قيمة الإنسان في قطر

أحبب الطفل وإن لم يكن لك.... إنما الطفل على الأرض ملك... تذكرت هذا البيت الذي يخاطب الإنسانية بكل معانيها لأمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله، عندما شاهدت على قناة الريان سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نائب الأمير ولي العهد -حفظه الله- يُقبل يد طفلة صغيرة، كما شاهدته يحتضن في صدره طفلة أصغر كلها براءة وأمل أثناء تقديمه تعازي ومواساة سمو الأمير -حفظه الله- إضافة إلى تعازيه ومواساته لذوي ضحايا حادث الحريق، الذي اندلع في فيلاجيو، كما كانت معالم الحزن والتأثر واضحة على وجهه وهو يقدم التعازي لوالد التوأم النيوزيلندي، الذي وافته المنية في حادث الحريق نفسه، والذي ثمن هذه الزيارة والمواساة، وطالب بالتوقف عن بث الإشاعات المغرضة ضد قطر. لقد شعرنا كلنا بصفتنا بشراً أن هؤلاء الأطفال ليسوا أطفال أحد بعينه، بل أطفال الجميع، وتماماً كما قال سمو نائب الأمير ولي العهد: «إن الذين فقدناهم هم أبناؤنا». وبصفتي أباً أعرف كمّ الحب الذي نحمله في صدورنا لأطفالنا، وأعرف ما هي قيمة التعزية والمواساة لفقدهم. لقد كانت الشفافية وتطبيق القانون دون تمييز رسالتين واضحتين نقلهما سمو نائب الأمير ولي العهد إلى جميع أهالي ضحايا الحريق المؤسف، خلال زياراته عدداً من السفارات ومواقع العزاء الأخرى مُعزياً ذوي الضحايا، كما أن سموه أخبر أسر الضحايا بأنهم سيطلعون على نتائج التحقيقات في الحادث، وأن دولة قطر لن تتساهل مع كل مُقصر في هذا الحادث، وستقتص منه، وهذه رسالة واضحة للداخل والخارج وللمتربصين والرويبضة، الذين حاولوا التشكيك في قدرات قطر الإعلامية ومنشآتها الاقتصادية وسلامتها، أو محاولة الإيحاء بأن قطر لا تطبق القانون على الجميع، ولهذا شكّل سمو نائب الأمير ولي العهد في اليوم الأول لجنة للتحقيق ومعرفة أسباب حريق فيلاجيو؛ ولمنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة في المستقبل بإذن الله. ما أود الإشارة إليه هنا، أن إصدار النائب العام -الذي يرأس النيابة العامة وهي التي تنوب عن المجتمع- أوامر بالقبض على كل المتسببين في هذه الكارثة الإنسانية يعكس على أرض الواقع أن الأمر جلل، وأن أرواح الأطفال والناس خط أحمر لا يمكن المساس به، كما أن أمر استدعاء المسؤول عن التراخيص في الوزارة المعنية يثبت أننا نسير في الاتجاه الصحيح لمعرفة كل المسؤولين عن هذه الكارثة بحسب القانون، بعيداً عن استثارة عواطف المجتمع. ما يتطلبه الوضع الآن هو انتظار نتائج التقرير الذي سترفعه اللجنة التي يرأسها سعادة عبدالله بن حمد العطية لسمو نائب الأمير ولي العهد، وترك القضاء يتناول هذه القضية بهدوء وتروٍ ليتم الاقتصاص بالقانون من كل مقصر، والتوقف عن إصدار الإشاعات أو إعادة نشرها. كما نتمنى على وزارة الداخلية الموقرة إغلاق أي منشأة تجارية في محطات الوقود تقدم وجبات تعتمد على الغاز في تقديم خدماتها؛ مثل المطاعم والكافيتريات، لكي لا تتسبب مثل هذه المنشآت بحرائق نحن في غنى عنها، إضافة إلى أن وجود هذه المنشآت بمحطات الوقود غير صحي وإن نفى ذلك البعض. وندعو لإجراء مسح شامل لكل المنشآت العامة، والمجمعات التجارية، والتأكد من أنها تستوفي شروط السلامة، وهذا الأمر ينسحب على الأبراج والمدارس والجامعات في الدولة؛ للتأكد من أن أنظمة الإنذار والسلامة تعمل كما ينبغي. أخيراً وليس آخراً.. حفظ الله قطر ومن فيها حضر.