


عدد المقالات 73
كان الحديث يدور حول بعض الأعمال والمشاريع والمبادرات فخرج أحدهم قائلاً لا يهمك فلان فهو كذا وكذا وأخذ يصنفه وذلك التصنيف هو تمهيد بطبيعة الحال لإسقاطه ونزع الثقة منه!! في الكثير من أحاديثنا وأعمالنا وعلاقاتنا تبرز حمى التصنيف للناس وأحياناً للكيانات والمؤسسات والتكتلات والتيارات وربما المنتجات. وهذا التصنيف يستخدم ليس للاستخدام الإيجابي وهو وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب أو دراسة الإيجابيات والاستفادة منها والسلبيات والإعراض عنها، بل يكون للعزل والإسقاط والتحطيم ونزع الشرعية وقيادة الصراع إما لاعتبارات مناطقية أو عرقية أو جنسية أو فكرية أو عائلية أو قبلية أو شخصية أو لتضارب مصالح ما. وهذا التصنيف يفضي بطبيعة الحال إلى العزل والإبعاد وبالتأكيد إلى زرع الريبة بين الناس من فلان وفلان أو من الجهة الفلانية، وهذه الريبة تفرز العزل الاجتماعي حيث يتحول الناس إلى كائنات تعيش في جزر معزولة ضعيفة التواصل والتكامل، بل تميل للانغلاق والانكفاء على الذات وهذا عكس الحكمة الإلهية التي جاؤوا من أجل أن يكرسوها ويفعلوها: {وجلعناكم شعُوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ولتعارفوا هنا حسب أقوال بعض المفسرين هو العيش بالمعروف وهو كل ما عُرف عند الناس أنه حسن. وذلك يفرز الود بين الناس والتركيز على القواسم المشتركة والتعايش البشري حتى مع المخالف لنا عقدياً الذي ينبغي علينا دعوته بأحسن الطرق وأرقى الأساليب، ومنها أن نكون نحن قدوة للبشرية في الأخلاق والتعامل وهذا أعمق أنواع الدعوة لدين الله وهو القيادة بالقدوة. وهذا يجُرنا إلى أن الله عز وجل جعل التقوى هي ميزان التميز البشري الأبرز، وهي علاقة روحية عامرة وسلوك خارجي راق. أما التفاخر بالمال أو الجاه أو الجنس أو العرق أو القبيلة فهي جاهلية جاء الإسلام ليخرجها من بيننا وينشر النور والعدالة ومكارم الأخلاق. البشرية في جميع العالم تعيش حالة من الاحتياج للتكامل بين مختلف مكوناتها وأدواتها فلا مجتمع ينطلق برجاله دون نسائه أو أصحاب اللون أو العرق الفلاني دون غيرهم أو شبابه دون شيوخه أو علمائه دون عامته وبسطائه أو أغنيائه دون فقرائه؛ فالكل شريك في هذه الرافعة الحضارية. ولهذا فالإغراق في التصنيف بين طبقات المجتمع يمنع البشرية بوجه عام ومجتمعاتنا وأوطاننا وأعمالنا الخاصة العامة من خير كثير، ويجعل فئات المجتمع متناحرة متباغضة متوجسة من بعضها البعض تعيش حمى التصنيف وربما أمراض الطبقية والعنصرية المهلكة للفرد والمجتمع. وهذا يأخذنا لإشكالية تعطل طاقات المجتمع ومقاومة أي تعاون بين مفرداته ومقوماته أو أي دعم لمبادراته، بل تذهب طاقته بالكيد والتترس والمناكفة الدائمة والصراع بدل البناء والتطور والارتقاء البشري والحياتي والحضاري. وهذا يجعل البشرية التي استخلفت في الأرض لعمارتها تعرض عن هذا وتتفرغ للصراع والإسقاط والحروب الجانبية ناهيك عن المظالم الناتجة عن منع الناس حقوقهم بسب انتمائهم أو أفكارهم أو جنسهم أو عرقهم أو آرائهم أو مواقفهم، وهذا لا شك يُنذر بأمر خطير في عالم العلاقات لدينا فيكون التصنيف هو بوابة أي حق قد تأخذه أو تحرم منه!! مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجتمع المدينة يعيش فيه المهاجرون والأنصار وهم من الأوس والخزرج بالإضافة لليهود والمنافقين وبعض النصارى وغيرهم، وهذا دليل دامغ أنه حتى من مصلحة الدعوة ونشر الإسلام الانفتاح على الجميع ونقل الرسالة لهم بالإحسان والمعروف والتواصي بين الناس بالحق بأفضل السبل والطرائق وليس الاكتفاء بالدعاء على الجميع من على المنابر فهؤلاء أقل ما يقال عنه إنهم محل دعوة ونحن من قصر في نقل رسالة الإسلام العظيمة بلغة الحب والسلام والخير للبشرية، ويكتفي البعض بكل أسف بختام خطبته بالدعاء على المليارات من الناس حول العالم بالهلاك والثبور وعظائم الأمور وهو لم يفكر ربما أن يرسل خطاباً أو رسالة يدعو تلك الأقوام إلى شريعة الحُب والسلام والخير بل حكم عليهم بالإعدام قبل أن يسمح لهم بالمرافعة. يُولد الإنسان وهو لم يختر جنسه ولا جنسيته ولا عرقه فهل من العدل والإنصاف أن يعيش الإنسان محاكمات ظالمة يومية على هذه الأشياء التي لا يملك فيها أمره!! ويكبُر الإنسان فيؤمن بأفكار أو مشاريع أو توجهات أو أدبيات أو قناعات معينة الأمر فيها واسع وهي ضمن دائرة المباح الكبيرة فهل من العدل أن نمارس عليه وصاية فكرية وكأنه لا يعي ولا يفهم وأننا نحن مركز العالم، ويجب أن يضبط ساعاته على أمزجتنا وأهوائنا وربما مصالحنا الشخصية، فإن اختلفنا معه كان الخصم الذي يجب إعدامه على الأقل معنويا!! عندما خرج مانديلا من السجن وحكم جنوب إفريقيا طلب أن يكون حُراسه من البيض، واستغرب الكثير ممن حوله وحذروه ولكنه صمد وأصر. وكان يريد أن يُرسل رسالة لجميع الشعب أننا كيان واحد لا يتجزأ ونمقت العنصرية البغيضة والتصنيف الظالم. إن تنوع الإنسان بجنسه وعرقه ولغته وفكره واهتماماته ومواهبه وخلفياته الثقافية ومنتجاتها وأعمالهم ومبادراته يعطي عالمنا المزيد من الإثراء في مجالات الحياة المختلفة، فكل له تجربة تستحق التوقف والتأمل، وعلينا بكل تجرد أن نتجاوز هذه الوصاية أحيانا وهذا الكبر أحياناً أخرى حينما يقدم البعض نفسه على أنه ميزان يوزن الناس على منصته فإذا فشلوا قال كلمته الشهيرة «لا يهمك». إن هذا النمط من التفكير يجعلنا ندخل في دوائر الغطرسة وربما التعدي والبهتان وعندها نخسر العلم النافع والعمل الصالح والاستخلاف الحقيقي في الأرض المبني على القسط والمعروف والإحسان والتجرد من أهواء النفس وأمراض المجتمع والأطماع والنزوات وتذكر أن الله لا يُحب الظالمين. محبرة الحكيم يُولد الإنسان وهو لم يختر جنسه ولا جنسيته ولا عرقه فهل من العدل والإنصاف أن يعيش الإنسان محاكمات ظالمة يومية على هذه الأشياء التي لا يملك فيها أمره!! • مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات CCT وعضو الجمعية الأميركية للتدريب والتطوير ASTD.
نيران تصول وتجول في أعماقه أطفأت العقل وعطلت الحكمة وحجبت البصر والبصيرة. أصبح ذاك الإنسان الوادع والمهذب وحشا كاسرا استبدل الهدوء بالغضب والعقل بالانفلات والحكمة وبالانتقام وأصبح إنسانا آخر لا يعرف مدى نقمته وحدود عدوانيته...
يبحر كثيراً مع رياح الماضي وانكساراته وانتصاراته وآهاته وتعقيداته وأمجاده. فالمتعة العظيمة في مخيلته هي العودة للماضي أو الهروب للمستقبل. وبين هذا وذاك ضيع الحاضر الذي ينتظر منه الكثير من العمل والتركيز والمبادرات والمشاريع. والحاضر...
في يرعان الشباب وعلى أعتاب المرحلة الثانوية وسؤال الوجهة والتخصص والمسار هو السؤال الأبرز على طاولة حياته. الكل حوله يوجهونه ويقترحون عليه لكن حسب ما يردون هم وليس حسب ما يريد هو!! أحس بالممل من...
لطالما أمعن النظر في أحوال الناس من حوله وكان يركز على جانب السعادة لديهم. نظرات الغبطة تخرج من عينه والكثير من الأسئلة يطرحها عقله حيث ظل يردد «يا سعدهم». على الضفة الأخرى كان يقارن أفضل...
كان يُشاهد نشرة الأخبار وحيث السياق في تلك النشرات عن الحروب والدمار. فرئة الإعلام لا تتنفس إلا من خلال الإثارة التي لا تتوفر إلا في مواطن الصراع أو التنافس. كان المذيع يصف حالة الحرب حيث...
عينه دائماً في أعينهم, يرقب ردود الأفعال ويتأمل الوجنات والإيماءات, حريص جداً على رضاهم مهما كلف الأمر. قبل أن ينام يبدأ بعد الأشخاص ويتساءل هل فلان راض علي؟ ويعتقد أنه سوف يحصل رضا كامل الدسم...
وجد ضالته بها؛ فأصبح يستخدم هذه الكلمات لتبرير الكثير من الأحداث من حوله. تعثره الدراسي وانعزاله الاجتماعي وفشل تجارته وأعماله وتأخر الكثير من ملفات حياته. بدأت اللعبة تكون أكثر إغراء ومتعة!! فبدأ الأصدقاء والأقارب من...
تعرفه من قيادته للسيارة، فهو في عجلة دائماً، يصيبه الاكتئاب من منظر الإشارة الحمراء، ويشعر بالضيق عندما يرى السيارات تمشي ببطء من الزحمة! يقود السيارة بتهور لا محدود، وفي النهاية المشوار الذي يذهب إليه هو...
يبهرني مشهد رسول عظيم عليه الصلاة والسلام وهو المعصوم عن الخطأ والمسدد بالوحي يُلح على أصحابه قائلاً «أشيروا عليّ». وعمر رضي الله عنه يدين لأحد الصحابة لأنه أنقذه من قرار خاطئ ويقول «لولى معاذ لهلك...
خرج من منزله وفي جيبه العلوي 500 ريال تدفي قلبه وتحسسه بالأمان المالي على الأقل لفترة قصيرة.. لكن بعد أن عاد إلى المنزل في نهاية اليوم, صاح يردد وعلامات التعجب تملئ وجهه «وين فلوسي وين...
بعد زيارته لتلك المدينة سألته عن انطباعاته عنها. فقال لي: جميلة بس كل أهلها بخلاء. وعندما انعطف بنا الحديث لسؤاله عن إحدى الشركات قال: شركة ممتازة لكن القائمين عليها كلهم فاسدون!! استمر الحديث حول مرئياته...
تجده يعمل في كل صنعة ويهتم بكل خبر، في الحوار مع الآخرين يفتي في كل شيء ولن تجد لكلمة «لا أعلم» أي تواجد في قاموسه. متعة في العمل التجريب الدائم والانتقال المستمر، فاليوم في وظيفة...