


عدد المقالات 7
دخل أستاذ جامعي على طلابه في إحدى الكليات وهو يحمل لوحة فنية جميلة. فسأل الطلاب عن هوية المرسوم فتبين لهم أنها دراجة هوائية. ثم أخفاها عنهم إلا واحدا. وطلب منه أن يرسم تلك الدراجة نقلا من اللوحة الفنية الأصلية، على أن يرسم الطالب الآخر نقلا عن الطالب الأول والثالث يرسم نقلا عن الثاني. وهكذا حتى وصل إلى الطالب رقم250. فأخرج لوحة الطالب الأخير فسأل الطلاب: ما هذه الصورة، فاندهش الجميع حينما تحولت الدراجة الهوائية إلى امرأة تحلب بقرة هولندية. حينها وقف الأستاذ وقال: وهكذا يا أبنائي الشائعة تبدأ بدراجة هوائية وتنتهي بامرأة تحلب بقرة هولندية! قصة حقيقية نقلا عن أحد الأصدقاء في إحدى الجامعات الأردنية، والتي توحي بالقدرة الهائلة لمخيلة الإنسان. وعمق الأثر الذي تصنعه عندما يهمل المرء مبدأ الإتقان والتثبت قبل نقل أو نشر أو حتى رسم أي معلومة. والتعامل مع تلك المعلومة يعتمد بشكل كبير على قيم الناقل ودقته والحالة التي يعيشها لحظة استقبال تلك المعلومة. وعليه فهو بذلك إما أن يكون أرضا خصبة أو صفوانا صلدا لا يوسع مجالا لزرع الشائعة. يعرف الشائعة كل من جولدن البورت وليوبوستمان في كتابهما «سيكولوجية الشائعة» بأن الشائعة: «اصطلاح يطلق على رأي موضوعي معين مطروح كي يؤمن به من يسمعه. وهي تنتقل عادة من شخص إلى آخر عن طريق الكلمة الشفهية دون أن يتطلب ذلك مستوى من البرهان أو الدليل. على أنه كثيرا ما تنتقل الشائعة عن طريق: الصحافة أو الإذاعة أو أجهزه الإعلام الأخرى. وهي تتسم بصفة التناقض». تتعدد منابع الشائعات، فمنها التعبيرية والتي يعبر فيها الأفراد عن أنفسهم ومدى شعورهم تجاه الآخرين، وهم بذلك يعبرون عن أمنياتهم وأحلامهم عبر إطلاق قول أو تخيل أمر. والشائعة التفسيرية وهي شائعة متضمنة تفسيرات خاطئة ولوما للنفس، وتحدث عندما يواجه المرء حدثا أو خبرا مفاجئا. والتبريرية والتي تصدر عن طريق مصدر معلوم يصدر قرارا للجمهور -رئيس دولة أو شركة- وبعده مباشرة يصدر شائعات للسيطرة على الرأي العام ويحاول بهذا تبرير أسباب هذا القرار وأنه ناتج عن حكمة ورشد. والشائعات التدميرية لتدمير صورة شخصية معينة أو جماعة أو حتى فكرة بقسوة بالغة من أجل مصلحة حكومة أوجهات أخرى، كما تقوم بها بعض الحكومات العربية لتشويه الجماعات الإسلامية والديمقراطية. والشائعات العلاجية لعلاج الإحباط واليأس بتمرير أخبار وهمية ولكنها محببة للنفوس مثل الصحة والمال والحوافز وإطلاق الحريات وغيرها. وشائعات التخويف فتنشر الخوف والقلق والتوتر بل واليأس أحيانا بين أفراد المجتمع كما هو حاصل أثناء وعقب ثورات الربيع العربي. والشائعات العدائية لبث الكراهية والتفرقة والطائفية وتحويل الولاءات وإفساد العلاقة ما بين الأشخاص والجماعات والدول كما قامت به قوات الاحتلال الأميركي في العراق وتقوم به الحكومة الإيرانية الآن في العراق وسوريا. وأشكال الشائعات من حيث الزمن مختلفة، فمنها الزاحفة التي تنتشر في المجتمع ببطء، والعنيفة التي تنتشر بسرعة هائلة وعادة ما تكون قاسية، والغائصة التي تنتشر فترة من الزمن ثم تغيب وقد تعود مرة أخرى وفقا لحاجتها. وتختلف الشائعات من حيث الموضوع، فمنها الاجتماعية وهي منتشرة بكثرة في المجتمعات غير المثقفة أو الأمّية، والسياسية التي تهتم بالسياسة، ومنها الاقتصادية للتأثير على حالة اقتصادية ما، والعسكرية التي تتناول الجانب العسكري. على صعيد آخر تتلخص أهداف الشائعة في بث الكراهية بين أفراد المجتمع وإثارة النعرات الطائفية أو الحزبية أو القبلية، وإثارة الخوف في المجتمع، وخلق حالة من البلبلة والحيرة والقلق، وتدمير معنويات الشعب والقيادة، وتشكيك القيادة السياسية بالشعب والشعب بالقيادة، وزعزعة العلاقات الدولية الثنائية. من ناحية ثانية، فإن أهم أسباب انتشار الشائعة قد يكون ناتجا عن غموض الخبر، ودرجة أهمية الخبر، ووقت انتشار الخبر، ومستوى وعي وثقافة المجتمع، والحالة النفسية للشخص مستقبل المعلومة، ومستوى الانتماء للوطن. في هذا السياق لا بد من الاعتراف بمدى تأثير الشائعة على الرأي العام، ولذا فإن الشخص الذي يجري وراء الشائعات ويصدقها قد يحمل بين طياته موطن الخطر، لذا يجب أن يحسن الظن أولا فيمن توجه ضده الشائعة ولا يصدق كل ما يسمع، وأن يطلب البرهان ويتيقن من كل شائعة يسمعها، وألا يتحدث بكل ما يسمع، وأن يركن لمصدر مختص ذي ثقة لتصديق أو نفي الشائعة، وأن يبدع في استخدام مهارات التحليل المنطقي للخبر المسموع أو المرئي. ومن المهم كذلك أن تبقى القيادات السياسية على اتصال دائم مع المجتمع لبناء حالة من الثقة وتخفيف التوتر، وتأهيل أفراد المجتمع على التعامل الهادئ مع الإشاعة وإدراك عواقبها، هذا إن لم تكن السلطة هي مصدر الشائعة! ولا يحسبن أحد أنه منزه عن نار الشائعة. وحتى سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم لم تخطئه عين الشائعة في شخصه ودعوته وفكره وحتى أهله أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك. وتجرعتها العذراء مريم عليها السلام وهي تهز إليها بجذع النخلة ليداوي بعضا من ألمها رطب جني. وأبينا آدم عليه السلام صدّق شائعة الشيطان فنزل بنا إلى البسيطة. والشائعة بهذا إما أن تسبغ على من قيلت في حقه كثيرا من التأييد والمجد نتيجة قوة موقفه وحكمته في التعامل مع أثرها، أو قد تقضي عليه وتاريخه إن لم يسانده حق. ويعطي حكمته وصبره حجما من المساحة. من المفارقات أن الحكومات خاصة حكوماتنا العربية استفادت من نفوذ الشائعات في التأثير على توجهات الرأي العام، خاصة في أثناء وأعقاب ثورات الربيع العربي. ففي ذروة انتفاضة الشعوب العربية مثال مصر وتونس وليبيا روجت السلطات شائعات تخويف الشعب من عواقب إزالة النظام، فمرة بحصول حرب طائفية، ومرة أخرى باكتشاف خلايا أجنبية تحرك الثورات، أو أن زوال النظام يعني انتقال السلطة لكف عفريت لا يرحم. وأنظمة أخرى تبذل الغالي والرخيص لتحصين شعوبها من انتقال عدوى الربيع العربي عبر بث شائعات فشل الثورات من خلال اختلال الأمن والاقتصاد، وأن من يتصدر ثورات الربيع العربي جماعات إسلامية خاصة الإخوان المسلمين تحتضنهم صناعة أميركية محكمة لتفتيت الدول العربية وتمزيقها! المثير للعجب أن هذه الأمواج المرسلة من الشائعات ضد بعض الأشخاص أو الجماعات أو أفكار معينة أو حتى في الوسط الفني يؤدي أحيانا إلى مردود عكسي ليس في صالح مصدر الشائعة، كما حصل في إشاعة «بوش» وهي ربط الإرهاب بالإسلام، فكان المردود أن أصبح الإسلام أسرع دين ينتشر في أميركا. وشائعة تشويه صورة الإسلاميين عبر بعض أجهزة الأمن العربية، وها هم يكتسحون صناديق انتخابات دول ثورات الربيع العربي. وحتى في الوسط الفني أدت بعض الشائعات إلى بروز نجم بعض الفنانين وانتشارهم جماهيريا على عكس المستهدف. وخلاصة ذلك يقودني إلى القول إن الإشاعة مثل الرصاصة الطائشة لا تعرف مصدرها. ومن فهم معانيها يقينا لن يلتفت كثيرا إليها وستقوده خطواته المدروسة إلى الأمام، حيث الجهد والبناء وتخطيط المستقبل. وحينها فقط لن يلتفت حتى إلى عنوان مقالي «القذافي حي» فحسبها شائعة وسيغنيه ما حواه المقال. ولكن إن غالبك فضولك أنت فسأجيب بأني قصدت القذافي الابن سيف الإسلام وليس الأب فهو في عالم الأموات! وبهذا نجوت من ذنب الشائعة إن كان لي في حسن ظنك نصيب.
وقّعتُ على بلاغ في إحدى دول الربيع العربي ضد أحد رجال الرئيس المخلوع حيث كان وزيرا للطيران في حكومة سابقة، ثم أصبح رئيسا للحكومة بقرار من الرئيس المخلوع لإرضاء الثورة، ويتهمه البلاغ بتهريب أموال الفاسدين...
يحكى أن حمارا وقع في بئر عميقة فنادى على صاحبه طالبا النجدة، أتى إليه صاحبه فلما رآه في غيابة الجبّ أعرض ونأى بجانبه، وقرر أن يدع الحمار وشأنه فهو حمار عجوز وعلى كل حال فالبئر...
محكوم علينا فيما يبدو أن نظل ندور في نظام عالمي لا يعترف بحقوق غير حق القوة. ومحكوم علينا كذلك أن نعيش في نظام عربي فاشل في علاج قضايا أمته. ويجب علينا حينها ونحن نعاصر المشهد...
لا أحد منا كعرب يجرؤ أن يعتكف بعيدا عما يجري في عالمه العربي شرقا وغربا شمالا وجنوبا، وبخاصة عن عمق عربي نابض وهو أرض الكنانة مصر الثورة. حيث سطرت أجمل بطولات ومعاني الثورات العربية إزاء...
وقعت عيني على لقاء صحافي مع الشيخ أنس سويد الذي اشتهر بشيخ باب السباع بمدينة حمص المحاصرة، حيث تطرق الخبر حول اللقاء الذي تم بينه والرئيس بشار الأسد، وأهم ما جاء في اللقاء ما يلي:...
لا أخفي شعورا بالإعجاب بفكر العلامة الإمام أبوحامد الغزالي رحمه الله في كتابه المميز «إحياء علوم الدين»، ومما ألهب إعجابي تعليقه على العلم مفرّقا بين دور الشمس ودور الشمعة، فقال -رحمه الله- حينما عرّج على...