مصلي حافي

ما أسخفها من سرقة، وما أعظمها من جريمة، وإن كانت الجريمة كبيرة في حد ذاتها، فإن عملها المضاعف هي حدوثها في بيت من بيوت الله وأثناء تأدية صلاة الجمعة، وبما أن جريمة السرقة جريمة من كبائر الذنوب. فقد جاء ديننا الحنيف بعقوبة تتماشى مع عظم مثل هذه الجرائم وهي قطع يد السارق مهما كان وضعه أو مكانته أو منصبه، عندما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، وفي حادثة المرأة المخزومية التي سرقت فأمر النبي بقطع يدِها، فهم قريشاً أمرها، وقالوا: من يكلِّم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأَوا إلا أسامة، فكلموه أن يشفع ليسقط هذا الحد حتى لا تفتضح القبيلة بأن قطعت يد امرأة من نسائها، فلما كلمه غضب على أسامة وقال: «أتشفع في حد من حدود الله»، ثم خطب في الناس فقال: «إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا الحد عليه، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمّد قد سرقت لقطعت يدها». يوم الجمعة الماضي ذهب أبناؤنا الصغار منهم والكبار مشياً وبأحذيتهم بكامل زينتهم لصلاة الجمعة، والتي تقام في أحد المساجد الكبيرة القريبة من المنزل، ليتفاجؤوا بعد انتهاء الصلاة بسرقة أحذيتهم وأحذية كثير من المصلين، مما اضطرهم للرجوع حفاة من المسجد للمنزل، وكان أحد أبنائنا أكثرهم حزناً لسرقة حذائه للمرة الثانية على التوالي، فقد كانت هذه السرقات لها أثر كبير عليه، من ناحية السرقة في هذا المكان الذي له قدسيته، ومن ناحية سرقة حذائه لأكثر من مرة، في حين أن بعضهم أخذ الأمر كنوع من الاستهزاء بالسارق الذي سيعرض أحذيتهم في سوق معروف بعرض البضائع والأشياء المستعملة!! وأعتقد بأن مثل هذه الحوادث متكررة في كثير من المساجد، ومنذ زمن ليس بالقصير، وبما أننا في زمن التكنولوجيا فلماذا لا يتم وضع كاميرات لمراقبة تلك الأحذية والنعال الخاصة بالمصلين، لأن معظم ما يتم لبسه من أحذية ونعال قيمته مرتفعة، وخاصة إذا عرفنا بارتفاع النوع المعين، والذي يفضله معظم شباب قطر!! وأتذكر في رمضان قام أحد أصحاب المساجد باستئجار شخص غير مسلم ليقف بالقرب من موضع الأحذية والنعال حتى انتهاء المصلين من صلاتهم، وكانت هذه بادرة جميلة منه، فالمسلم يفضل بأن يذهب بأجمل ما لديه لأداء فرائضه. نريد أن يكون هناك رادع لمثل هذه السرقات، وحتى يأمن المصلي على حذائه وما يتم لبسه، وحتى لا يتعود المسلم في المستقبل الذهاب بأي شيء غير لائق، تجنباً لمثل هذه السرقات، ويصبح حالهم مثل حالة أصحاب البيجامات. أما السارق فعقابه من ربه كبير، لأن كل ما سيأكله من سرقة فهو سحت وحرام وظلم وعدوان، كما أن السارق ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. والسارق يأتي يوم القيامة وقد أعرض الله عنه من سوء أفعاله، السارق مهما رفع يديه بالدعاء لا يستجيب الله له، كيف يستجاب لدعوة سارق ويداه قد تلوثت بسرقة وغصب ما عند الناس. عافانا الله وإياكم مما ابتلي به بعض الخلق من سرقة وغيرها. ودمتم سالمين،،،، كاتبة قطرية