alsharq

د. سعيد حارب

عدد المقالات 133

لماذا تأخر الربيع؟

19 ديسمبر 2011 , 12:00ص

كان مقال الأسبوع الماضي إجابة عن سؤال حول: ماذا بعد الربيع؟ ونواصل اليوم الحديث عن الإجابة عن سؤال آخر، وهو: لماذا تأخر الربيع العربي؟ ففي سيرورة الأحداث نجد أن التحولات نحو تعزيز الديمقراطية في العالم بدأت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق وانتهاء الحرب الباردة، فشهدت أوروبا الشرقية تحولات سياسية تبعتها دول جنوب شرق آسيا ثم أميركا اللاتينية، بل إن أجزاء من إفريقيا شملتها موجة التغيير، وبقيت المنطقة العربية عصية على الدخول في أي تحولات ديمقراطية أو تحديثية في المجال السياسي، على الرغم مما سمي بالتحديث الاجتماعي الذي لم يتجاوز الحريات الفردية، لكن الحريات العامة بقيت بعيدة عن التحديث، بل في مغرقة في التخلف السياسي وغياب منظومة القيم الإنسانية، فلماذا تأخر الربيع العربي؟ إن البحث في ذلك يشير إلى أن هناك مؤثرات خارجية وداخلية، فقد كانت مواجهة إسرائيل هي الشماعة التي علق عليها العرب كل أسباب تخلفهم، فخلال 60 عاما كان شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» هو الشعار الذي تلوح به الأنظمة العربية الدكتاتورية، أما المطالبة بالإصلاحات السياسية، حتى عندما جاءت موجة «السلام» تحول الشعار إلى «المحافظة على مسيرة عملية السلام»، لكن الشعوب العربية اكتشفت أنها كانت ضحية خديعة كبرى من نظمها، فلا تحرير فلسطين تم!! ولا السلام تحقق!! وأنها بالمقابل خسرت حريتها وحقوقها مقابل شعارات زائفة؛ لذا نجد أن الجماهير التي خرجت في الميادين العربية لم تنس قضية فلسطين، لكنها لم تجعل منها أداة للمطالبة بحقوقها في العيش بكرامة وحصولها على حقوقها، أما السبب الثاني لتأخر الربيع فهو عدم نضج التجربة السياسية للأجيال العربية، فقد كانت التنمية السياسية غائبة عن العربي في كل وسائل التوجيه الرسمية، وما زالت كذلك، فلم تسهم مؤسسات التعليم أو سائل الإعلام والتوعية الاجتماعية أو الدينية في تكوين وعي سياسي صحيح لدى الإنسان العربي؛ لأن ذلك يفتح تساؤلات كثيرة عن واقعه السياسي في مجتمعه، وترك الأمر للمؤسسة الرسمية لتملأ ذهنه بما تشاء من التبجيل والتعظيم لكل منجز، فكانت التنمية السياسية العربية تنمية زائفة، ولم تكوّن لدى الإنسان العربي رؤية يستطيع من خلالها أن يتفاعل مع واقعه المحلي أو الدولي ليختار لنفسه ما يناسبه، فقد كانت السياسة إحدى أضلاع الثالوث المحرم لدى العربي، وكان للأمر أن يستمر لولا دخول متغير في الحياة الإنسانية وهو تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، ونشوء جيل متعلم استطاع أن يتواصل مع هذه التكنولوجيا وأن يكسر حاجز «العزلة» السياسية التي فرضت عليه لعقود طويلة، ولذا فإن الوعي السياسي الذي يعيشه الجيل الجديد من العرب ليس مسألة اختيارية، فهو يعيش هذه الحالة في يومه وليلته من خلال ما يدور حوله، وما لا تنقله الوسائل الرسمية تتكفل به الوسائط الخاصة من قنوات متلفزة أو شبكات تواصل اجتماعي، فأصبح كل واحد في هذا الجيل «يصنع» عالمه الخاص مما أضعف دور المؤسسة الرسمية في «توجيه» الناس نحو الصواب والخطأ باعتبارها «المعيارية» لذلك، بل أصبحت هي المعروضة على معايير القياس التكنولوجية بمدى صدقية ما تقدم. إن هذه التحولات لا تبدو ملاحظة بصورة واضحة لمن لا يتابع ما يدور في هذه الشبكات، لكن متابعة يوم واحد لها تعطي تصورا واقعيا لما يفكر به هذا الجيل الذي أصبح يفرض نفسه في كل جوانب الحياة، أما السبب الثالث في تأخر الربيع العربي فهو الرغبة الغربية في الهيمنة على المنطقة العربية، فرغم البراغماتية والنفعية التي تقوم عليها السياسات الغربية تجاه العالم فإن موقفها من العرب كانت تحكمه معادلتان هما أمن إسرائيل وتدفق النفط، فأمن إسرائيل كان الدافع لمساندة الغرب للقوى الدكتاتورية في بعض البلاد العربية لأنها تشكل الحاجز الذي يوفر أمنها واستقرارها، أما النفط فإن الغرب ليس حريصا على تدفقه فقط، بل تدفقه بسعر مستقر يناسب أسواقه وصناعاته، ولذا فإن «المراوغة» بالحرب على إيران والتهديدات الموجهة لها ليست في حقيقتها إلا رسالة للعرب للبقاء تحت المظلة الغربية؛ لأن كلا من إيران والغرب يعلمان يقينا أن أي حرب قد تنشأ ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط وتوقف الحياة في كثير من المصانع والمدن الغربية، وقد عملت القوى الغربية خلال العقود الماضية على استقرار الأوضاع العربية حتى لا تؤثر أي تغييرات على أمن إسرائيل أو تدفق النفط العربي، فدعمت بعض الأنظمة العربية وهي تعلم أنها لا تطبق أدنى معايير الديمقراطية التي ينادي بها الغرب، لكن حين حانت لحظة السقوط تخلت عنها وربما أسهمت في سقوطها كما حدث في ليبيا، فليس صحيحا أن الغرب سيقف مع «أصدقائه» إلى آخر مدى، وما أمثلة شاه إيران وماركوس دكتاتور الفلبين وغيرهم إلا دروسا تاريخية لمن أراد أن يستفيد منها، فالغرب كما يقول الفيلسوف الأميركي «نعوم تشومسكي» يقف مع «أصدقائه» ما داموا قادرين على السيطرة، فإذا تيقن أنهم ساقطون لا محالة بدأ بالعزف على وتر «الديمقراطية» لضمان استمرار مصالحه؛ ولذا فإن الثورات العربية ليست صدى للدعوات الغربية للديمقراطية، لكنها تتعامل بعقلانية مع الغرب، إذ لا يمكن لأي دولة أن تنعزل عن المجتمع الدولي خاصة في شقه الغربي الذي يعد مركزا للأحداث، لكن هذه العلاقة لن تكون -بالطبع- علاقة تبعية كما كانت مع الأنظمة السابقة، بل ستكون صورة لما ينبغي أن تتعامل به الشعوب والدول من العلاقة الحسنة والمصالح المتبادلة. فقد تغير العرب بعد الربيع!!

بين «داعش» ودايتون!!

هل تكون «داعش» أو ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، سبباً في حل المعضلة السورية؟ للإجابة على ذلك تذكروا اتفاق «دايتون» الذي أنهى الحرب في البوسنة والهرسك، فقد بدأ القتل في البوسنة في أبريل...

وجاء دور الإباضية

يبدو أن محرقة الصراعات الطائفية والمذهبية لن تدع أحدا في بلاد العرب والمسلمين، فهذه المحرقة التي تضم تشكيلة من الصراعات التي لم تشهد لها الأمة مثيلا إلا في عصور الانحطاط والتخلف عادت مرة أخرى تقذف...

محاكم التفتيش «الإسلامية»!!

تتوقف ثلاث شاحنات خالية، يتقدم أحدهم حاملا رشاشا بيده، يلتفت إلى الشاشة لتبدو هيئته المتجهمة التي يكاد الشرر يتطاير منها، وتلف وجهه لحية كثة كأنه أراد من هذه الالتفاتة أن يبرز هويته، ثم يتجه إلى...

عندما يصبح الإنسان رقماً!

تعودت أن أتصل به كلما احتجت لحجز تذكرة سفر، كان يبذل أقصى جهده من أجل الحصول على أفضل العروض بأقل الأسعار، وانقطع التواصل معه بعد دخول التكنولوجيا في حجز التذاكر، بل في كل إجراءات السفر،...

خطوة إلى المستقبل.. أيها العرب

ما هو مستقبل العرب؟ سؤال يبدو مشروعا ونحن ندخل عاما جديدا، حيت تتمثل الإجابة في أن الواقع الحالي لا يمثل النموذج الذي يصبو له العرب ولا يتناسب مع معطيات الحاضر، فإذا كان الأمر كذلك فلا...

هل ما زال «خليجنا واحداً»؟!

سيكون عام 2013م من أكثر الأعوام تأثيرا على الخليج العربي، فلأول مرة منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، يشعر الخليجيون أن «خليجهم ليس واحدا»، فقد بدا واضحا حجم الخلافات بين دوله الأعضاء، فعلى الرغم من البيانات...

عام مضى.. عام أتى.. ما الجديد؟!

بعد أيام سندخل عاما جديدا وحالة العالم «لا تسر عدواً ولا صديقاً»، فقد ازداد فارق الفقر بين الدول، كما ازدادت مشكلاتها وحروبها، وتلويثها للبيئة، وقضائها على الطبيعة، وتقسم العالم إلى شرق وغرب وشمال وجنوب، بل...

رمح الأمة

«خلال حياتي نذرت نفسي لكفاح الشعب الإفريقي، لقد كافحت ضد سيطرة البيض وكافحت ضد سيطرة السود واعتززت دوماً بمثال لمجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه كل الناس معاً في انسجام وفرص متساوية، إنه مثال آمل أن...

قمة الكويت.. وتطلعات الخليجيين

بدعوة كريمة من وزارة الإعلام بدولة الكويت الشقيقة، شاركت مع عدد من الزملاء في زيارة الكويت ولقاء بعض المسؤولين الكويتيين، حيث خرجت الكويت من قمة ناحجة هي القمة العربية الإفريقية، وهاهي تحتضن غدا القمة الخليجية...

البلد المجهول!

أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أيام مجلس التعاون في السويد، ذلك البلد المجهول لكثير من سكان المنطقة رغم التواصل المبكر بين العرب والبلاد الإسكندنافية ومن بينها السويد التي وصلها الرحالة السفير ابن فضلان عام...

أيام التعاون في السويد

شهدت العاصمة السويدية –ستوكهولم- خلال الأسبوع الماضي حضورا خليجيا تمثل في أيام مجلس التعاون في السويد، حيث شارك مجموعة من الدبلوماسيين والباحثين والأكاديميين الخليجيين يرأسهم أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في حوار مع نظرائهم السويديين،...

إكسبو

تستعد مدينة دبي بعد غد لتلقي نبأ مهما في مسيرة تطورها، إذ ستقرر اللجنة الخاصة بمعرض إكسبو الدولي، المدينة المؤهلة لاستضافة دورة المعرض المقررة عام 2020، حيث تتنافس أربع مدن على استضافة المعرض، وهي مدينة...