أبو أحمد.. سفير الإنسانية

كثيراً ما نسمع عن اختيار شخصيات معروفة من مختلف بلدان العالم ليكونوا سفراء للمنظمات الإنسانية العاملة في مختلف القارات، ويطلق عليهم سفراء النوايا الحسنة، وفي الغالب يتم اختيار هؤلاء نظراً لشهرتهم دون أن يكون لهم بالضرورة أعمال خيرية يساعدون بها الفقراء والمحتاجين والمعدمين الذين للأسف تتزايد أعدادهم في إفريقيا ومناطق الصراع المتوزعة على قارات العالم، ويأخذ هؤلاء السفراء أكثر مما يعطون دائماً. وعلى العكس من هؤلاء السفراء يوجد أناس ممن منّ الله عليهم بالإيمان والتوفيق والسداد لعمل الخير من يسعى في خير الناس ومساعدتهم ومد يد العون لهم وتفريج كربهم دون انتظار لشكر أو تقدير، بل إنهم يقومون بأعمالهم الإنسانية النبيلة بكل هدوء وصمت، وفي الغالب لا يعرفهم أحد، لكن آثار أعمالهم الطيبة واضحة في المجتمع، فكم من أسر مفككة لمّوا شملها، وكم من مهمومين فرجوا همومهم، ومديونين قضوا عنهم ديونهم، وكم من مسجونين حاصرتهم الظروف حتى ألقت بهم في الحبس ففكوا أسرهم، وكم من طالب علم لم يجد أهله رسوم دراسته وكاد يحرم من التعليم فأنقذوه من الجهل، وكم من مريض لا يجد قوت يومه ويكابد آلامه تبرعوا له بتكاليف العلاج فأعادوا له الأمل لتبتسم له الحياة من جديد، وكم من سيدة ضاقت بها الدنيا وأصبحت وحيدة في مواجهة تصاريف الحياة فمدت لها أيادي أهل الخير والإحسان فكفتها السؤال وذل الفقر. نعم هذه الأعمال النبيلة يقوم بها أهل الخير ممن لا يعلم بهم إلا الله، ورغم أنهم لا يعلنون ولا يصرحون بأعمالهم إلا أن نورها وبركاتها كنور الشمس يراها الجميع وإن لم يلمسها أحد. وكما يشير العنوان سيتساءل القارئ الكريم من يكون أبو أحمد سفير الإنسانية؟ والجواب أن أبو أحمد مواطن يحب الخير ويفعل في السر ودون علم أحد الكثير مما ذكر سابقاً من أعمال الخير، وقد وقفت على حالات إنسانية كانت معدمة، وما إن سمع عنها حتى تطوع هو بالسؤال عنها وعرض المساعدة، ولأن الكثير من تلك الحالات كانت تخفي ما الله مبديه وهو صعوبة الوضع وقساوته معهم، فقد كان يطلب هو منهم أن يحددوا له المشكلة، وما إن يعرف مشاكلهم حتى يقوم بمساعدتهم فوراً، والعجيب أن كثيراً ممن ساعدهم كانوا يحصلون على ما لم يتوقعوه، فمثلاً أحد الأشخاص ممن لم يكن يجد قوت يومه احتاج إلى تكاليف علاج يقدر بأربعين ألف ريال وكانت حالته مستعجلة ولا ينفع معها الانتظار، والحقيقة أن المريض كان يتوقع أن يموت قبل أن يحصل على المبلغ المطلوب، وفي أفضل الأحوال أن يحصل على جزء ويبقى منتظراً الجزء المتبقي، لكن أبو أحمد جلس مع المريض لدقائق معدودة، بعدها قام يطمئن المريض أن مشكلته بسيطة وأنه سيحلها، وكل ذلك والمريض غير مصدق ومندهش أن يتم حل مشكلته التي يرى أنها أكبر من أن تحل، وما هي إلا لحظات حتى أخرج أبو أحمد المبلغ المطلوب كاملاً، وهو ما زاد من صدمة المريض واستغرابه أن يرى بشراً يتصرفون بكل هذه الإنسانية في عصرنا الحالي، وفي اليوم التالي توجه المريض إلى المستشفى ودفع رسوم العلاج وأجريت له العملية وتكللت بالنجاح، وخرج بعدها المريض معافى يتمتع بالصحة والعافية، وبعد فترة النقاهة حصل على فرصة عمل جيدة، وها هو اليوم يعيش حياة كريمة وسعيدة بفضل الله ثم بفضل ما قدمه أبو أحمد من ماله. وهنا نشير أنه قد ينسى أبو أحمد وأمثاله ما قدموا لكن آثارهم الطيبة تسير على الأرض وتدعو لهم ليل نهار في حياتهم، وسيجدونها نوراً يوم تقبض أرواحهم وبرهاناً يوم العرض على الرحمن.