عدد المقالات 133
مَن يتابع ما يكتبه بعض كتّاب المقالات من العرب يجد أنهم مثل «النواحات» عند الجنائز، أو مثل «مطلقة الضحى» كما يقال في المثل الشعبي الخليجي: «أشكى من مطلقة الضحى»، وهي المطلقة التي يطلقها زوجها وقت الضحى فتكثر من الشكوى وإظهار مثالب مطلقها، وتختار وقت الضحى لأنه أكثر الأوقات نشاطاً بين الناس؛ إذ يكون معظم الناس في أعمالهم وأنشطتهم، فتحاول المطلقة أن توصل شكواها وفضائح زوجها إلى أكبر عدد ممكن من الناس، ويبدو أن بعض كتّاب المقال يعيشون «ضحى العرب» فهم لا يكفّون عن النواح والشكوى من أوضاع الأمة العربية ومثالبها وعيوبها حتى لو أمكن لأحدهم أن ينسلخ من جلده لفعل، بل وصل الأمر بأحدهم منذ سنوات أن كان يكتب بالفرنسية وحين سُئل: لمَ لا تكتب بالعربية، قال: «لا يشرفني أن أكتب بالعربية»!! إن النقد وإظهار جوانب الضعف منهج لا يختلف عليه أحد؛ إذ لا يمكن معالجة العيوب إلا بنقدها وتفنيدها، لكن أن يصبح النقد والشكوى هو المنهج الوحيد لبعض كتّاب المقالات العرب فذلك دليل عجز وتعبير حالة نفسية تحكم كاتبها ولا يكاد ينفك عنها، ومثل هؤلاء كمثل الطبيب الذي يؤنّب مريضه على مرضه في كل مرة يلتقي به دون أن يصف له العلاج أو يحدد له طريقاً للشفاء من مرضه. إن أحداً لا يطلب من هؤلاء الكتّاب أن يضعوا الحلول لكل مشكلة يطرحها، لكن المطلوب كذلك ألا يعيش هؤلاء حالة الأزمة؛ ففكر الأزمة لا يبني مجتمعاً ولا يطوّر حياة، لقد وجد هؤلاء في «المصائب» التي مرّ بها العرب خلال العقود الأخيرة باباً للشكوى والنواح أو لإبراز المثالب والعيوب، فالأحداث التي مر بها العرب فتحت الباب لبعض كتّابهم العرب للطعن في الأمة العربية وتاريخ العرب وحياتهم وسلوكهم وعلاقاتهم، بل والمطالبة بالقطيعة مع كل ما هو عربي، فنقرأ لأحدهم وهو يقول: «ما الذي يجمعنا بهذه التي تسمى الأمة العربية سوى التخلف والحروب. إننا في الخليج أمة لها مقوماتها المتميزة التي يمكن أن تميزها عن غيرها من العرب، وكون الولايات المتحدة الأميركية تتحدث اللغة الإنجليزية لا يعني أنها جزء من بريطانيا العظمى» وكأنه بذلك يريد أن يقول إن كوننا في الخليج العربي نتحدث اللغة العربية لا يعني أننا جزء من الأمة العربية!! إن دعوات مثل هذه لا تعبر عن روح علمية أو عن حقيقة واقعية، فإذا كنا -في الخليج العربي- نستطيع -كما يرى صاحبنا- أن نكون أمة متميزة أو مستقلة، فعليه أن يلغي آلاف السنين من التاريخ وآلاف الكيلومترات من الجغرافيا!! إننا لا نريد أن نشخص واقع العرب بصورة عاطفية تقوم على الشعارات والقرارات الرسمية كحال المؤتمرات العربية، التي ترسم العلاقة بين العرب بصورة وردية مثالية، فهذه العلاقة يشوبها كثير من المشكلات والعوائق، فالعلاقات بين العرب ليست في أحسن أحوالها، وهناك كثير من الشك والخوف والتردد والعزلة وحالة الانكفاء على الذات بين العرب دولاً وشعوباً، وذلك يبين الحاجة لمراجعة هذه العلاقة وإعادة بنائها على أسس جديدة، لكن ذلك لا يبرر تلك الصيحات التي يطلقها بعض كتاب المقالات ورواد شاشات التلفزيون والتي تكرّس فكر القطيعة وفكر الأزمة. إن الشعوب القوية هي التي تتجاوز أزماتها وتعيد بناء نهضتها، ولنا في ألمانيا واليابان نموذج يمكن القياس عليه، فقد دُمّرت كلتاهما بعد الحرب العالمية الثانية، فاليابان خرجت ولديها ثلاثة عشر مليون طالب لا مكان لهم على مقاعد الدراسة، حيث دُمّرت أربعين ألف مدرسة، لكن اليابان اليوم من أفضل دول العالم في نظامها التعليمي، أما ألمانيا فقد دُمّرت بنيتها التحتية واقتصادها حتى أنها عاشت على المساعدات الخارجية، لكن ألمانيا اليوم هي ثالث اقتصاد في العالم، ويعادل إنتاجها الاقتصادي ثلاثة أضعاف اقتصاد العالم الإسلامي، وهما بذلك يضربان المثل أن الأمم حين تقرر أن تنهض فإنها يمكن أن تحقق ذلك؛ لذا فإن لغة الشكوى الدائمة والبحث عن المثالب لا لمعالجتها ولكن للتشهير بها، لغة لا تعالج حاضرا ولا تبني مستقبلاً. إن أمثال هؤلاء الكتاب يسهمون في تخلف العرب وهم جزء من عقليتها الراكدة التي لا ترى الحياة إلا بمنظار أسود، رغم الضجيج الذي يثيرونه حولهم أو محاولتهم لدغدغة العواطف الوطنية أو رغبات بعض الأنظمة والأشخاص الذين لا يرون إلا أنفسهم ولا يعملون إلا لمصلحتهم. إن واقع العرب لا يسر، وتلك مسألة شبع الباحثون تشريحاً لها وآن لهم أن ينتقلوا إلى السؤال التالي: ما العمل؟ وهو سؤال لا يجيب عنه فئة أو مجموعة أو دولة، بل سؤال لكل العرب. هذا إذا أرادوا الخروج مما هم فيه. إن محاولة القفز من السفينة المعطلة إنما هي قفزة في بحر متلاطم ليس أكثر أمناً منها. إن ثقافة النواح التي دأب بعض كتابنا عليها أشاعت روحاً من السلبية واليأس لدى بعض العرب، الذين لا يرون حولهم إلا النكسات والهزائم لا على المستوى العسكري فقط بل على المستوى السياسي والاقتصادي والتنموي، حتى بات كل واحد منهم يخفي هويته أو يحاول أن يتبرأ منها وكأنه بذلك يستطيع أن يحقق لنفسه مكانة متميزة بين الآخرين أو يبحث له عن هوية جديدة بمواصفات جديدة لا يملكها ولا يستطيع أن يحصل عليها من الآخرين. إن التعامل مع الواقع ومحاولة الخروج منه هو السبيل لبناء الإنسان والمجتمع والدولة، وبغير ذلك سيبقى العرب يدورون في أماكنهم مهما كثر نواحهم أو كثرت شكواهم حتى ولو كان ذلك وقت «الضحى».
هل تكون «داعش» أو ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، سبباً في حل المعضلة السورية؟ للإجابة على ذلك تذكروا اتفاق «دايتون» الذي أنهى الحرب في البوسنة والهرسك، فقد بدأ القتل في البوسنة في أبريل...
يبدو أن محرقة الصراعات الطائفية والمذهبية لن تدع أحدا في بلاد العرب والمسلمين، فهذه المحرقة التي تضم تشكيلة من الصراعات التي لم تشهد لها الأمة مثيلا إلا في عصور الانحطاط والتخلف عادت مرة أخرى تقذف...
تتوقف ثلاث شاحنات خالية، يتقدم أحدهم حاملا رشاشا بيده، يلتفت إلى الشاشة لتبدو هيئته المتجهمة التي يكاد الشرر يتطاير منها، وتلف وجهه لحية كثة كأنه أراد من هذه الالتفاتة أن يبرز هويته، ثم يتجه إلى...
تعودت أن أتصل به كلما احتجت لحجز تذكرة سفر، كان يبذل أقصى جهده من أجل الحصول على أفضل العروض بأقل الأسعار، وانقطع التواصل معه بعد دخول التكنولوجيا في حجز التذاكر، بل في كل إجراءات السفر،...
ما هو مستقبل العرب؟ سؤال يبدو مشروعا ونحن ندخل عاما جديدا، حيت تتمثل الإجابة في أن الواقع الحالي لا يمثل النموذج الذي يصبو له العرب ولا يتناسب مع معطيات الحاضر، فإذا كان الأمر كذلك فلا...
سيكون عام 2013م من أكثر الأعوام تأثيرا على الخليج العربي، فلأول مرة منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، يشعر الخليجيون أن «خليجهم ليس واحدا»، فقد بدا واضحا حجم الخلافات بين دوله الأعضاء، فعلى الرغم من البيانات...
بعد أيام سندخل عاما جديدا وحالة العالم «لا تسر عدواً ولا صديقاً»، فقد ازداد فارق الفقر بين الدول، كما ازدادت مشكلاتها وحروبها، وتلويثها للبيئة، وقضائها على الطبيعة، وتقسم العالم إلى شرق وغرب وشمال وجنوب، بل...
«خلال حياتي نذرت نفسي لكفاح الشعب الإفريقي، لقد كافحت ضد سيطرة البيض وكافحت ضد سيطرة السود واعتززت دوماً بمثال لمجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه كل الناس معاً في انسجام وفرص متساوية، إنه مثال آمل أن...
بدعوة كريمة من وزارة الإعلام بدولة الكويت الشقيقة، شاركت مع عدد من الزملاء في زيارة الكويت ولقاء بعض المسؤولين الكويتيين، حيث خرجت الكويت من قمة ناحجة هي القمة العربية الإفريقية، وهاهي تحتضن غدا القمة الخليجية...
أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أيام مجلس التعاون في السويد، ذلك البلد المجهول لكثير من سكان المنطقة رغم التواصل المبكر بين العرب والبلاد الإسكندنافية ومن بينها السويد التي وصلها الرحالة السفير ابن فضلان عام...
شهدت العاصمة السويدية –ستوكهولم- خلال الأسبوع الماضي حضورا خليجيا تمثل في أيام مجلس التعاون في السويد، حيث شارك مجموعة من الدبلوماسيين والباحثين والأكاديميين الخليجيين يرأسهم أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في حوار مع نظرائهم السويديين،...
تستعد مدينة دبي بعد غد لتلقي نبأ مهما في مسيرة تطورها، إذ ستقرر اللجنة الخاصة بمعرض إكسبو الدولي، المدينة المؤهلة لاستضافة دورة المعرض المقررة عام 2020، حيث تتنافس أربع مدن على استضافة المعرض، وهي مدينة...