تكريم المبدع في حياته

تكريم المبدعين بعد موتهم جميل، ولكن الأجمل أن يكرموا في حياتهم، وخلال رحلة عطائهم، حتى يشعروا بحلاوة هذا التكريم، بين أحبتهم وأهلهم ومحبيهم، ويشترط أن يكون التكريم لائقاً ومميزاً، حيث إن الإبداع موهبة، وإن تكريم المبدع في حياته يرفع من معنوياته أكثر فأكثر، فيزداد إبداعاً، والمبدعون في جميع المجالات، بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية، يمثل التكريم بالنسبة لهم اعترافاً من المجتمع بإبداعاتهم. لذلك لا بُد أن نشيد في مقال هذا الأسبوع باللفتة البارعة، التي قدمتها «قناة الريان» بإطلاقها اسم الإعلامي «عبد الوهاب المطوع» على أحد استديوهاتها الجديدة، حيث كشف المدير العام للقناة صباح بن ربيعة الكواري، عن اختيار إدارة القناة اسم الإعلامي القطري القدير عبد الوهاب المطوع، لتسمية أحد الاستوديوهات الثلاثة التي دشنتها بالتزامن مع احتفالات البلاد باليوم الوطني، مبيناً أن اختيار «المطوع» جاء تقديراً ولفتة من إدارة القناة لهذه القامة الإعلامية القطرية، التي قدمت الكثير للإعلام في دولة قطر، فهو أول مذيع قطري افتتح بث تلفزيون قطر عام 1970، وصاحب مسيرة إعلامية حافلة بالتميّز والأداء المهني، الذي تحوّل إلى مدرسة لمن جاء بعده من إعلاميين قطريين، ويعد المطوع واحداً من الأسماء القطرية اللامعة في سماء الإعلام، فمنذ (49) عاماً من العمل الإعلامي، ما زال مستمراً في مسيرة العطاء، وتقديم النشرات الإخبارية على تلفزيون قطر. وفي اعتقادي أن التكريم يمثل لمسة وفاء من هذه المؤسسات، سواء كانت إعلامية أو غيرها نحو مبدعيها ومنجزيها، وهي رسالة مباشرة من قلبهم لأولئك المكرمين، عنوانها التقدير والاحترام والفخر بإبداعاتهم وإنجازاتهم الرائعة، كما أن التكريم في وطننا العربي كثقافة وقيمة وسلوك بحاجة ماسة، لأن يتجذر في فكرنا ومزاجنا وقناعاتنا، لأنه المحرض على البذل والعطاء والإخلاص، والمحفز على ديمومة التميز والإبداع والإنجاز. ومن الملاحظ أنه كثيراً ما يهضم حق المبدعين والمتميزين في التكريم والإشادة بجهدهم وإنجازاتهم في عالمنا العربي، فهم لم يألوا جهداً في تقديم هذه الأفكار والآراء التي أخذت من حياتهم الجهد والوقت، كم هي سنوات كفاحهم، وكم هي الصعوبات التي واجهتهم في تلك الفترة؟ لم يكن العمل سهلاً، فكل مبدع يجد العديد من الصعوبات في عمله وفي نهاية هذه الرحلة المريرة والسنوات الطويلة والعناء ما هو جزاؤهم؟ ألا يستحقون منا التكريم والتقدير والإشادة؟ لمَ نتناسَ جهودهم؟ ولم لا تكون هناك جهة تهتم بتكريم المبدعين وتوظيف ما وصلوا له، وما قدموه من إنجازات لا يستهان بها، ويكون التكريم معهم في حياتهم وليس بعد فنائهم؟ لذلك من الإنصاف أن يتم تكريم المبدع في المرحلة الأولى خلال رحلة العطاء، حتى يزداد عطاء فوق عطائه، والمرحلة الثانية ما بعد الفناء إذا أعطى وأخلص بماله وجهده وعرقه ووقته، وإكرامه بعد وفاته يعطي دافعاً لأبنائه، لأن يحذوا حذو والدهم أو ابنهم أو كبيرهم، سواء كان المبدع رجلاً أو امرأة، فالإبداع موهبة ونبوغ، وليس وراثة ولا ادعاء. وفي الختام هناك بعض المبدعين يحالفهم الحظ بعد الفناء، ومع أنهم لم تثلج صدورهم بمشاهدة تكريم لهم في الحياة والاستمتاع بلذة النجاح، إلا أنهم أحسن حظاً وأحسن حالاً من أولئك الذين لم يحالفهم الحظ في تكريمهم لا أحياء ولا بعد الفناء.