


عدد المقالات 105
محطتان رئيسيتان أفزعت التيار العلماني بمصر، الأولى محطة الاستفتاء على التعديلات الدستورية والتصويت عليها بنعم، والثانية جمعة «لم الشمل» يوم 29/7/2011، لأنهما أبانتا عن قوة حضور التيار الإسلامي بكل تشكيلاته بالشارع المصري، بشكل أظهر أقلية ونخبوية التيار العلماني بكل حساسياته. وإذا كان الحسم في محطة الاستفتاء تم بتجاوب المصريين المشاركين مع وجهة النظر التي دافعت عن «نعم» وهو حسم ديمقراطي عبرت عنه صناديق الاقتراع، فإن المحطة الثانية كانت بنزول الإسلاميين لميدان التحرير لتوجيه رسائل للداخل والخارج. والسؤال المطروح: هل كانت تلك الرسائل في وقتها وبطريقة سليمة وبمضامين معقولة؟ أم أنها أرسلت دون اعتبار لمآلاتها؟ واضح جدا أن الإسلاميين الذي نزلوا لميدان التحرير لم يتفقوا إلا على الخروج دون اتفاق على شعارات وأهداف، فما اتفق صدفة فبه ونعمت، وما اختلف فهو تعبير عن واقع الحال من حيث اختلاف مكونات الإسلاميين وتنظيماتهم لدرجة التناقض، فمنهم من يؤمن بالعمل السياسي والمنظم وشارك بالثورة منذ بدايتها كجماعة الإخوان المسلمين، ومنهم من كان يكفر بالعمل السياسي ويعتبره ملهاة ومسرحية، ويرى الديمقراطية بدعة ومنتوجا غربيا و..، ولم يشارك في الثورة ولم يثمنها إلا بعدما نجحت في إسقاط حكم حسني مبارك، فقلبت أفكارهم وهزت تصوراتهم فسارعوا لتأسيس أحزاب سياسية، وهؤلاء يصنفون ضمن تيار السلفيين بتنوع حساسياتهم. لكن هذا الاختلاف لم يحل دون تشابه بعض رسائلهم للداخل دون اتفاق مسبق من قبيل: - أنهم قوة سياسية في البلاد لها شعبيتها، ولم تعد قابلة بقواعد اللعبة القديمة والسكوت على استفراد العلمانيين والليبراليين بشكل عام بتحديد وفرض التوجهات السياسية للبلاد، من قبيل المطالبة بتأجيل الانتخابات ووضع الدستور أولا، بما يعني الانقلاب على نتائج الاستفتاء المذكور والاستهتار بأصوات وإرادة ملايين المصريين. - أنهم يعون جيدا أن العلمانيين تيار نخبوي وظاهرة إعلامية أكثر منه تيارا مجتمعيا، اعتمد وجوده على نفوذ رموزه وسط المؤسسات الإعلامية بمختلف وسائلها، بتحالف مع النظام السابق والقبول بالفتات الذي كان يرمي لهم به لمواجهة الإسلاميين وتحديدا جماعة الإخوان، التي اختارت أن تتدافع معهم منذ سنوات بالوسائل السلمية والديمقراطية والعمل المؤسساتي. - أن على المجلس العسكري أن يعي هذه الحقيقة ولا يقفز عليها، والاستمرار في التعامل معهم (الإسلاميين) بنفس منهجية حكم مبارك من خلال تجاهلهم واختيار الوزراء من العلمانيين من الليبراليين واليساريين، كما حصل في تشكيل الحكومتين الأخيرتين، وكأن شيئا لم يتغير في البلد، ومن خلال ميل المجلس لقبول طلبات العلمانيين خاصة ما يعرف بـ «الضوابط الحاكمة أو المبادئ فوق الدستورية»، ضد قواعد اللعبة الديمقراطية من حيث حق الشعب المصري في إبداء رأيه في تلك الضوابط التي اقترحتها أقلية لا تمثله ولم تناقشها معه، وكأنه لم يقم بثورة بل كان يسجل فقط فيلما عنها يقدم في رمضان. وبغض النظر عن الاختلاف في تقييم أهمية هذه الرسائل، فإن الطريقة التي أرسلت بها شوشت عليها، خاصة من طرف تيارات «سلفية» اختارت رفع شعارات اعتبرت بمثابة برنامجها للمرحلة المقبلة، من قبيل شعار «تطبيق الشريعة»، الأمر الذي زاد من جهة من فزع التيار العلماني بشكل عام (ليبراليين ويساريين وغيرهم) وأعطاه من جهة أخرى مبررا يذكي تخوفه من مشاركة الإسلاميين في الحكم وتعميم الحكم بوضع الجميع في سلة واحدة، واكتساب أصوات جزء من المصريين الأقباط، وهذا يطرح تحديا كبيرا أمام جماعة الإخوان المسلمين من حيث وضوح رؤيتها وخطابها وتميزه في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد، إذ لا يمكنها بدعوى الحرص على وحدة الصف الإسلامي السكوت على الرسائل الخاطئة للمجتمع المحلي والدولي والتي تضر البلاد والعباد! خاصة أن خصوم الإسلاميين المعتدلين والوسطيين، من العلمانيين ومن يدعمهم من الخارج ينتظرون زلاتهم ويتصيدون أخطاءهم ليقولوا لهم إنهم إقصائيون، ويريدون الهيمنة على الحكم والسلطة وما إلى ذلك، رغم أن واقع الحال يشهد العكس ولكن بطريقة الثعابين. أما الإسلاميون الذين دخلوا العمل السياسي عقب الثورة بعد مرحلة جفاء بل وعداء، فيسهل استفزازهم وإيقاعهم في الأخطاء وإظهارهم بأنهم والديمقراطية نقيض، بدليل أنه ما كادت تظاهرات جمعة «لم الشمل» تنفض حتى خرجت تقارير إعلامية في الغرب وتحاليل من قبيل تقرير لـ «واشنطن تايمز» يتحدث عن احتكار الإسلاميين لميدان التحرير واختطاف الجمعة ضدا على شعارها، وإهانة المخالفين في الرأي، وأن أهم حليف عربي لأميركا (مصر) بصدد التحول بعد سقوط مبارك لدولة إسلامية وتطبيق الشريعة، بما يعني أن مفعول رسائل الحضور القوي للتيار الإسلامي بميدان التحرير -الذي اعتبر استعراضا للعضلات- ورفع بعض الشعارات على مستوى الداخل، كان معاكسا لمفعولها على مستوى الخارج. سيقال بأن العلمانيين مارسوا بلطجتهم الإعلامية المعهودة من تضخيم الأخطاء وممارسة التضليل والافتراء، لكن هذا لا يمنع من الاعتراف بوقوع أخطاء وعدم تقدير أبعاد سلوكات معينة ورفع شعارات معينة، وعدم النظر لمآلاتها. إن عدم وضوح رؤية الإسلاميين بشكل عام والإخوان بشكل خاص، وعدم واقعية برنامجهم السياسي ومراعاته لطبيعة الظرفية التاريخية والمحيط الإقليمي والدولي وإكراهاته، وعدم التعامل بحكمة مع حربائية العلمانيين والوعي بمطباتهم وفخاخهم وتفاديها، والتخلي عن الطهرانية السياسية والزعم باحتكار الصواب والحق والحقيقة، سيمنحهم الفرصة التي ينتظرونها بفارغ الصبر، وهي أن تكون لتصوراتهم الكلمة في رسم مستقبل مصر، بالتحالف مع العسكر وقبول تمديد عمر المجلس العسكري لفترة زمنية قد تكون سنة أو أكثر، بشكل يسمح لهم بالاستعداد للانتخابات بالشكل الذي يخدمهم من خلال الدفع بقوانين تجعل النتائج على المقاس أو ما شابه ذلك، لأن العلمانيين يعرفون يقينا أن انتخابات ديمقراطية وشفافة ليست في صالحهم. ولأن الغرب في عمومه متخوف من الإسلاميين ومتوجس من مشاركتهم في السلطة بمصر تحديدا، فإنه قد يبارك هذا السيناريو والمسار ويغض الطرف على اختطاف العلمانيين ثورة المصريين، لأنه أضمن لمصلحته الاستراتيجية في المنطقة.
«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...
بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...
قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...
«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...
لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...
تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...
«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...
رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...
ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...
تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...
شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...
خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...