alsharq

محمد عيادي

عدد المقالات 105

الحصاد المر للانفصال

21 نوفمبر 2014 , 07:11ص

بعد ثلاثة سنوات من انفصال جنوب السودان، لم يحصد الجنوبيون إلا المرارة والمآسي، حيث تسببت الحرب الدائرة على السلطة في مقتل أكثر من 10 آلاف شخص ومليون ونصف المليون مشرد على الأقل، فضلا عن المعاناة مع الفقر والمرض وغياب أبسط الشروط لحياة إنسانية سليمة، وأي بنيات تشير لوجود دولة. لم يعد بالإمكان إخفاء هذه الحقيقية منذ اندلاع الحرب التي توصف بالأهلية في ديسمبر 2013، وبات بعض المسؤولين الغربيين خاصة من الإدارة الأميركية يتحدثون عن افتقار «الدولة» بجنوب السودان لنخبة سياسية قادرة على قيادتها وإدارة البلد وإيصاله لبر الأمان. وحتى لا تنفلت الأوضاع وتخرج عن السيطرة، وتضيع «أرباح» الانفصال، تحركت الإدارة الأميركية وقدمت مشروع قرار لمجلس الأمن يقضي بوضع جنوب السودان تحت الوصاية الدولية على الأقل لمدة سنتين بمبرر حماية المدنيين، بحيث تتولى الأمم المتحدة إدارة البلاد وحفظ الأمن وتهييء المناخ السياسي لانتخابات عامة تفرز برلمانا وحكومة تتسلم قيادة البلادة وإدارتها. ربما تكون الخطوة محاولة جديدة للضغط على الأطراف المتناحرة على السلطة حتى داخل الحركة الشعبية لإيقاف الحرب والوصول لتسوية سياسية، لكن التحركات المتواصلة في مجلس الأمن المرتبطة بالموضوع -حسب بعض التقارير الإعلامية- تشير لوجود تخوف كبير من احتمال تأزم الوضع، مما يعني ضرورة وجود حل لإنقاذ الموقف. ويعود مقترح الوصاية الدولية لمساعد وزير الخارجيّة الأميركي للشؤون الإفريقية سابقا هانك كوهين، الذي سبق له أن كتب بشكل واضح، أن الحركة الشعبية -التي تشكل نظام الحكم في جوبا- غير قادرة على إدارة الدولة التي وصفها بالفتية، ونقَطَ لها (من التنقيط) بالأصفار في كل المستويات (البنية التحتيّة، المؤسّسات، التعليم..) وخلص إلى أن الحركة غير قادرة على حكم جنوب السودان، مقترحا مساعدة الأخير على إقامة دولة بفرض وصاية دولية. وعلى افتراض تبني مجلس الأمن لمشروع القرار الأميركي، لا توجد أي ضمانات على نجاح هذا «الحل» خاصة أنه يحمل رسالتين كبيرتين، الأولى إعلان واضح عن عدم نجاح عملية قيصرية لولادة دولة، والثانية إعلان فشل منظمتين إفريقيتين؛ الاتحاد الإفريقي والإيجاد أو الإيغاد (هيئة حكومية للتنمية شبه إقليمية ترعى التعاون والتكامل الإقليمي في منطقة شرق إفريقيا) التي ترعى رسميا محادثات سلام الجنوب، وتعتبر خطوة مجلس الأمن إن تمت خطفا لملف جنوب السودان من يديها، لكنها صرخة عاجز سرعان ما سيصفق للخطوة ويرحب بها. رئاسة «دولة» جنوب السودان ترفض الوصاية، والصين تعارضها وتطالب بإعطاء الفرصة لحل سياسي بين الجنوبيين، لأنها تعي جيدا أن المحرك مصلحي وليس إنسانيا، وأن الإدارة الأميركية تسعى للهروب إلى الأمام كما يقال والتغطية على مساندتها الكبيرة والمطلقة لمشروع فاشل وخيار خاطئ بالانفصال بدل الدفع في خيار آخر كان بإمكانه معالجة الإشكالية بطريقة أحسن لجنوب السودان من خلال حكم ذاتي مثلا في إطار دولة السودان الموحدة. ألم تستوعب الولايات المتحدة الأميركية خلافات سنوات طويلة، وتداعيات الحرب الأهلية وطوت صفحتها؟ ألم تستوعب اختلافات أجانسها وأعراقها ودياناتها وثقافتها في دولة كبيرة متحدة قوية في إطار نظام فيدرالي؟ نعم الأمر يحتاج في السودان لوقت ليعم الوعي عند كل الفئات والجهات والولايات بأهمية ونجاعة خيار الاختلاف والتنوع تحت سقف الوحدة، لكن هذا لا يخدم مصلحة النافذين المتحكمين في العالم سياسيا واقتصاديا، ولذلك ساندوا ودفعوا في اتجاه خيار الانفصال، الذي لم يحصد منه عامة أهل جنوب السودان إلا المرارة والمآسي والتشرد والقتل، والمعاناة... قد يضاف لها استعمار في القرن الـ21 تحت راية الأمم المتحدة، لأن نظام الوصاية الدولية ما إلا هو تحديث من الأمم المتحدة وتغطية على نظام استعماري قديم كان يدعى نظام الانتداب أيام عصبة الأمم.? • el3yadi@gmail.com

هل هي نهاية التاريخ؟

«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...

العالم الإسلامي والحاجة لإيقاف النزيف

بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...

الآتي من الزمان أسوأ!

قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...

الحب السائل

«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...

تأخر تشكيل الحكومة المغربية.. الوجه الآخر للصورة

لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...

كثرت المآسي.. هل تجمد الحس الاحتجاجي؟

تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...

ترامب.. هل هو خريف الديمقراطية الأميركية؟

«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...

مخاض تشكيل الحكومة المغربية الجديدة

رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...

حرب التسطيح

ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...

لا نحتاج لديمقراطية مريضة

تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...

أوباما والعالم الإسلامي.. وعود لم تتحقق

شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...

لماذا يخاف الغرب من اللاجئين؟

خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...