alsharq

أحمد حسن الشرقاوي

عدد المقالات 198

مربع الشر في الأدب العالمي 4-4

01 ديسمبر 2018 , 01:44ص

«معركة الغبار» و»طواحين الهواء» أبرز معارك ألونسو كيخانو بطل رواية «دون كيشوت» للروائي الإسباني العظيم ميجيل دي ثيربانتس «1547-1616م»، الرواية تُعد واحدة من أعمدة الأدب العالمي وهي: «الإلياذة» لهوميروس، و»الكوميديا الإلهية» لدانتي، و»دون كيشوت» لثيربانتس، و»فاوست» لجوته. تدور أحداث رواية «دون كيشوت» حول نبيل إسباني ناهز الخمسين من العمر، أمضى معظم وقته في قراءة الروايات الخيالية التي تدور أحداثها حول الأعمال الخارقة التي يقوم بها من يطلق عليهم لقب «الفارس الجوال»، «أولئك الذين يركبون الخيل، ويذبحون التنانين، ويقبلون أيادي الأميرات»، فأصبح يحلم بأن يكون مثلهم. وذات يوم، قرر أن يحقق حلمه، فامتشق سيفاً صدئاً ورمحاً طويلاً وارتدى درعاً قديمة وخوذة متهالكة، وامتطى صهوة فرسه الهزيل الضعيف الذي كان يعتبره الأفضل على الإطلاق «حتى إنه لم يكن ليبادله بجواد الإسكندر الأكبر»!! وانطلق على هذه الهيئة شأن الفرسان السابقين الذين انقرضوا، بعد أن أطلق على نفسه اسم «دون كيشوت»، لكنه تذكر وهو سائر في طريقه فرحاً مزهواً أن الفارس الجوال لا بد له من تابع مخلص أمين، فعمد إلى فلاح ساذج من أبناء بلدته، وهو سانشو بانزا، ثم فاوضه على أن يكون تابعاً له وحاملاً لشعاره، ووعده بأن يجعله حاكماً على إحدى الجزر التي سيقوم بغزوها، ويصدقه سانشو المسكين ويضع متاعه على حماره ويسير خلف سيده الجديد. تتوالى مغامرات «دون كيشوت» الذي يجرجر وراءه تابعه المغلوب على أمره، وتتوالى هزائمه في كل المعارك التي يخوضها، وهو في كل مرة يدرك أنه هُزم بالفعل، لكنه لا يفسر الأمر على نحو صحيح، وإنما يفسره على أن خصومه من السحرة أرادوا حرمانه من نصر مؤكد، فمسخوا بسحرهم العمالقة الشياطين إلى «طواحين هواء»، ومسخوا الفرسان المحاربين إلى «أغنام»!! من المواقف الممتعة في الرواية، حكاية «دون كيشوت» مع الأغنام، حيث كان طوال الطريق لا يكاد يبصر غبار قطيع من الأغنام يملأ الجو، حتى يُخيل إليه أن الغبار ناجم عن زحف جيش جرار من البشر والفرسان والخيول، وفي كل مرة نجده يندفع بجواده ليخوض معركة داخل الغبار يثبت فيها شجاعته ويخلد اسمه، وتنجلي المعركة عن قتل عدد من الأغنام، وعن سقوط «دون كيشوت» نفسه تحت وابل من أحجار الرعاء، فقد في إحداها بعض أسنانه!! أما أشهر مواقف الرواية، فهو موقف «دون كيشوت» من طواحين الهواء التي لم يكن يعرفها من قبل، وعندما رآها لأول مرة، تسمر أمامها لبرهة، ثم جاءته الفكرة العبقرية: «هذه المخلوقات الضخمة ليست سوى شياطين ذات أذرع هائلة، وهي مصدر الشر في هذه الدنيا»، ثم ينتفض بحماسة ليهاجمها غير مصغٍ لصراخ تابعه سانشو بانزا، وتحذيره له بالابتعاد عنها، وما يلبث أن يرشق فيها رمحه فترفعه أذرعها في الهواء، وتدور به ثم تطرحه أرضاً فتدق عظامه!! وعلى هذه الحال، ما كان «دون كيشوت» يفلت من خطر إلا ويقع في آخر. وفي نهاية المطاف، يُقعِد المرض «دون كيشوت» على فراشه لسبعة أيام وليالٍ، فيأتي الطبيب ليعاينه فيجد أنه لا أمل في شفائه، وفي إحدى تلك الليالي يستفيق من جنونه ويعود إلى رشده، ويلعن الفروسية، ويقول: «لقد كنت مجنوناً والآن صرت عاقلاً، لقد كنت «دون كيشوت»، والآن لست سوى ألونسو كيخانو». الرواية تبيّن كيف يمكن لإنسان أن يصارع أوهاماً وخرافات، بينما هو مؤمن بها كحقائق لا تقبل الشك أو الجدل، وفي النهاية لا يكسب شيئاً من تلك المعارك، بل يخسر أشياء كثيرة أهمها حياته نفسها، أحياناً يتقمص بعض حكام منطقتنا دور «دون كيشوت»، وفي معظم الأحيان تقوم شعوبهم بدور التابع المغلوب على أمره «سانشو بانزا». تُرى مَن مِن حكامنا قديماً وحديثاً يُذكّرك بالفارس الأحمق الذي تسيطر عليه أوهامه، وتصور له أن الشر يسكن «طواحين الهواء»، وأن خصومه يمسخون الفرسان لأغنام حتى يحرموه فقط من انتصار مؤكد في معركة مع «الغبار»؟!!!

بعد النيل.. هل تذهب سيناء ؟!

اليوم نستكمل معكم بقية الحكاية التي بدأناها في خاتمة المقال السابق عن أطماع اليهود في سيناء منذ قرون طويلة، فهي بالنسبة لهم في قلب العقيدة الصهيونية، لدرجة أن تيودور هرتزل -مؤسِّس الصهيونية العالمية- أطلق عليها...

بعد النيل.. هل تذهب سيناء؟! (1-3)

يبدو من المرجح حالياً أن أزمة سد النهضة لن تجد حلاً، وأن السد سيتم تشغيله، وأن ملء بحيرة السد سيحجب كمية كبيرة من حصة مصر في مياه النيل، لكن ماذا عن شبه جزيرة سيناء؟! يلاحظ...

ترمب مجدّداً.. أم بايدن؟!

السؤال الذي يتردد بكثافة في أوساط الأميركيين، وربما في أنحاء العالم في الوقت الحالي هو: هل يفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بقترة رئاسية ثانية تمتد حتى 2024؟ أم يتمكن غريمه الديمقراطي جو بايدن من هزيمته...

شبح ريجيني في القاهرة!

رغم مرور 4 أعوام ونصف العام على وفاة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الغامضة بالقاهرة، لا تزال ملابسات وظروف الوفاة غير معروفة، ويبدو أن صبر الحكومة الإيطالية نفد، وبدأت تطالب القاهرة بردود حاسمة وتوضيحات مقبولة، فقد...

عندما تنظر أميركا في المرآة

من منّا لا يعرف قصة سندريلا والأقزام السبعة، كلّنا تربّينا عليها، وتعاطفنا مع السندريلا التي كان عليها أن تتقبّل قهر وظلم زوجة أبيها وبناتها المتعجرفات، حتى تأخذنا القصة للنهاية الجميلة حين تلتقي السندريلا بالأمير، فيقع...

أرض العميان (2-2)

أحد أصدقائي أوشك على الانتهاء من كتابة رواية طويلة عن أحوال المعارضة المصرية في الخارج منذ 2013م، وقد اقترحت عليه اسماً للبطل الرئيسي لروايته، وهو معارض ليبرالي يسحق الجميع من أجل مصالحه الشخصية الضيّقة. اقترحت...

أرض العميان (1-2)

عندما تغيب المنافسة العادلة أو تكون محدودة، هل يمكن أن تعرف الصحافي الجيد أو الكاتب الأكثر براعة أو الأجزل في العبارة، أو الأغزر إنتاجاً، أو الأعمق فكراً، أو الأفضل أسلوباً؟! كيف ستعرفه إذا لم تتوافر...

الميكافيلليون الجدد!!

في جامعة القاهرة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، كنت مندفعاً في دراسة العلوم السياسية، وكنت قرأت كتاب «البرنس» لميكافيللي قبل دخول الجامعة، ولم يعجبني! دخلت في مناقشات جادة وأحياناً حادة مع أساتذة درسوا في الجامعات...

حصن الحرية.. «بوسطن جلوب» نموذجاً (2-2)

بعد المعركة الصحافية الشهيرة التي خاضتها صحيفة «بوسطن جلوب» خلال عامي 2001 و2002، والتي انتهت باستقالة الكاردينال لاو رأس الكنيسة الكاثوليكية في عموم أميركا، ترسخ اعتقاد لدى مواطني مدينة بوسطن من الكاثوليك، أن الصحيفة الأكبر...

الصحافة والكتابة.. في زمن «كورونا» (2-3)

ليالي زمن «كورونا» تمرّ بطيئة وطويلة، لكنها ليست كذلك لمن يقرأون طوال الوقت حتى يستطيعوا الكتابة الأديب المصري الفذّ مصطفى لطفي المنفلوطي، كتب في بداية القرن العشرين أن الكاتب يشبه «عربة الرشّ» وهي عربة كانت...

الصحافة والكتابة.. في زمن «الكورونا» (1-3)

لا أخفي عليكم، أن الكتابة وفق مواعيد محددة مسألة مرهقة، في بعض الأحيان لا توجد فكرة واضحة للمقال، أو يصاب الكاتب بالحيرة في الاختيار بين أكثر من فكرة، وفي أحيان أخرى يقترب موعد تسليم المقال،...

قلاع الحريات الأميركية (2-3)

الصحف الأميركية هي قلاع حقيقية تصون الحريات العامة فى البلاد، هذه حقيقة يفتخر بها الأميركيون على بقية أمم الأرض. في عالمنا العربي تختفي تلك القلاع، فيحدث أن تتجرأ النظم المستبدة على تلك الحريات، وتعصف بها...