نحو تخصصات جامعية مثرية

إن الاختيار السليم المناسب للميول والقدرات هو طريقة مثمرة وآمنة للعيش بسلام وأمان في مختلف أمور الحياة وفرصة ثمينة للإبداع والإنتاج وسبيل حقيقي لإعمار الأرض بحب وتفان وإخلاص باتحاد جميع الموارد البشرية مع بعضها البعض. ويعتبر القرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد لكل ما هو مثر ومفيد في الحياة، فإن الله تعالى أرسل لرسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى في صدر سورة إبراهيم: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، وبجانب ذلك، فإن القرآن قد احتوى على أصول المعارف والعلوم والصناعات، فقد حوى القرآن – كما قال العلماء- علوم الأولين والآخرين، ولا يستطيع أحد أن يحيط به علما على الحقيقية إلا المتكلم به سبحانه وتعالى، ثم رسوله صلى الله عليه وسلم مما أوحى الله تعالى به. والإنسان على مر العصور طور في العلوم والنظريات والقوانين وسهل الإجراءات الكونية لتنفيذ الحاجيات والمطالب البشرية. فعلى سبيل المثال لا الحصر إن تخصصات مثل الفن التشكيلي والتاريخ واللغات الأخرى والعلاقات العامة، مهمة جداً ولا يجب استبعادها من تخصصات الابتعاث الحكومي للدراسة في خارج الدولة، فالمتخصص في العلاقات العامة يمكن أن يكون مدرسا للتربية الإعلامية في المدارس، أو محاضرا في نفس التخصص في مراكز الشباب، بالإضافة للعمل في مراسم الجهات الحكومية المختلفة، وإن استبعاد مثل هذا التخصص قرار غير صائب. ولا ننسى أهمية تخصصات الرياضيات والكيمياء وعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها من التخصصات المطلوبة والمغذية للمدارس والكليات في المجتمع، وإن هناك نقصاً من الكوادر التدريسية القطرية في هذا المجال، ولابد من وجود تخصصات تغذي روافد توطين هذه الوظائف، بالتالي تجب إضافة تخصصات جديدة، وعدم اقتصارها على تخصصات لا تلبي طموح الطالب ولا تلبي متطلبات سوق العمل في المستقبل، فلابد من تكاتف جهود كلية التربية بجامعة قطر ووزارة التربية والتعليم والتعليم العالي من أجل استقطاب الدارسين بها. وكذلك المتاحف والوزارات بما فيها وزارة الثقافة، والحي الثقافي كتارا لديها جميعها إدارات للعلاقات العامة، وإدارات للآثار، وهي تحتاج إلى متخصصين في العلاقات العامة والتاريخ والفنون التشكيلية. وكما يمكن أن يكمل الماجستير والدكتوراه ويصبح باحثاً، أو معيداً في الجامعة أو مؤلفاً قطرياً في مجال العلاقات العامة، أو مجال علم النفس الاجتماعي، مطالباً بإشراك أولياء الأمور والطلاب قبل اتخاذ هذه القرارات،. إن التحاق الطالب للابتعاث بتخصص لا يرغب فيه سيقتل الإبداع لدى الطالب، ويقتل شغفه للبحث عن المعلومات والاطلاع على تفاصيل وخبايا تخصصه، أنه لن يكون راضياً عن تخصصه الوظيفي مستقبلاً ولن يستطيع أن يعمل فيه بالكفاءة المطلوبة. كم نتمنى الاستغلال الأمثل لإجازتي الصيف والربيع للطلاب والتعاون المثمر بين مركز قطر للتطوير المهني التابع لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع ووزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي ووزارة الرياضة والشباب من أجل تنظيم رحلات لطلاب المدارس والمراكز الشبابية لزيارة جهات العمل الحكومية والخاصة مثل البنوك والمصانع والورش والمختبرات للتعرف على طبيعة المهن والعمليات التشغيلية بها ليظفر الشباب باختيار ما هو مناسب ومثرٍ له ولمجتمعه في المستقبل.. ودمتم بود وسلام.