


عدد المقالات 73
كثير هم المسكونون بفكرة العصامية وإفرازات هذه الفكرة، حيث يفهم هؤلاء النجاح على أنه تمتع الإنسان بقدرات عقلية وسلوكية وجسدية خارقة تمكنه من خوض غمار الحياة وحده وتحقيق النجاح وحده والظفر بالتفوق وحده، بلا مساعدة أحد أو التعاون مع أحد أو التحالف مع أحد أو الاستفادة من تجارب أحد أو استشارة أحد! يساور العصامي اعتقاد بأنه قادر على عمل كل شيء وحده، وهو في قرارة نفسه مستغن عن كل من حوله، ويردد أنا إنسان عصامي!! هذا الفكر رغم انتشاره وتأثر البعض بكل أسف به فإنه فكر عقيم لا يستوي مع وحي الحياة الطبيعية أو سنة المعيشة الكونية ولا فطرة الإنسان السوية. فلا يوجد إنسان بنى نفسه ونجح وتألق وحلَّق بلا تعاونه مع محيطه الاجتماعي والعملي وتفاعله معه وتأثره به وتأثيره عليه. وهنا نشير إلى أن العصامية التي يعيشها البعض مفهوم مشوه وغير حقيقي، حيث إن العصامية الحقة هي أن يتمتع الإنسان بقوة فولاذية في التحمل والصبر والتحدي في سبيل الوصول إلى أهدافه السامية والمشروعة واعتلاء أعلى المراتب في مختلف فضاءات الحياة بكل حزم وعزم وتوكل وطول نفس. نجاح لا يعرف طعم الاستسلام أو التراجع وارتقاء لا يعرف طعم الضعف والهوان والاستكانة، ولكنه نجاح مع الآخرين وبالآخرين ومن خلال الآخرين وليس في غنى عنهم. فصلاة الجماعة تعلمنا نحن كمسلمين فضل الجماعة وجمالية روحها وروعة تعاونها وألق تكاتفها وأهمية وجودها كسور يأمن بها الفرد نفسه ويحس معها وبها الأمان والارتياح والانتماء وهو من حاجاته الطبيعية التي يبحث عنها. فلم تخلق أيها الإنسان لكي تكون نسيج نفسك ومدار وحدك بل خلقت لتكون جزءا من كل وفردا من مجموعة وغصن في شجرة كبيرة أسمها المجتمع. إن عانيت النقص وجدت من يكملك، وإن أعياك الضعف وجد من يقويك، وإن احترت بالرأي والمشورة وهبت من يهديك ويدلك، وإن ضاقت عليك الأرض لاح في الأفق من يوسعها عليك، تأخذ من هذا خبرته ومن ذاك رأيه ومن ثالث دعمه ومن رابع نقدا وتصويبا ومن خامس شراكة حياة ووحدة مصير ومن سادس تجارب لا توجد في أمهات الكتب، بل هي وحي الكفاح الإنساني المجرد. وكل هذا وأكثر من فضل الجماعة على الفرد، فلنعد النظر في كذبة العصامية أيها الأحبة، ولنفهمها بمعناها الإيجابي الرائع وليس بالمعنى السلبي المستنكر والشاذ. هي باختصار إيمان بقدرات الفرد وعبقريته العظيمة وقدراته الهائلة، ولكنها ليست إسقاطاً لفكرة العمل الجماعي والتكامل الإنساني الذي يصنع المعجزات. فالإنسان مهما بلغت قوته فهو أقوى بغيره وأكثر تأثيراً. شريك النجاح من أهم من نشير به هنا ونحن نتحدث عن ثقافة النجاح والتألق الحياتي، هو وجود شريك للنجاح، وهو الشريك الداعم والمحفز والمستشار الآمين، وربما المشارك في المغنم والمغرم والمصير. وهو أحد الرابحين من هذه الفرص والخيارات. لا يلزم أن يكون شريك النجاح شريكا واحدا، بل اجعل لنفسك أكثر من شريك للنجاح. في المنزل وليكن الزوج أو الزوجة مع الأبناء، وشريك في العمل وشريك في الأعمال الخيرية والتطوعية وشريك في طلب العلم وتطوير الذات ونحو ذلك. فوجود هذا الشريك مهم، فمن خلاله يتم التحفيز المتبادل والتشجيع الدائم ويكون تبادل الخبرات والأفكار والتعاون في المهام وتفويض السلطات وتقسيم العمل وهو أمر مهم جداً لمن أراد أن يعمل في أكثر من مشروع ويلعب أكثر من دور. وعليه فكر جدياً في إيجاد شريك نجاحك الداعم لك في أرض الميدان وفي مضمار الحياة. العمل الجماعي وروح الفريق تعاني البيئة العربية من تحديات إدارية كبيرة وهو ضعف ثقافة العمل الجماعي والنزعة إلى الفردية والأنانية في العمل والتنفيذ، وهو أمر بحاجة إلى مراجعة دقيقة وعميقة. تغير هذه المفاهيم لما له من آثار سلبية على بيئة العمل ومستوى المخرجات والحالة النفسية لأعضاء المنظمة. وهنا نستبدلها بقناعات إيجابية مهمة وعملية وحيوية تزيد من جودة العمل وتميز مخرجاته، وتقسم الأدوار بين الأعضاء بالتساوي وحسب كل وما يتقن وما يجيد، وهنا تتكون لدينا لوحة الفسيفساء الجميلة والمعبرة والتي تشكله من خلال فريق عمل ذي نفس تكاملي يتمتع بروح الجد والاجتهاد والإتقان، يشتركون في الأهداف والرؤى ويحصدون النجاح بشكل جماعي، حيث تجمعهم روح الفريق وطاقة الجماعة والحلم المشترك والإنجازات الكبيرة. بيئة النجاح من أهم أفكار النجاح ونحن نغير قناعاتنا عن وهم العصامية هو القرب أكثر من البيئة الإيجابية التي تكون إطاراً حاضننا للإبداع وداعماً له، وهي أحد أهم روافد نجاح أي مشروع أو فكرة أو علاقة، وعلى العكس من ذلك البيئة السلبية فهي قاتلة للإبداع والعمل والإنجاز ومحطمة للجهد البشري ومغتالة لجميع المبادرات، فاهرب منها هروب الشاة من الذئب ولا تتوار في صناعة بيئة إيجابية تحلق من خلالها، أو البحث عن بيئة إيجابية جاهزة تنطلق منها وتتحالف مع أعضائها للصالح العام الذي يرجوه الجميع. همسة فكرية لا تكن الشمعة التي تحرق نفسها وتضيء للآخرين، بل كن الإنسان الذي يحمل شمعة ويضعها مع شموع الآخرين لتضيء الطريق لنا جميعاً!! تأصيل قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2]. قال صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) [رواه مسلم]. محبرة الحكيم العصامية الحقة هي أن لا تعتمد على الآخرين وتتكل عليهم، بل تتعاون مع الآخرين وتتكامل معهم. * مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات CCT وعضو الجمعية الأميركية للتدريب والتطوير ASTD.
نيران تصول وتجول في أعماقه أطفأت العقل وعطلت الحكمة وحجبت البصر والبصيرة. أصبح ذاك الإنسان الوادع والمهذب وحشا كاسرا استبدل الهدوء بالغضب والعقل بالانفلات والحكمة وبالانتقام وأصبح إنسانا آخر لا يعرف مدى نقمته وحدود عدوانيته...
يبحر كثيراً مع رياح الماضي وانكساراته وانتصاراته وآهاته وتعقيداته وأمجاده. فالمتعة العظيمة في مخيلته هي العودة للماضي أو الهروب للمستقبل. وبين هذا وذاك ضيع الحاضر الذي ينتظر منه الكثير من العمل والتركيز والمبادرات والمشاريع. والحاضر...
في يرعان الشباب وعلى أعتاب المرحلة الثانوية وسؤال الوجهة والتخصص والمسار هو السؤال الأبرز على طاولة حياته. الكل حوله يوجهونه ويقترحون عليه لكن حسب ما يردون هم وليس حسب ما يريد هو!! أحس بالممل من...
لطالما أمعن النظر في أحوال الناس من حوله وكان يركز على جانب السعادة لديهم. نظرات الغبطة تخرج من عينه والكثير من الأسئلة يطرحها عقله حيث ظل يردد «يا سعدهم». على الضفة الأخرى كان يقارن أفضل...
كان يُشاهد نشرة الأخبار وحيث السياق في تلك النشرات عن الحروب والدمار. فرئة الإعلام لا تتنفس إلا من خلال الإثارة التي لا تتوفر إلا في مواطن الصراع أو التنافس. كان المذيع يصف حالة الحرب حيث...
عينه دائماً في أعينهم, يرقب ردود الأفعال ويتأمل الوجنات والإيماءات, حريص جداً على رضاهم مهما كلف الأمر. قبل أن ينام يبدأ بعد الأشخاص ويتساءل هل فلان راض علي؟ ويعتقد أنه سوف يحصل رضا كامل الدسم...
وجد ضالته بها؛ فأصبح يستخدم هذه الكلمات لتبرير الكثير من الأحداث من حوله. تعثره الدراسي وانعزاله الاجتماعي وفشل تجارته وأعماله وتأخر الكثير من ملفات حياته. بدأت اللعبة تكون أكثر إغراء ومتعة!! فبدأ الأصدقاء والأقارب من...
تعرفه من قيادته للسيارة، فهو في عجلة دائماً، يصيبه الاكتئاب من منظر الإشارة الحمراء، ويشعر بالضيق عندما يرى السيارات تمشي ببطء من الزحمة! يقود السيارة بتهور لا محدود، وفي النهاية المشوار الذي يذهب إليه هو...
يبهرني مشهد رسول عظيم عليه الصلاة والسلام وهو المعصوم عن الخطأ والمسدد بالوحي يُلح على أصحابه قائلاً «أشيروا عليّ». وعمر رضي الله عنه يدين لأحد الصحابة لأنه أنقذه من قرار خاطئ ويقول «لولى معاذ لهلك...
خرج من منزله وفي جيبه العلوي 500 ريال تدفي قلبه وتحسسه بالأمان المالي على الأقل لفترة قصيرة.. لكن بعد أن عاد إلى المنزل في نهاية اليوم, صاح يردد وعلامات التعجب تملئ وجهه «وين فلوسي وين...
بعد زيارته لتلك المدينة سألته عن انطباعاته عنها. فقال لي: جميلة بس كل أهلها بخلاء. وعندما انعطف بنا الحديث لسؤاله عن إحدى الشركات قال: شركة ممتازة لكن القائمين عليها كلهم فاسدون!! استمر الحديث حول مرئياته...
تجده يعمل في كل صنعة ويهتم بكل خبر، في الحوار مع الآخرين يفتي في كل شيء ولن تجد لكلمة «لا أعلم» أي تواجد في قاموسه. متعة في العمل التجريب الدائم والانتقال المستمر، فاليوم في وظيفة...