عدد المقالات 101
من يتحكم بمصير الثورة السورية؟ ما أسباب وعوامل نصرها وقدرتها على تحقيق أهدافها؟ لا نناقش في مثل هذا المقام الحقيقة الكامنة في هتافٍ شائعٍ في أوساط الثوار يقول (ما لنا غيرك يا الله)، لأن ثمة إجماعاً نادراً تشكّلَ بين السوريين حول تلك الحقيقة على مستوى الاعتقاد والرؤية، وبغضّ النظر حتى عن خلفيتهم الدينية والثقافية. إنما الحديث هنا في إطار ما يمكن أن نسميه عالمَ الأسباب. هذا العالم الذي يتعلق ابتداءً بالفعل البشري الإرادي على هذه الأرض، وبأثر هذا الفعل في تحديد مصائر الأفراد والجماعات. تظهر حساسية هذا الأمر على المستوى العملي والنفسي حين يتمّ ربط مصير الثورة ونصرُها ببعض العوامل بدرجةٍ مُبالغٍ فيها، فيُزرع الاعتقاد في القلوب والعقول بأن مصير الثورة مرتبطٌ حتماً بهذا العامل أو ذاك. وإذا ما مضى الوقت ولم يظهر التأثير (الحاسم) المطلوب من تلك العوامل، يصبح من السهولة بمكان شيوع اليأس والشكوى وما إليها من المشاعر السلبية. يتحدث البعض مثلاً عن أثر العامل الخارجي المتمثل في التدخل بأي شكلٍ من أشكاله. وقد ظنّ هؤلاء في وقتٍ من الأوقات أن هذا العامل سيكون سريعاً وحاسماً، وأن كل ما يتطلبه الأمر هو تفعيل هذا العامل من خلال طلبه واستدعائه، لكن الواقع أظهر أمراً آخر. لا نريد الدخول هنا في ممارسة توجيه الاتهامات للمجتمع الدولي، الغربي تحديداً، على موقفه المخزي من الثورة السورية، فالجميع يعلم أن لهذا المجتمع حساباته ومصالحه التي يتحرك وفق أجندتها. وإذا كان ثمة دورٌ للاستجابة لنداءات المبادئ فإنها لا تتجاوز الاستجابة الإعلامية القائمة على التصريحات المضادة للنظام السوري أكثر من أي شيء آخر. هناك رأي يقول إن المجتمع المذكور يَغفل عن خطورة التصعيد الحاصل في سوريا، وكيف سيؤثر سلباً على مصالحه في نهاية المطاف. قد يكون هذا صحيحاً، وأحداث التاريخ القريبة والبعيدة تدعم هذه المقولة. فأن يكون الغرب مثلاً قادراً على امتلاك مؤسسات الأبحاث والدراسات، وأجهزة الاستقراء والرصد والتحليل، لا يعني بالضرورة أنه كان دائماً يخرج من أبحاثه ودراساته بالقرارات الصحيحة، حتى فيما يتعلق بمصالحه. والأزمات التي مرّت وتمرّ بها أميركا وأوروبا في السنوات الأخيرة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، تشهد على تلك الحقيقة بشكلٍ واضح. من هنا، يبقى الحكم على مدى دقة القراءة الغربية للظاهرة وآثارها متروكاً الآن على الأقل للتاريخ. ويُصبح مطلوباً النظر إلى هذا العامل على أنه مجرد عنصرٍ من عناصر المعادلة، وأن هذا العنصر نفسه يمكن أن يتأثر بعناصر أخرى قد يكون في قدرة الشعب الثائر التحكّم بها أكثر من غيرها. ثمة عاملٌ آخر يُطرح في معرض الحديث عن مصير الثورة، ويجب تحريره والحديث فيه بدرجةٍ من الشفافية والصراحة التي تتطلبها المرحلة. يتمثل هذا العامل في دور هياكل المعارضة السياسية السورية، وفي مقدمتها المجلس الوطني، في التأثير على مصير الثورة. ورغم أن هذا التأثير موجودٌ ولا يمكن إغفاله، فإن من الخطورة بمكان أيضاً الربط بين الأمرين بشكلٍ حاسم لا يقبل النقاش، فيُقال مثلاً إن مصير الثورة مرتبطٌ بمصير المجلس بشكلٍ نهائيٍ وقاطع، وأنّ عجْز المجلس عن أداء دوره لأي أسباب يعني فشل الثورة بشكلٍ كامل. لا بدّ أن يكون للمجلس دورٌ إيجابي في دعم الثورة، لكن من الخطورة بمكان أن نُحاصر أنفسنا وثورتنا نفسياً وعملياً في عمليات الربط المذكورة. فالثورة عمليةٌ حيويةٌ ومُعقّدة، وثمة أسباب وعوامل عديدة تتكامل معاً لتؤثر بمجموعها في مصيرها، وتكون متضافرةً قاعدة انتصارها. أما اختزال الأمر في عاملٍ أو اثنين فإنه يحصل تحت ضغط الواقع. ورغم أن هذا الواقع في غاية الصعوبة، ويمكن أن يدفعنا للبحث عن حبةٍ سحرية واحدة تُخرجنا منه، إلا أن هذا ليس من طبائع الأمور في هذا العالم. ثمة دورٌ للعامل الخارجي، وآخر للمجلس الوطني، وثالث للجيش الحرّ، ورابع للجاليات السورية في الخارج، وخامس لشرائح المجتمع التي ما فتئت تنخرط في الثورة، وسادس لجميع أنواع الحراك السلمي الذي لا يزال مستمراً حتى لو خفّ التركيز عليه بسبب الضجيج الراهن. الأهم من هذا هو أن نتذكّر الجهة الوحيدة القادرة على أن تؤثر في عناصر المعادلة بشكلٍ حقيقي، وهنا يأتي دور الثوار على الأرض. هنا يأتي دور تلك الشرائح التي أشعلت الثورة وكانت ولا تزال تُشكّل القيادة الحقيقية لها في الميدان. يتساءل البعض عن أسباب استمرار الثورة أكثر من عام رغم كل أشكال القمع الوحشي التي تواجهها، ورغم خذلان العالم الخارجي، ورغم تقصير من يجب أن يُقدّم أكثر مما يُقدّم الآن. ولا ينتبه هؤلاء إلى أن هذا الاستمرار والصمود لم يكن ممكناً لولا ممارسات وأشكال لا حصر لها من العمل والتخطيط والتنظيم تُشكّل في النهائية وقود الثورة الحقيقي، والمصدر الأساسي لكل أنواع الدعم والإسناد والاحتضان الذي يقدمه الشعب السوري، ليُثبت بهذا أنه وحده، دون غيره في هذا العالم، هو الذي يعطي الإجابة الحقيقية حول أسئلة المصير والمآل.
بعد بضعة أيام من نشر هـذا المقال، يعقد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اجتماعاً سيكون من أكثر الاجتماعات حساسية في تاريخه وتاريخ الثورة السورية، إن لم يكن أهمها على الإطلاق. وتنبع خطورة الاجتماع بالدرجة...
{وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة قالوا أتجعلُ فيها من يُفسدُ فيها ويسفكُ الدماء ونحنُ نُسبّحُ بحمدك ونُقدّس لك قال إني أعلمُ ما لا تعلمون}. بغضّ النظر عن الحشو الذي يملأ بتفاصيله...
لم يعد ثمة مجالٌ على الإطلاق، وبأي حسبةٍ من الحسابات، أن يسمح عربُ المشرق، ومعهم تركيا، لهذا الطوفان الإيراني أن يجتاح المنطقة بهذا الشكل الصارخ، ليس فقط في قباحته وابتذاله، بل وفي دلالات الموقف الدولي...
منذ بضعة أيام، صدرت عن الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مواقفُ نعتقد أنها غير مسبوقة، وأن دلالاتها السياسية والدينية والثقافية تحتاج إلى كثيرٍ من التأمل. خاصةً عندما نفكر بأسبابها من جهة، ومآلاتها...
قلائلُ هم الرؤساء الأميركان الذين يعرفون لماذا وصلوا فعلاً إلى البيت الأبيض, وماذا سيفعلون فيه على وجه التحديد. هذه حقيقةٌ معروفةٌ في أميركا، رغم أن عدد ساسة هذا البلد الذين يحلمون بالوصول إلى أهم موقعٍ...
ما من شكٍ أن ثوار سوريا على الأرض كانوا ولا يزالون وسيبقون أصحاب القرار الحقيقي، لا نقول فيما يتعلق بمصير الثورة السورية، وإنما في تحقيق نصرها المؤزر في نهاية المطاف. لكن هذا لا يتناقض مع...
من الممكن جداً أن يكون تشكيل الحكومة السورية المؤقتة نقلةً هامة على طريق تحقيق أهداف الثورة السورية. ثمة مؤشرات عديدة على أن هذا الأمر في وارد الحصول، رغم الشكوك التي يطرحها البعض هنا وهناك. يبدأ...
منذ أكثر من خمسة شهور، وفي لحظة تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، كان أعضاؤه يعرفون، ومعهم العالم أجمع، أن الائتلاف هو المؤسسة الأم التي ستتولد عنها ثلاث مؤسسات أخرى أحدُها الحكومة المؤقتة. لم...
كثيرةٌ هي التحديات التي تواجه الثورة السورية، لكن تحدي الحفاظ على (الاستقلالية) بحساباتها وموازناتها الشاملة قد يكون أكثرهاً خطورةً وأهمية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الموقع الاستراتيجي لسوريا فإن التعامل مع هذا التحدي كان وسيبقى مهمةً...
كلما قلتُ متى موعدُنا ضحكت هندٌ وقالت بعد غد. قد يعبّر هذا البيت من الشعر العربي عن حال الثورة السورية مع معارضتها السياسية. فرغم المحاولات المختلفة للقيام بالدور المطلوب من قِبلها، لا تبدو هذه المعارضة...
يمكن وصف الثورة السورية بألف طريقة وطريقة، فهي تحمل في طياتها بحراً من المعاني سيأتي قريباً اليومُ الذي تظهر دلالاتهُ الحقيقية للناس. لكن وصف (الهجرة) قد يبدو في هذه المرحلة مُعبّراً عن واقع السوريين أكثر...
في عددها مطلع الأسبوع الماضي، نشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية مقالاً بعنوان «سوريا، موت وطن». وعلى غلاف العدد، وضعت المجلة رسماً من ثلاثة أسطر يُعبّر عن دمار سوريا بشكلٍ تدريجي وصولاً نحو الخراب الكامل. بعدها بأيام،...