهوة التي حملت على مدار قرون دلالات العزة العربیة والكرم وإكرام الضیف.. وجدت أطباقهم تنتظر كل من زار قطر باختلاف لونه ولسانه ودینه. وجد المشجعون كذلك الحب في ثقافة الشرق، وهي ثقاقة استقبلتهم لتقول لهم مدوا أیدیكم إلینا لنتعرف على وحدتنا الإنسانیة ونقف معا على ربوات المودة واحترام البشر وتآلف القلوب وتضامنها.. والحب عندنا لیس دعوى یلفظها اللسان ویتصورها الخیال، بل للحب آیات وشهود وشروط وأفعال كما یقول ابن عربي. وبجوار هذا یستمتع الكل في أجواء آمنة جدا، خلال متابعة مباریات وفعالیات وكرنفالات بطولة كأس العالم في قطر، التي بدأت صفحة جدیدة من حیث التنظیم والتقدم التكنولوجي والحضاري. كما حملت البطولة مفاجآت مدویة لتغلب فرق أفریقیا وآسیا على كبار أبطال العالم، وهذا یدل على تطور المنظومة الكرویة ككل حول العالم، ویكفي أن الكامیرون أهانت البرازیل بهدف دون رد، ولن ننسى المباراة التاریخیة التي قدمتها السعودیة فأحرجت بها الأرجنتین، أو المنتخب التونسي الذي دمدم فیه عرش الكرة الفرنسیة.. وحَدِّث ولا حرج عن المغرب وأسوده التي قفزت إلى الأدوار الإقصائیة. كلها شواهد تدل على أن كأس العالم في قطر لیس حدثا عاديا ولكنها بطولة كما قلنا تاریخیة وعصیة على النسیان.
في البداية نهنئ قطر أميرًا وحكومة وشعبًا باليوم الوطني الذي شاءت الأقدار أن يحتفل به العالم ايضًا، وانطلقت شعلة هذه الاحتفالات الكونية من استاد لوسيل الذي احتضن داخل سفينته بالأمس أجمل ختام لأعظم مونديال. اليوم...
درس كبير تعلمناه من مونديال قطر وهو «الحلم» فالحياة من دون احلام تصبح كابوسًا كبيرًا وذلك الدرس قد تعلمناه من الرسائل التي بعثتها للعالم، حيث حملت هذه البطولة من ضمن رسائلها الأساسية، عنوان «الحالمون» نعم...
بصراحة لم أكن راضياً عن بداية المنتخب المغربي أمام إسبانيا، وكانت الشكوك قد بدأت تتسلل إلى نفسي، فهممت مباشرة بعد نهاية الشوط الأول لأسأل أستاذنا الإعلامي الكبير سعد الرميحي عن هذا المستوى الذي يقدمه المغرب...
ما زال كأس العالم العالم في قطر يقلب موازين اللعبة ومفاهيم كرة القدم، فبالأمس تحقق انتصار عربي جديد بفوز المغرب على المنتخب البلجيكي وهو من ضمن الفرق القوية المرشحة للوصول للأدوار النهائية، ولكن الأسد الأطلسي...
مثلما قلبت نسخة كأس العالم ٢٠٢٢ في قطر موازين القوى الكبرى في كرة القدم، كذلك فعلت مع موازين القوى الثقافية في العالم، فدائمًا ما نقول إن الكرة ليست مجرد لعبة، ولكنها درس كبير للحياة، وما...