


عدد المقالات 269
يعيش العالم العربي هذه الأيام حالة من الاستقطاب الشديد، حيث ينقسم مواطنو العديد من الدول العربية إلى معسكرات في مواجهة مباشرة على ساحة المشاركة الشعبية، المشاركة والمقاطعة في الكويت، مؤيدي ومعارضي الإعلان الدستوري في مصر، المتظاهرون والمؤسسة الملكية في الأردن، والعديد غيرهم يمثلون انقساما تاريخيا شكله الربيع العربي بين أولئك الذين يريدون عالما عربيا جديدا وأولئك الذين يتشبثون بالقديم ويعضون عليه بالنواجذ. يدور الصراع بين هذه الأطراف حول شرعية نظام الحكم وتمثيله لرغبة الشارع وحق هذا الأخير في التشريع وتطبيق الشريعة. تشابهت هذه الكلمات شكلا ومصدرا لكن لكل منها أهمية خاصة في صياغة مستقبل عالمنا العربي. الشرعية تستخدم من قبل مختلف الأطراف للدلالة على الأحقية في الحكم، فالحاكم يعتبر معارضيه خارجين على الشرعية، والمعارضة تعتبر الحاكم فاقدا للشرعية، والحقيقة هي أنه لا يوجد تعريف محدد لما تعنيه هذه الشرعية، ولكن الذي يفهم من السياق هو أن أي نظام حكم يضمن توافق غالبية شعبية عليه يكتسب تلقائيا الشرعية ولا يعني ذلك بالضرورة أن يكون الحاكم في هذا النظام ذا شعبية عالية، فقد يتفق غالبية الشعب في لحظة ما على عدم أهلية الحاكم بشخصه، ولكنهم في الوقت ذاته يؤمنون بحقه في الحكم حيث وصل إلى الحكم عبر آلية شرعية متوافق عليها. الشارع في لغتنا اليوم يرمز إلى تلك الجموع التي خرجت إلى الشوارع والميادين مطالبة بحقوقها، ولكن اللفظ أعم، فهو يرمز إلى الشعب ككل: القاعد فيه والقائم، المؤيد فيه والمعارض، فحتى عدم الخروج والسلبية رأي سياسي له أبعاده ولا يجب أن يحكم عليه بأنه تخلٍّ عن الحقوق. ذلك الذي اتخذ قرارا بعدم المشاركة في دعم معسكر دون آخر هو يقول بصريح العبارة إن الطرفين لا يمثلانه، وفي دراسات الانتخابات تعامل ظاهرة السلبية كمؤشر يتم من خلاله تقييم أداء القوى السياسية وعلى قوى المعارضة التي تنطلق اليوم في الشوارع منادية بالحقوق التعرف على الأسباب التي دعت أولئك الذين التزموا بيوتهم إلى عدم الانضمام إلى الشارع. التشريع والسلطة التشريعية هما أساس النظام الديمقراطي، الديمقراطية تقوم على مجتمع يحكمه قانون يساهم أبناؤه في صياغته. إذا كان التشريع بيد الحاكم أو من يمثله فحسب فذلك يجعل التشريع غير ذي قيمة لأنه سيعكس تلقائيا رغبات ومصالح الفئة الحاكمة ولن يجد فيه المواطن العادي أداة يقارع بها الدولة حينما يتعرض حقه لانتقاص. ولما كان التشريع على هذه الدرجة من الأهمية كان لا بد أن يكون له قواعد لا يخرج عليها، ومن هنا نشأت الحاجة لوجود الدساتير وهي القواعد الرئيسية التي تلزم المشرع ولا يمكنه الخروج عليها، فالقانون الذي يعارض مادة دستورية يسقط، فالأعلى سيد الأدنى في القانون. حتى يكون القانون حكما لا بد أن يكون التوافق عليه كبيرا، وهذا لا يتم إلا من خلال دستور تتم صياغته بشكل يحقق رغبة الأكثرية بينما يحمي حقوق الأقلية. ويعتمد الدستور عادة بعد استفتاء شعبي حر يضمن تأييدا شعبيا عاليا لما ورد فيه. الشريعة وتطبيقها شعار معظم الأحزاب والجماعات الإسلامية، ويبدو أحيانا أن صراع هذه الحركات الإسلامية مع السلطة هو بين من يريد تطبيق الشريعة ومن يريد إعاقة تطبيقها، ولكن قلما نسأل السؤال المهم حول ماهية هذه الشريعة، كمسلمين نحتكم بطبيعة الحال إلى شريعة الله إذا خُيّرنا، لكن تطبيق هذه الشريعة ليس مسألة اتفاق، فهل تطبيق الشريعة يعني مجرد إقامة الحدود الشرعية أم يعني أكثر من ذلك؟ الشريعة فيما يتعلق بإدارة الشؤون العامة هي مجموعة من المبادئ مثل العدل والشورى إذا توفرت في أي نظام كان هذا النظام شرعيا، ولا شك أن الأمور التفصيلية في الأحكام الشرعية هي كذلك مهمة، ولكن الأصل هو هذه المبادئ الذهبية، العدل والشورى، فأي نظام لا يقيم العدل ولا يشارك الناس في اتخاذ القرار فيه بشكل أو بآخر هو بطبيعة الحال نظام غير شرعي وإن أقام الحدود وبنى المساجد. لا يتصور أن يقبل ربنا جل وعلا بأي شكل من أشكال الحكم يتعرض فيه عباد الله للظلم عمدا وينتفع منه القلة الفاسدة، فعلى من يسوّق لشعارات حكم الشريعة أن يعي أن المطلب الرئيسي هو العدالة ونظام يحمي هذه العدالة وبقية التفاصيل من الممكن النقاش حولها لنصل للتطبيق الكامل خلال آلية لا تظلم أحدا. الشرعية والتشريع والشارع والشريعة أدوات الانتقال إلى العالم العربي الجديد، وكلنا أمل أن يكون هذا الانتقال سريعا وناجحا، وأن لا نعود بعد سنوات إلى الشوارع لنجد المطالبين بحقوق التشريع والشريعة يشرعون للخروج من جديد لإطاحة أنظمة فقدت شرعيتها.
منذ عام 2006 بدأت في مجال التحليل السياسي، من خلال صفحات الجرائد المحلية المختلفة، ومنذ ذلك الحين التزمت بمقال أسبوعي يركز غالباً على التعليق على الأحداث الراهنة، أو مناقشة موضوع سياسي عام، مرت هذه التجربة...
بنجاح أكبر من الذي توقعته استطلاعات الرأي، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، ليقطع الطريق على من أراد أن يشكك في استمرار شعبيته في بلاده. وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والتلاعب...
مذ عرّفني أحد الأصدقاء على قصيدة تميم البرغوثي عن القدس، دأبت على الاستماع إليها بين الفينة والأخرى، لا شك لجمالها أولاً، ولكن كذلك لأنها تنقلني إلى حالة شعورية مختلفة حول المدينة القديمة، أشعر وكأنني أمشي...
في الإنجليزية، إذا أردت أن تصف أشخاصاً يتقاتلون بطريقة صبيانية، فبإمكانك استخدام مصطلح «أطفال بألعاب»، في إشارة إلى أن أولئك الذين تتحدث عنهم يتصرفون كأطفال يتنازعون ألعاباً لا كأشخاص ناضجين.. العالم اليوم يكثر فيه من...
ستة أشهر كانت كفيلة ببث روح جديدة في الجسد القطري بعثها التحدي الأكبر الذي واجه البلاد في تاريخها، في هذه الأشهر الستة انطلقت قطر نحو المستقبل بخطى ثابتة والتحم الشعبي مع الرسمي لرسم لوحة مشرقة...
آلة السياسة في واشنطن شديدة التعقيد، من حيث التركيب والأنظمة، فنظام التوازن والرقابة الذي يعطي كل سلطة صلاحية رقابية على الأخرى، ويجعل الصلاحيات متوازنة بينها، أورث نظاماً معقداً، ولكنه يعمل بكفاءة عالية، هذا النظام تعرّض...
أثارت كوريا الشمالية الرعب في محيطها الإقليمي والعالم أجمع بتصعيد تجاربها النووية والصاروخية، وحسب الخبراء العسكريين يمكن أن تصبح قريباً «الدولة المارقة»، كما يسميها ترمب، قادرة على تركيب رأس نووي على صاروخ متجه إلى الساحل...
الأنشطة الثقافية للمؤسسات الخيرية هنا في قطر كانت وما زالت أكثر قدرة على جذب الجماهير من مثيلاتها الرسمية، ويعود ذلك لمجموعة من الأسباب، أهمها الطبيعة التطوعية لهذه الأنشطة، وما يحققه ذلك من إبداع ومرونة وحماس،...
حطت طائرة الرئيس الأميركي على أرض فلسطين ليكون أول مؤتمر صحافي له بجوار طائرته مناسبة جديدة يذكر فيها بالتزامه التام بأمن الكيان الصهيوني، بعد أن أمضى الأيام الماضية في التأكيد على رؤيته حيال «الإرهاب الإسلامي»...
الثورة الاقتصادية الصينية التي دفعت بالصين من دولة مقسمة محتلة إلى أحد أقوى اقتصادات العالم استفادت بشكل كبير من المبدأ الذي وضعه باني نهضة الصين الاقتصادية الحديثة شياوبنج وهو رئيس الصين الثاني بعد ماو تسي...
احتفل قطاع كبير من الفرنسيين، ومعهم المعتدلون في أوروبا، والعالم الغربي بخسارة لوبين، وفوز ماكرون خلال الأيام الماضية، متجاوزين تهديداً آخر من اليمين المتطرف الأوروبي، وبذلك تتبدد أحلام اليمين المتطرف في القارة العجوز في أن...
خلال الشهور القليلة الماضية تغيرت الأوضاع في قطبين من أهم الأقطاب السياسية في المنطقة بشكل كامل، خلال الأعوام الماضية بدا أن النظام الإيراني يحكم قبضته على محيطه الداخلي والخارجي، وفي مقابل ذلك بدا أن الإدارة...