alsharq

د. وائل مرزا

عدد المقالات 101

في تحرير العلاقة بين الثورة السورية والمجلس الوطني

22 أبريل 2012 , 12:00ص

ثمة حاجة لمعالجات وحوارات هادئة وعقلانية لوضع الثورة السورية بشكلٍ عام، وللعلاقة بينها وبين المجلس الوطني على وجه التحديد. ذلك أن مثل هذا الموضوع يُشكّل بحدّ ذاته خدمةً للثورة يجب أن يقدمها أصحاب العلاقة من مفكرين وساسة وغيرهم ممن يمكن أن يُضيف بأصالةٍ في هذا المجال. والخدمة التي نتحدث عنها في هذه المرحلة هي أقلّ ما يمكن أن يقدّمهُ هؤلاء، بالنظر إلى حجم الصمود والتضحيات التي يقدمها الشعب السوري وهو يمضي في طريقه لتحقيق أهدافه. ذلك أن من الطبيعي أن تقوم الشعوب في مثل هذه الظروف بمراجعات تشمل كل ما من شأنه أن يمسّ قضيتهم الأساسية ويكون عاملاً مؤثراً فيها على جميع المستويات. لا مجال إطلاقاً في مثل هذه الحالة لتقديس فكرةٍ أو شخصٍ أو جماعةٍ أو مؤسسةٍ، سواء حصلت الدعوة لهذا التقديس بلسان الحال أو بلسان المقال، وسواء قيلت بشكلٍ مباشر أو تمّت الإشارة إليها بشكلٍ غير مباشر. ولا يمكن بأي حال تحريم فتح الملفات، ولا يجوز فتح الباب لأي نوعٍ من أنواع الإرهاب الفكري على الذات أو على الآخرين بدعوى أن المراجعة والنقد يؤثران سلباً على الثورة، وأنه لا داعي لهما في هذه المرحلة. على العكس من ذلك تماماً، تشيعُ فكرة المراجعة والنقد لدى الشعوب التي تحترم نفسها في الفترات العصيبة أكثر من غيرها، وهذا ما يُمكّنها من تجاوز تلك الفترات بشكلٍ فعالٍ لتصحيح البوصلة على الدوام والعودة إلى الطريق الذي ينتهي بالنجاح والانتصار. وإذا كان يمكن وصف الشعب السوري بشيءٍ اليوم فإنه لا يمكن أن يوصف بأكثر من ممارسته العالية في احترام الذات. فهذا الشعب يقدم للعالم صورةً من ذلك الاحترام تتجلّى في أشكال لا حصر لها من الممارسات الإنسانية السامية باتت معروفةً للقاصي والداني. من هنا، تنبع ضرورة المراجعات وتتبين أهمية فتح الملفات، حتى الحساسة منها، لفهم واقعنا السوري في هذه المرحلة بشكلٍ شاملٍ ودقيق، والتعامل معه بحكمةٍ ومنهجيةٍ في كل مجال. وإذا كان من شرطٍ أساسي لمثل هذه الوظيفة فإنها تتمثل في أن تتصف المراجعات بالموضوعية والعقلانية والعدل، وأن تكون أبعد ما يكون عن الشخصنة والمهاترات اللفظية أو العملية التي لا تليق بأي جهةٍ تدّعي الغيرة على الثورة السورية والحرص على انتصارها. بناءً على هذا، تقترح هذه المقاربة الحوار في إعادة تحرير العلاقة بين هذه الثورة وبين المجلس الوطني السوري، لتصبح تلك العلاقة في تصوّر السوريين جميعاً أكثر واقعيةً مما هي عليه الآن. فقد احتلّ المجلس عند قيامه في أذهان الكثيرين صورة مؤسسةٍ ستقوم بأداء جميع الوظائف والمهمات المطلوبة لانتصار الثورة، وهي وظائف كثيرة ومعقّدة ومتداخلة. وحصلت مبالغاتٌ كثيرة في تصوّر قدرة المجلس على القيام بتلك الوظائف وصولاً لقيادة الثورة إلى الانتصار. لم يستطع المجلس بطبيعة الحال القيام بتلك الوظائف والمهام لأسباب ذاتية وخارجية يطول الحديث فيها وتحتاج لدراسات مفصّلة وعميقة.. ورغم أنه حقق بعض الإنجازات في بعض المجالات، إلا أن تلك المبالغة في تصوّر دور المجلس انعكست مبالغةً في التعبير عن خيبة الأمل به عند الكثيرين في هذه المرحلة. لهذا، تظهر الحاجة الآن للتفكير في نقلة مبتكرة في طريقة تفكيرنا بالعلاقة بين الثورة والمجلس. إذ يجب أن يبقى المجلس عنواناً رئيساً للثورة السورية في الخارج، وأن يقوم بدورٍ رئيسٍ في حقل العلاقات الدولية والسياسة الخارجة تحديداً. ولا بأس من العمل على إصلاحه ومحاولة تطوير عمله وأدائه. وليس من المصلحة أبداً المناداة الانفعالية والعاطفية الغاضبة بإلغائه وتجاوزه. لكن كل هذا لا يعني أبداً الإصرار على تحميله ما ليس في طاقته واقعياً في نهاية المطاف. ثمة وظائف بات واضحاً أن المجلس لم يتمكن من القيام بها كما ذكرنا، ولا نحسب أنه سيكون قادراً على أدائها بسبب عوائق وصعوبات إضافية يبدو أنه قد يمرّ بها في عمليات إعادة الهيكلة التي تبدو ملامحها من الآن. وهذا يقتضي أن تحدث نقلة أساسية في هذا المجال تتمحور حول التفكير في نموذجٍ جديد لخدمة الثورة بفاعلية مع الحفاظ على دور المجلس ووجوده. تتمحور هذه النقلة فيما نرى في أن ننتقل جميعاً لتطبيق فكرة (ثورةٍ يخدمها مجتمع الثورة). والمجتمع الذي نتحدث عنه أوسع مما نتصور. وطاقاته وقدراته وكمونه لا تعرف الحدود. والذين يدعمون الثورة، خاصةً في الخارج، شريحتان. شريحةٌ يقلّ نشاطها أو ينعدم لأنها تنتظر من المجلس القيام بكلّ الوظائف، وأخرى تتحرك ولكن بشكلٍ فردي أو عشوائي. في حين أصبح مطلوباً الآن أن تضمّ هذه الشرائح جهودها لتُصاغ بشكل أعمال مؤسسية تخدم الثورة في جميع المجالات، دون أن تكون بديلاً عن المجلس الوطني، بل ربما تُقدّم كثيراً من نتاجها ليكون باسمه وتحت عنوانه. هناك (فاتورة) يجب أن يدفعها الشعب السوري قبل الثورة أو بعدها. وسمعتُ من المفكر الدكتور عبدالكريم بكار فكرةً فريدةً تقول إن الثورة هي مرحلة تخصص تتلو مرحلة التعليم العام، وهي ما سيساعد الشعب على التعامل مع تلك الفاتورة بشكلٍ صحيح. أمضى الشعب السوري وثورته أكثر من عام في مرحلة التخصص، وإذ يتولى الثوار في الداخل القيام بمهمتهم النبيلة، فقد آن لأصحاب الثورة في الخارج أن يخدموها بشكلٍ أكثر فاعلية ومنهجية تليق بعطاء أهلهم وبما يجب أن يكونوا قد تعلّموه من تجربة هذا التاريخ.

الحكومة المؤقتة في سوريا.. أو الطوفان

بعد بضعة أيام من نشر هـذا المقال، يعقد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اجتماعاً سيكون من أكثر الاجتماعات حساسية في تاريخه وتاريخ الثورة السورية، إن لم يكن أهمها على الإطلاق. وتنبع خطورة الاجتماع بالدرجة...

الثورة السورية.. وقصة البشرية على الأرض

{وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة قالوا أتجعلُ فيها من يُفسدُ فيها ويسفكُ الدماء ونحنُ نُسبّحُ بحمدك ونُقدّس لك قال إني أعلمُ ما لا تعلمون}. بغضّ النظر عن الحشو الذي يملأ بتفاصيله...

عرب المشرق وطوفان إيران

لم يعد ثمة مجالٌ على الإطلاق، وبأي حسبةٍ من الحسابات، أن يسمح عربُ المشرق، ومعهم تركيا، لهذا الطوفان الإيراني أن يجتاح المنطقة بهذا الشكل الصارخ، ليس فقط في قباحته وابتذاله، بل وفي دلالات الموقف الدولي...

الثورة السورية بين مفتي السعودية والقرضاوي

منذ بضعة أيام، صدرت عن الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مواقفُ نعتقد أنها غير مسبوقة، وأن دلالاتها السياسية والدينية والثقافية تحتاج إلى كثيرٍ من التأمل. خاصةً عندما نفكر بأسبابها من جهة، ومآلاتها...

هل تفهم أميركا الثورة السورية بشكلٍ استراتيجي؟

قلائلُ هم الرؤساء الأميركان الذين يعرفون لماذا وصلوا فعلاً إلى البيت الأبيض, وماذا سيفعلون فيه على وجه التحديد. هذه حقيقةٌ معروفةٌ في أميركا، رغم أن عدد ساسة هذا البلد الذين يحلمون بالوصول إلى أهم موقعٍ...

الثورة السورية والمشهد الإقليمي

ما من شكٍ أن ثوار سوريا على الأرض كانوا ولا يزالون وسيبقون أصحاب القرار الحقيقي، لا نقول فيما يتعلق بمصير الثورة السورية، وإنما في تحقيق نصرها المؤزر في نهاية المطاف. لكن هذا لا يتناقض مع...

الحكومة السورية المؤقتة نقلة في عمل المعارضة

من الممكن جداً أن يكون تشكيل الحكومة السورية المؤقتة نقلةً هامة على طريق تحقيق أهداف الثورة السورية. ثمة مؤشرات عديدة على أن هذا الأمر في وارد الحصول، رغم الشكوك التي يطرحها البعض هنا وهناك. يبدأ...

الحكومة السورية المؤقتة.. حقائق وشبهات

منذ أكثر من خمسة شهور، وفي لحظة تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، كان أعضاؤه يعرفون، ومعهم العالم أجمع، أن الائتلاف هو المؤسسة الأم التي ستتولد عنها ثلاث مؤسسات أخرى أحدُها الحكومة المؤقتة. لم...

تحدي «استقلالية» قرار الثورة السورية

كثيرةٌ هي التحديات التي تواجه الثورة السورية، لكن تحدي الحفاظ على (الاستقلالية) بحساباتها وموازناتها الشاملة قد يكون أكثرهاً خطورةً وأهمية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الموقع الاستراتيجي لسوريا فإن التعامل مع هذا التحدي كان وسيبقى مهمةً...

الحكومة السورية المؤقتة: لماذا وكيف؟

كلما قلتُ متى موعدُنا ضحكت هندٌ وقالت بعد غد. قد يعبّر هذا البيت من الشعر العربي عن حال الثورة السورية مع معارضتها السياسية. فرغم المحاولات المختلفة للقيام بالدور المطلوب من قِبلها، لا تبدو هذه المعارضة...

«الهجرة» السورية الكبرى

يمكن وصف الثورة السورية بألف طريقة وطريقة، فهي تحمل في طياتها بحراً من المعاني سيأتي قريباً اليومُ الذي تظهر دلالاتهُ الحقيقية للناس. لكن وصف (الهجرة) قد يبدو في هذه المرحلة مُعبّراً عن واقع السوريين أكثر...

سوريا.. ولادةُ وطن

في عددها مطلع الأسبوع الماضي، نشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية مقالاً بعنوان «سوريا، موت وطن». وعلى غلاف العدد، وضعت المجلة رسماً من ثلاثة أسطر يُعبّر عن دمار سوريا بشكلٍ تدريجي وصولاً نحو الخراب الكامل. بعدها بأيام،...