باب جامعة قطر المغلق

يوم أمس الاثنين ذهبت إلى جامعة قطر لتسجيل ابني في تخصص القانون، حيث إنه نجح في الثانوية العامة وبتقدير %80، وصعقت من كثرة الاشتراطات والعقبات الموضوعة أمام من يريد إكمال دراسته الجامعية في جامعته الوطنية الوحيدة.. فعلى سبيل المثال يجب عليك إذا أردت التخصص في مجال القانون والحصول على الليسانس فيه أن تجتاز البرنامج التأسيسي الذي يتكون من مقررات في اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي والرياضيات، وكل هذه المقررات بدون ساعات مكتسبة، وقد تستغرق من عمر الطالب سنتين دراسيتين، وهي تشتمل في تخصص القانون مثلاً على رياضيات 001، أو «أي سي تي» بمعدل 19 أو أكثر، أو «سات» بمعدل 460 أو أكثر.. وفي الحاسب الآلي يجب أن يجتاز الطالب الملتحق بتخصص القانون مادة الحاسب الآلي بمستوى 2، أو «أي سي 3» بمعدل 2350 أو أكثر.. أما في اللغة الإنجليزية وهي الطامة الكبرى أمام طموح الطلبة للحصول على المؤهل الدراسي الجامعي فيجب أن ينجح في أربعة مقررات في اللغة الإنجليزية تستغرق من حياته الجامعية أربعة فصول دراسية بدون ساعات مكتسبة.. وليت الأمر انتهى عند عتبة هذه الاشتراطات أو العقبات، وإنما الطامة الكبرى أن نجاحك في مقررات اللغة الإنجليزية الأربعة لن تعفيك من شرط الحصول على التويفل أو الآيلس ولو بنسبة أقل ممن لم يجتز تلك المقررات.. مما يعني ضياع عمرك في البرنامج التأسيسي الذي قد يستغرق أربعة فصول، ومع ذلك لن تستطيع تكملة دراستك الجامعية إذا لم تجتز امتحان التويفل أو الآيلس بالنسبة المخفضة، وهي 45 في التويفل أو 5 في الآيلس.. أنا أستغرب أن توضع هذه الشروط التعجيزية أمام الطلبة وفي الجامعة الوطنية الوحيدة، وبذلك يقفل أمامهم باب الخيارات، وتحرم أعداد كبيرة منهم من فرصة التعليم الجامعي.. والأمر المستغرب أن هذه الاشتراطات خصوصا في مقررات اللغة الإنجليزية بما فيها الحصول على التويفل أو الآيلس مفروضة على جميع طلبة الجامعة باختلاف تخصصاتهم سواء كانت علمية أو أدبية حتى تخصص التاريخ لم يسلم منها ولم يعف من ذلك إلا طلبة كلية الشريعة.. أنا أرى أن هذه الاشتراطات والعقبات أصبحت هاجساً يقض مضاجع أولياء أمور الطلبة، ويحبط طموحات الطلبة أنفسهم في الحصول على الشهادة الجامعية، وأكبر دليل على ذلك كثرة من توجه منهم إلى العمل في القطاع الحكومي بالثانوية العامة مع أن نسبهم وتقديراتهم في الثانوية العامة مرتفعة، فمن هو الملام الأول في ذلك؟ ومن تعلق في رقبته الأجراس بسبب هذا العزوف عن الدراسة الجامعية والتسرب منها؟ الأمر جداً مهم، ويجب على الحكومة التدخل لإصلاح ما يمكن إصلاحه أو على الأقل توفير البديل أمام هؤلاء الطلبة لاستكمال دراستهم الجامعية وإيجاد الحلول لهذه الإشكالية التي أصبحت تزعج كل البيوت القطرية وتجلب الهم لكل ولي أمر يطمح في أن يرى ابنه أو بنته وهم يحملون لقباً جامعياً ويرفعون شهادة التعليم العالي.. إن كثرة الحديث عن سلبيات التعليم سواء منه الجامعي أو ما دون الجامعي يستدعي أن تقوم الحكومة بدورها في معرفة هذه السلبيات، ومن ثم معالجتها وأن لا تترك الاعوجاج كما هو حتى لا تزيد وتيرة التذمر من التعليم ومن القيادات القائمة عليه.. لأن هذا التذمر وتلك السلبيات أصبحت حديث المجالس هذا أولاً.. وثانياً لأن السكوت عن ذلك سوف يزيد من وتيرة الهروب الجماعي من التعليم الجامعي لأن التقليل من نتيجة هذه الاشتراطات والعقبات على مستقبل الاستمرار في الدراسة الجامعية أصبح هماً يحمله كل طالب على عاتقه عند الذهاب للتسجيل في جامعة قطر.. لكل ذلك لنترك عنا شعار العزة بالإثم ولنراجع هذه العقبات والشروط ومدى تسببها في إهدار حق التعليم وتفريغه من مضمونه حتى لا يستمر باب جامعة قطر مغلقاً في وجه أبناء وبنات قطر.. خصوصاً ونحن لا نملك إلا جامعة وطنية واحدة، مع أن دول الجوار لديها من الجامعات الكثير والكثير وأمام طلبتها أكثر من خيار.. فهلا تعلمنا من الآخرين ما ينفع الطلبة ويفتح لهم الأبواب للولوج إلى عالم الدراسة الجامعية الممتع.. وزبدة الكلام وآخر القول أن طلبة قطر يريدون إسقاط نظام التويفل أو على الأقل الحد من خطورته على مستقبلهم التعليمي.. والسلام