


عدد المقالات 105
لم أستغرب حديث تلك السيدة العلمانية والديمقراطية جدا! وهي تتحدث في مقطع فيديو انتشر كالنار في الهشيم عبر الموقع الاجتماعي «فيس بوك» وموقع «يوتيوب» عن التونسيين بتلك الطريقة المشينة، وتتهمهم بالجهل وعدم الوعي وعدم القدرة على التحليل واتخاذ الرأي السليم والتصويت لمن يستحق. لم أستغرب لدموع التماسيح التي ذرفتها تلك العلمانية المتطرفة النائحة على خسارة القطب الحداثي الديمقراطي، لأن العلمانيين المتطرفين والحداثيين جدا كالحية الرقطاء لا لون لها ولا موقف ثابتا، فعندما هب الشعب التونسي وحج بقوة إلى مكاتب الاقتراع قالوا: إنه شعب واع ومتحضر (وهو كذلك) قاطعَ مسرحيات بن علي، لكنه يصنع في انتخابات ما بعد الثورة تاريخا جديدا، وحيث لم تكن النتائج في صالحهم كما كانوا يتوهمون، بدّلوا خطابهم جَلْدا وقدحا في التونسيين، بل أكثر من ذلك.. هناك نسوة ديمقراطيات جدا وحداثيات فوق الحداثة هددن بالتعري والتجرد من ملابسهن احتجاجا على فوز الإسلاميين (حركة النهضة) بأغلبية المقاعد (%41.47) ومنهن من طالبن بعودة الغنوشي للندن وإعادة النهضويين للسجون. قد يقال: إنهن كن في لحظة عصيبة يصعب التحكم في أقوالهن وتصرفاتهن، أما الحقيقة فإنهن كشفن عن حقيقة العلمانية المتطرفة في تونس ومشروعها المجتمعي. ومما زاد من رفع حالة السعار والهيجان عند «الديمقراطيين جدا» والعلمانيين المتطرفين، خيبة أملهم في موقف غربي رافض أو على الأقل مشكك في نتائج انتخابات المجلس التأسيسي يوم الأحد الماضي 23/10/2011، بل على العكس من ذلك كان الموقف الأوروبي مرحبا ومشيدا بنزاهة الانتخابات، وكذلك الموقف الأميركي الذي أكده السفير الأميركي بتونس جوردن غراي من حيث التشديد على احترام إدارة الشعب التونسي والتعامل مع أي حكومة يختارها، واعتبر الانتخابات التي جرت إنجازا تاريخيا، فضلا عن نفيه أن يكون للإدارة الأميركية أي تحفظ على حركة النهضة لمجرد أنها إسلامية التوجه. مشيرا في الوقت نفسه إلى عزم الحكومة الأميركية تنظيم لقاء منتصف الشهر المقبل بتونس حول الاستثمار والتجارة والسياحة. بكل تأكيد هذه المواقف نزلت على رؤوس العلمانيين واليساريين المتطرفين كالصواعق المتلاحقة، خاصة إذا أضيفت إليها الإمكانية الكبيرة لتحالف النهضة مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية العلماني المعتدل، وهو ما سيشكل -إن نجح وعمل بالشكل المفيد للبلاد والعباد- ضربة كبيرة للعلمانيين واليساريين المتطرفين، ليس في تونس وحدها بل في المحيط الإقليمي والمنطقة العربية كلها. لقد أثبتت التجربة التونسية أن العلمانيين المتطرفين عاجزون عن التنافس الديمقراطي وفشلوا في إقناع الناس بمشروعهم المجتمعي، لأنهم غير مرتبطين بالهموم الحقيقية للناس، وليس لهم امتداد شعبي، ولا يعدون أن يكونوا ظواهر صوتية وكائنات إعلامية لا أقل ولا أكثر، ولهم الاستعداد الكامل للتحالف مع الاستبداد أو التنسيق معه لأجل مصلحتهم الخاصة، كما فعلوا مع بن علي. كما أثبتت التجربة التونسية عدم قدرة العلمانيين المتطرفين على مراجعة ذاتهم ونقدها والاستفادة من دروس الربيع العربي، وعدم احترامهم لذكاء الشعوب وفطنتها الفطرية، فنالوا المكانة التي يستحقون في انتخابات لم يشكك أحد في نزاهتها داخليا وخارجيا، باستثاء من هددوا بالتعري..
«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...
بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...
قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...
«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...
لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...
تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...
«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...
رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...
ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...
تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...
شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...
خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...