


عدد المقالات 65
يبدو أن خطة عنان لم تفشل فحسب في وقف نزيف الدم في سوريا، إنما خلقت وضعا أسوأ بكثير مما كان قبلها، حيث منحت نظام البعث الشرعية وأمدته بأسباب البقاء بعد أن طوقت الاحتجاجات دمشق. لقد كسب نظام البعث مزيدا من الوقت لسحق المحتجين برعاية الأمم المتحدة، فما تزال المدن الحاضنة للثورة تتعرض للقصف والاجتياح كل يوم. المتغير الوحيد هو أن المجتمع الدولي أعاد الثقة للأسد من خلال التفاوض معه على تطبيق خطة عنان. سقط إذن مطلب رحيل النظام الذي نادى به العديد من قادة دول العالم منذ تفجر الثورة السورية قبل أكثر من عام. لكن الأكثر تعقيدا في الحالة السورية ليس تخلي المجتمع الدولي عن الثورة وتركها تواجه آلة البعث المتعطشة لدماء المواطنين. أبدا ليس هذا ما يؤزم مستقبل الثورة لأن الشعب قادر على إكمال المهمة دون عون من الخارج، إنما تكمن المشكلة في أن القوى المؤثرة في العالم حريصة على بقاء نظام البعث في سوريا، وتحاول من خلال خطة عنان تحسين مجال الحريات بما ينفّس عن النظام ويمكّنه من لملمة جراحه. لا يمكن اعتبار هذا الطرح ركونا لنظرية المؤامرة، بدليل أن هناك عاملين رئيسيين يدعمانه: الأول، اضطرار الغرب لمجاملة محور إيران والصين وروسيا، لتفادي أي وضع قد يزيد التوتر في الشرق الأوسط ويعطل إمدادات النفط. بينما الثاني، وهو الأهم، ضمان أمن إسرائيل. تتفق دوائر القرار في الغرب على أن نظام البعث هو الأكثر التزاما في حماية الكيان المغتصب. وما دامت إسرائيل فقدت حليفا مهما في مصر، فإن الإبقاء على الأسد أكثر من ضروري في وقت تمور فيه المنطقة بفعل عواصف التغيير. الإرادة الدولية إذن مع خلود الأسد، ولعل هذا ما يفسر استكباره وضربه عرض الحائط بالنداءات والإدانات. الشواهد كثيرة على أن الجبن متأصل في نظام البعث، فقد طرد في أقل من يوم زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان بعد أن هدد الجيش التركي عام 98 باجتياح دمشق. ورغم الغارات الكثيرة التي تنفذها إسرائيل في سوريا لم يحدث أن حركت قوات الأسدين ساكنا. النظام إذن ما كان ليقوى على مواجهة ضغوط العالم لولا إدراكه عدم جديتها، وقد لمّح الأسد نفسه لهذا في أكثر من خطاب. لقد أعادت خطة عنان -التي تمثل التفافا وقحا على الثورة- التأكيد على عدة حقائق لم تكن غائبة أصلا عن الأذهان: أولاها، نفاق الغرب في التعاطي مع حقوق الإنسان وتغليبه المصالح على المبادئ. الثانية، أن الحماس العربي لا يحقق أي نتيجة إذا ما تخلفت الإرادة الغربية. لقد نبهنا أكثر من مرة إلى أن الأدوار التي تلعبها الجامعة العربية في الثورات لا تؤشر إلى تحول في العمل العربي المشترك ولا تعكس وعيا بحتمية التغيير. العرب مسيّرون دوما في التعاطي مع أزمات المنطقة، ولم تكن الجامعة يوما إلا تابعا أو نائبا عن الفاعل الأصلي (الغرب) في أحسن الأحوال. أما الحقيقة الثالثة، فهي أن التدويل لا يخدم الثورة -أي ثورة- لأنها عمل كاسح يجبّ ما قبله ولا يكترث بإكراهات الواقع وأطره، بينما السياسية الدولية تتنازعها المصالح والأهواء. لقد خلص كثيرون إلى أن خطة عنان تعني بالمحصلة نجاح النظام في فرض منطقه على الشارع، لأن الثورة لا تقبل الترقيع ولا أنصاف الحلول. لكن هذا التقدير رغم وجاهته ليس قدر السوريين، فبإمكانهم التأكيد من جديد على بقاء الثورة حية وإرغام الأسد على الرحيل صاغرا. بيد أن هذا لن يتحقق قبل العودة للشارع، وإعلان القطيعة مع الجيش الحر، وإعفاء المعارضة من مهمة تمثيل الثورة في الخارج. لقد خسرت الثورة السورية عندما اختُطفت كلمتها من قبل معارضة تتباين رؤاها وأجنداتها وحتى ولاءاتها، وخسرت كثيرا عندما عولت على السلاح في حسم الموقف. إن حمل السلاح ضد نظام الأسد لا يمكن أن يعد جريمة، لكنه لا يخدم الثورة البتة لأن نهايته تصوير الوضع على أساس أنه قتال يعالج بالأطر التقليدية الدولية، من قبل وقف إطلاق النار، ما يؤدي في النهاية إلى إجهاض الثورة وإسكات الحناجر المنادية بالتغيير.
حكومة رجب طيب أردوغان فوضها البرلمان التركي بأغلبية كبيرة لتحريك الجيش «للدفاع عن نفسه ضد الهجمات الموجهة إلى بلدنا من قبل مجموعات إرهابية في سوريا والعراق». والبرلمان البريطاني أذن لديفيد كاميرون في شن غارات جوية...
رغبة مختلف الفاعلين الدوليين والإقليميين في الاستفادة من التنظيمات المسلحة في سوريا والعراق كانت وراء نموها وتعاظم قوتها.. عول عليها الغرب في إيجاد ذريعة لمواصلة تكريس نفوذه بالمنطقة ورعى النظام السوري نشأتها لاستثمارها سياسيا في...
عندما سألت وزير خارجية البرازيل السابق سيلسو أموريوم قبل ثلاثة أعوام عما إذا كان نظراؤه العرب قد سعوا للاستفادة من تجربة بلاده الديمقراطية ونجاحها في الفصل بين السلطات والتخلص من إرث الاستبداد، أجاب بأن أياً...
قبل كل شيء، نستنكر قتل الأميركيين في بنغازي ومهاجمة سفاراتهم في معظم دول العالم الإسلامي. ولأعبّر بشكل قاطع عن معارضة هذه الأحداث، عدت لمعجم الإدانة بالجامعة العربية لأستعير منه كل مفردات الشجب والاستنكار والاستبشاع. حرية...
عندما بحثت عن الزواج من أقلية الروهينجا المسلمة المضطهدة، بدا الشيخ «جوجل» عاجزا حتى عن العثور على حالة واحدة رغم علمه بتفاصيل يوميات هذه الأقلية في مخيمات اللجوء، وما تتعرض له من اضطهاد وتشريد على...
لعل أبرز نتائج قمة حركة عدم الانحياز التي انعقدت في طهران مؤخرا هو أن النظام أكد للعالم أنه يعتنق عقيدة التحريف ويضيق بالآخر. في تاريخ الدبلوماسية الحديث وربما القديم أيضاً، لم تجرؤ أي دولة على...
في مقابلة أجرتها معه رويترز الأسبوع الماضي، أكد الرئيس المصري أن بلاده تعمل على خلق توازن في علاقاتها الإقليمية والدولية ولن تكون طرفا في أي مشكلة أو نزاع. يؤكد الرئيس بهذا التصريح أنه لا يزال...
عبور الخط الأحمر يعني احتمال وجود تهديد لأمن إسرائيل، بينما طحن عشرات الآلاف من السوريين بالأسلحة الثقيلة وصب الجحيم على رؤوسهم ممارسة داخل الخط الأخضر. هذا منطق الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي بدا مؤخرا حازما...
لعل أكثر الناس تفاؤلا لم يتوقع أن يستعجل الرئيس المصري خوض المعركة ضد العسكر -أحرى عن طردهم- من المشهد السياسي في غضون شهر من إمساكه بمقاليد الأمور. قرارات الرئيس إذن كذّبت نبوءات المراقبين بأن طنطاوي...
لم يعد وارداً الحديث عن بقاء الأسد سيداً على السوريين، فالوضع الميداني والسياسي هناك يؤكد أنه يلفظ نفسه الأخير.. يبلي الجيش الحر بلاء حسناً في حلب ويغزو دمشق المرة والمرتين في اليوم الواحد.. وفي دمشق...
يبدو أن الإيرانيين بصدد تفجير ثورة ثانية، بعد أن تأكد لملايين المهمشين والمحرومين أن الثورة الإسلامية لم تثمر سوى عن تعميق الفوارق الطبقية وسيطرة رجال الدين على السلطة والمال. تمتلك إيران ثالث أكبر احتياطي للنفط...
في أكتوبر من عام 2003 قصفت إسرائيل منطقة على بعد 15 كيلومترا من دمشق، وفي يونيو 2006 أخذت أربع طائرات إسرائيلية نزهة فوق قصر الرئيس الأسد في مدينة اللاذقية، كان ذلك في وضح النهار، وفي...