


عدد المقالات 105
لم يسبق أن عرفت الإنسانية حركة تغيير عابرة للدول وربما القارات وبسرعة كريح عاتية، كالتي عرفتها المنطقة العربية مؤخرا، انطلقت من تونس ثم مصر حيث أسقطت النظام الحاكم، في الوقت الذي كان الكثيرون يستبعدون حدوث ذلك، وتفاجؤوا بسرعة السقوط. وما لبثت رياح التغيير أن أحدثت شقوقا وتصدعات كبيرة في النظام الحاكم في كل من اليمن وليبيا وسوريا. و لم تقتصر تلك الرياح على الدول المذكورة،بل هبت على دول أخرى وخلقت فيها حراكا سياسيا واجتماعيا اختلفت درجة التفاعل معه والتجاوب معه، من تفاعل إيجابي كما حصل في المغرب بإطلاق دينامية إصلاحية مهمة، إلى تعامل متردد ومتوجس كما هي الحال بالأردن. وبغض النظر عن العوامل التكنولوجية الحديثة (الإنترنت والمواقع الاجتماعية..) التي جعلت نار البوعزيزي تتجاوز الحدود التونسية، فإن هناك عوامل أخرى وربما أساسية وحاسمة في وحدة مصير الأنظمة الحاكمة التي عجزت عن التفاعل مع التغيير، سواء منها تلك التي سقطت رؤوسها (تونس ومصر)، أو الآيلة والمهددة بالسقوط رغم «مقاومتها» (اليمن وليبيا وسوريا). ويمكن تسمية هذا العوامل مجتمعة بالخطيئة الكبرى، وهو تكلسها وعدم قدرتها على التكيف مع المتغيرات، والعيش في عالم خاص من الأوهام، دفعها لقتل السياسة وتنميط المجتمع وتجفيف منابع الحياة والتنوع الثقافي والسياسي، كوجه من أوجه عدم احترام إرادة الشعوب والتفاعل مع نبضها والاستهانة بقدرتها. وانخدعت تلك الأنظمة «الجملكية» بصمت شعوبها معتقدة أنها استسلمت لقدرها، والحال أنها كانت بركانا يغلي ينتظر لحظة الانفجار. تجاهلت تلك الأنظمة قانون التوأمين «التسارع والزوال» والذي يعني باختصار كما ورد في كتاب «صدمة المستقبل»، أن من لم يواكب التطور والتغيير يحكم على نفسه بالزوال، لأن التغيير دينامية خارج نطاق التحكم خاصة في ظل هذا الانفجار المعلوماتي والتطور التكنولوجي الهائل. والخطيئة الكبرى، أن الأنظمة المعنية تجاهلت هذا القانون وتجاهلت أنها في زمن العولمة وربما ما بعد العولمة، الذي عطل مفعول وسائلها في التحكم وضبط المجتمع، وسرعان ما وجدت نفسها أنها كانت تعيش في وهم الضبط والسيطرة على المجتمع، الأمر الذي يفسر صدمة النظام في ليبيا وسوريا مثلا بثورة الشعب وخروجه للشارع يواجه الرصاص بصدور عارية ويضع في فوهة البنادق ورودا. إن الاستهانة بإرادة الشعوب هي التي جعلت نظام مبارك يزور الانتخابات التشريعية الأخيرة بشكل غير مسبوق، وأن يخطب في الشعب حول الإصلاحات تم يطلق بعد ساعات وربما دقائق يد البلطجية في ساحة التحرير فيما عرف بمعركة الجمل، كاتبا بذلك نهاية لحكمه والضربة القاصمة لنظامه. والأمر يتكرر في سوريا حيث كانت مطالب المحتجين محصورة في البداية بالحفاظ على الكرامة والإصلاح، لكن الجواب الأمني والعنفي رفع سقفها بالتدريج إلى أن وصلت للمطالبة بسقوط النظام، والسبب التكلس والعجز التام عن التفاعل مع مطالب الشعب بشكل إيجابي وحواري. الخطيئة الكبرى للأنظمة الحاكمة في كل من تونس ومصر وسوريا وليبيا واليمن، والتي تجمع بينها قواسم مشتركة عديدة، أنها اعتقدت بإمكانية الصمود في وجه رياح التغيير. صحيح أنه لحد الآن المعارضة -بشكل عام- والقوى التي شاركت وتشارك في الثورة على الأنظمة المذكورة لا تزال تتخبط ولم تصل بعد لقواسم مشتركة تستطيع أن تدبر المرحلة الانتقالية في تونس ومصر والتأسيس لنظام حكم ديمقراطي يقطع مع الماضي، وهو ما قد يكون مؤشرا سيئا بالنسبة للمعارضين في الدول الثلاثة الأخرى خاصة في سوريا، حيث المعارضة مشتتة بين المعارضة التقليدية والمعارضة الجديدة، وكلاهما لم يصل بعد لتصورات مشتركة وتحديد أجندة إصلاح جامعة تستجيب لمطالب الشعب السوري، وهي سلبية يستغلها النظام الحاكم في اختراق تلك المعارضة والاستمرار في القمع. لكن ما هو مؤكد وواضح للمتابعين، أن الشعوب في الدول المذكورة قالت كلمتها ومصممة على عدم عودة عقارب الساعة للوراء ومصرة على الوصول لهدفها مهما كلفها ذلك، بعدما لم يعد لها ما تخسره.
«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...
بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...
قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...
«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...
لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...
تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...
«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...
رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...
ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...
تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...
شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...
خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...