


عدد المقالات 105
أزمة الغرب مع روسيا بعد ضمها لجزيرة القرم، وتحول العلاقة بين الطرفين من علاقة تعاون وشراكة بعد مرحلة الحرب الباردة إلى عودة شد الحبل بينهما مرة أخرى عقب دعم الغرب الثورة في أوكرانيا وسقوط الجهة المساندة لروسيا، لا يعني فقط انطلاق حرب باردة ثانية، كما ذهب إلى ذلك مقال بمجلة «الفورين بوليسي» الأميركية مؤخرا بعنوان «مرحبا بالحرب البارة الثانية» بل يعني كذلك بداية نهاية نظرية «نهاية التاريخ» لفرانسيس فوكوياما التي بشرت بانتهاء عصر الأيديولوجيا في التاريخ الإنساني وهيمنة قيم الديمقراطية والليبرالية الغربية على العالم. فهذه روسيا التي لم تنضم لمجموعة الثمانية إلا سنة 1998 تسعى لاسترجاع نفوذها وجزء مما تعتبره تاريخها وإمبراطوريتها ليس فقط على مستوى قرار النظام السياسي، بل حتى على مستوى المجتمع حيث تنامت التيارات السياسية القومية التي تحن للماضي. والصين قبلها تكبر يوما بعد يوم كقوة اقتصادية تكتسح العالم من دون ضجيج ودون أن تتبنى الليبرالية الديمقراطية الغربية، ولا أن تعرف الهزات الاقتصادية والمالية التي عرفتها الولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص. عامل آخر يؤكد تهاوي نهاية نظرية «نهاية التاريخ»، أن الغرب نفسه ساهم في دحض هذه النظرية مثبتا لمن لم يقتنعوا بها وعارضوا «التبشير» بها أنهم كانوا على صواب، لأنه أثبت عمليا أنه يتصرف بمنطق أيديولوجي ومصلحي أناني، ومنطق عقدي أيضا لا علاقة له بالقيم الديمقراطية ولا بالفكر الليبرالي. وهناك ثلاثة عناوين كبيرة لهذا التهاوي، أولها أن الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأميركية فشل فشلا ذريعا ومهولا في نشر الديمقراطية والقيم الليبرالية في دول غزاها وتدخل فيها، وأفغانستان والعراق مثالان صارخان، فالأولى ما تزال غارقة في الخراب والدمار والعنف والتخلف وعدم الاستقرار. والثانية لم تعرف من قبل حالة مزرية ومؤلمة من الطائفية الدينية والصراع السياسي السلبي، والتفرقة الاجتماعية، كما تعرفه اليوم وبعد الغزو الأميركي. العنوان الثاني هو تعامل الغرب مع ثورات الربيع العربي، تفرج طوال ثلاث سنوات على معاناة الشعب السوري وبطش نظام بشار به بكل الطرق، لسبب واحد أنه يخاف من الإرادة الحرة للشعب السوري أن تفرز له نظاما سياسيا لا يقدم له خدمات كالتي قدمها النظام الحالي. الغرب لا يدعم الديمقراطية كقيمة وأسلوب حضاري لتدبير الخلاف السياسي وتحقيق الحكم الرشيد، بل يريد التحكم في مخرجات الديمقراطية وتفصيلها على مقاسه، ولذلك تواطأ على ذبح إرادة الشعب المصري تحت الأضواء الكاشفة، وصمت صمت القبور على الانقلاب العسكري وقتل الديمقراطية وصلخها وسحلها في الميادين، لأنه - رغم الاختلاف الموجود داخل صفه- ينظر للعالم العربي والإسلامي على أنه قاصر لم يبلغ سن الرشد الديمقراطي. وهي نظرة محكومة بخلفية تاريخية ودينية أو أيديولوجية، ومصلحية لا تتحمل أن ترى شعوبا عربية إسلامية تتحكم في مصيرها حرة الإرادة، لأن الغرب يعتقد خطأ أن ذلك يشكل خطرا على مصالحه. أما العنوان الثالث فهو موقف الغرب من مطلب الاحتلال الإسرائيلي للتعامل معه كدولة يهودية واشتراطه على الفلسطينيين الاعتراف بذلك لمواصلة ما يسمى بمسلسل السلام، وهو المواقف المنافق الذي لا يتوافق مطلقا مع القيم الديمقراطية ولا الليبرالية ولا المواثيق الدولية. باختصار، انهارت خرافة «نهاية تاريخ» التي بشرت بتنميط العالم وقولبته في قالب واحد، ومهما تواطأ الغرب على عكس وجهة التاريخ أو التحكم فيها لحفظ مصالحه وإرضاء أنانيته وفرض هيمنته، فإنه سيفشل لأن هناك سنة كونية هي سنة التنوع وقانونا أقوى هو قانون التدافع صاحبا الكلمة في نهاية المطاف، قال الله تعالى: «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ».
«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...
بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...
قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...
«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...
لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...
تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...
«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...
رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...
ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...
تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...
شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...
خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...