alsharq

د. وائل مرزا

عدد المقالات 101

سعد عبد الله الخرجي - المدير التنفيذي لمركز قطر للتطوير المهني 27 أكتوبر 2025
خطاب يرسم خريطة طريق
رأي العرب 29 أكتوبر 2025
الاستثمار في العنصر البشري

حصاد الثورة السورية في عام

18 مارس 2012 , 12:00ص

يصر الشعب السوري الثائر أن يعبر عن نفسه بالفعل والموقف بدل التعبير بالكلمات. تلك هي الرسالة التي أرسلها هذا الشعب حين خرج يوم الجمعة الماضي يتظاهر سلميا بمئات الآلاف وفي جميع أنحاء سوريا. تنظر إلى هذه الصورة، وتتأمل فيما كتبته عن الثورة السورية على مدى شهور، فتدرك أنك لم تكن مخطئا. لم تكن مخطئا حين وصفت هذه الثورة بالملحمة السورية الكبرى. وحين تكلمت عن شعب يكتب بداية حقيقية أخرى لتاريخه العظيم، يقدم من خلالها نموذجا إنسانيا يحتذى سيتحدث عنه التاريخ طويلا. وأن السوريين يقدمون في هذه الملحمة الراقية بحياتهم وسلوكهم وممارساتهم ومواقفهم نمطا من الفعل الإنساني السامي يطمح لتحقيقه كل شعب يتوق للحرية والكرامة، وكل أمة تريد أن تبدأ فصلا جديدا من فصول وجودها على هذه الأرض. لم تكن مخطئا حين أكدت المرة تلو الأخرى أن المقام ليس مقام الكتابة الأدبية، وأن كل كلام منمق سيكون تافها وقاصرا عن التعبير. وأن كل ما تكتبه ويكتبه غيرك ليس سوى محاولة متواضعة لنستقرئ جميعا وبإجلال ظاهرة اجتماعية إنسانية فريدة أصبحت لها مفرداتها ونحويتها ولغتها الخاصة. ظاهرة تبدو الحاجة ماسة لدراستها من جانب علماء الاجتماع في كل المجالات؛ لأنها تتجاوز الفعل السياسي المباشر الذي يركز عليه الكثيرون، وتقدم أمثلة وشواهد على ولادة جديدة لواقع إنساني جديد. لم تكن مخطئا حين استقرأت بعض ملامح هذا الواقع الذي يعمل السوريون لإيجاده، وأنه واقع لا تتنافر فيه بالضرورة مقومات الأصالة مع مقومات المعاصرة، ولا يشتبك فيه لزاما التاريخ بالحاضر، ولا تتناقض فيه وجوبا متطلبات الدنيا مع متطلبات الآخرة، ولا تتضارب فيه عوامل الهوية الذاتية مع مقتضيات العلاقة مع الآخر. لم تكن مخطئا حين رأيت كيف تحاول الملحمة السورية أن تلغي ثقافة حدية تنظر إلى العالم والحياة من خلال الثنائيات المتناقضة وتخلق مكانها ثقافة جديدة.. ثقافة تهضم إمكانية أن يكون شعب أصيلا ومعاصرا في الوقت نفسه، وتتصور إمكانية أن يعيش شعب حاضره وزمانه بكل الحيوية المطلوبة، وأن يكون في الوقت نفسه ممتلئا بعبق التاريخ. ثقافة تفهم أنه يمكن لشعب أن يحيا في هذه الدنيا حياة طيبة، ملؤها الخير والحق والعدل والحرية والجمال، ثم تكون تلك الحياة بحد ذاتها طريقا إلى نعيم الآخرة الموعود للصالحين المصلحين من بني البشر. ثقافة تدرك أنه يمكن لشعب أن يحافظ على كل خصائص ومقومات هويته الذاتية، وأن ينفتح في الوقت نفسه على الآخر في هذا العالم أيا كان، ويتفاعل معه أخذا وعطاء، بكل الطلاقة وبكل الحيوية، دون أن يكون هذا بالضرورة سبيلا لذوبان الهوية وضياع الخصوصيات. لم تكن مخطئا حين أبصرت كيف يفدي السوري أخاه فعليا وهو يرفع في درعا شعار (بالروح بالدم نفديك يا حمص)، وكيف يتكرر الفداء من منطقة إلى أخرى. وكيف رأيت في هذا المشهد العفوي العجيب لقطة باهرة من المشهد السوري، بل ورمزية إنسانية كبرى تلفت نظر البشرية في كل مكان، خاصة ونحن نتحدث عن بشرية مثقلة بهموم مادية غيبت في عالمها مثل هذه المعاني، بحيث لم تعد تذكر إلا في معرض الحديث عن بطولات جرت في تاريخ سحيق أصبحت ملامحه وأحداثه باهتة في الذاكرة الإنسانية. لم تكن مخطئا حين تحدثت عن السقوط المدوي لورقة المقاومة من قبل النظام، وعن سقوط حاجز الخوف لدى الشعب السوري، وكيف يعتبر هذا مكسبا هائلا ومفرق طريق نفسي متميز في عملية قيام الدول ونهوض المجتمعات؛ لأنه الأداة الرئيسة لظهور إرادة جمعية على التغيير الجذري لا يمكن أن يقف في وجهها بعد حاجز الخوف حاجز، مهما طال الطريق. لم تكن مخطئا حين أعدت تفسير مصطلح (المندسين) الذي اخترعه النظام، وخرجت من ذلك إلى أن هذا الشعب البطل وجد أخيرا، وبعد عقود من الصبر والمعاناة والتعب، فراشه الأصلي الذي كان يبحث عنه. فراش الكرامة والحرية والوحدة الوطنية. وأنه بدأ يندس في هذا الفراش الممتد على مساحة الوطن بأسره. وجدت كيف يشرح الله من عليائه صدر الشعب السوري اليوم، فيرمي عن ظهره وزر أثقال أنقضته من القهر والذل والهوان، ويندس في ذلك الفراش، ملتحفا بكل ما في طاقة الإنسان على هذه الأرض من معاني العزة والشجاعة والبطولة والتضحية والفداء. فيشعر بالدفء بعد برد قارس طويل، وتنفجر عبقريته بألف طريقة وطريقة لتظهر للعالم نموذجا فريدا عما يمكن أن تفعله الشعوب حين يشتعل شوقها إلى الحرية. كلمة واضحة هي مناط التكريم الإنساني الفريد على هذه الأرض، ولا تحتاج إلى تعريف تطلبه أبواق تافهة لا تستحق أن تذكر بأكثر من هاتين الكلمتين. لم تكن مخطئا حين شعرت بأنه لا غرابة بعد كل هذا أن يرفع الله في عليائه ذكر هذا الشعب البطل. وأنه ليس كثيرا أن يمن عليه بعد هذا العسر بيسرين، ينصب معهما ليساهم في تقديم نموذج جديد للوجود البشري على هذه الأرض، يرغب إلى خالق الإنسان، ويرغب في رؤيته كل إنسان واقعا حقيقيا. لم تكن مخطئا حين احترت فيما تقول وفيما تكتب وفيم تتحدث وأنت تحاول أن تختصر الملحمة السورية العظيمة في مقال من صفحتين، ثم حين قرأت تعريفا آخر للملحمة يقول بأنها: «قصة شعرية طويلة مليئة بالأحداث غالبا ما تقص حكايات شعب من الشعوب في بداية تاريخه»، فشعرت أن السوريين ماضون لا بد في كتابة قصتهم وصناعة ملحمتهم التاريخية بطريقتهم وأبجديتهم الخاصة، وكأنما هم يعيدون اختراع الأبجدية للبشرية.. مرة أخرى بعد أن قاموا بذلك منذ آلاف السنين. وأخيرا، لم تكن مخطئا حين تساءلت ثم وجدت الجواب: هل يكون ما نتحدث عنه غريبا وكثيرا ومبالغا فيه؟ قد يظن البعض ذلك، خاصة ممن (هرموا) بعد أن عاشوا عقودا بعقلية تستكثر على نفسها القدرة على التغيير، وتستكثر على ثقافتها أن تكون فيها ينابيع جديدة للحياة البشرية، وأن يكون لإنسانها قول ودور في عملية تدافع الحضارات. رغم هذا، يكفينا أملا أن ثمة جيلا عربيا جديدا يفهم عماذا نتحدث؛ لأنه هو الذي ألهمنا بفعله ابتداء أن نقول ما نقول.

الحكومة المؤقتة في سوريا.. أو الطوفان

بعد بضعة أيام من نشر هـذا المقال، يعقد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اجتماعاً سيكون من أكثر الاجتماعات حساسية في تاريخه وتاريخ الثورة السورية، إن لم يكن أهمها على الإطلاق. وتنبع خطورة الاجتماع بالدرجة...

الثورة السورية.. وقصة البشرية على الأرض

{وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة قالوا أتجعلُ فيها من يُفسدُ فيها ويسفكُ الدماء ونحنُ نُسبّحُ بحمدك ونُقدّس لك قال إني أعلمُ ما لا تعلمون}. بغضّ النظر عن الحشو الذي يملأ بتفاصيله...

عرب المشرق وطوفان إيران

لم يعد ثمة مجالٌ على الإطلاق، وبأي حسبةٍ من الحسابات، أن يسمح عربُ المشرق، ومعهم تركيا، لهذا الطوفان الإيراني أن يجتاح المنطقة بهذا الشكل الصارخ، ليس فقط في قباحته وابتذاله، بل وفي دلالات الموقف الدولي...

الثورة السورية بين مفتي السعودية والقرضاوي

منذ بضعة أيام، صدرت عن الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مواقفُ نعتقد أنها غير مسبوقة، وأن دلالاتها السياسية والدينية والثقافية تحتاج إلى كثيرٍ من التأمل. خاصةً عندما نفكر بأسبابها من جهة، ومآلاتها...

هل تفهم أميركا الثورة السورية بشكلٍ استراتيجي؟

قلائلُ هم الرؤساء الأميركان الذين يعرفون لماذا وصلوا فعلاً إلى البيت الأبيض, وماذا سيفعلون فيه على وجه التحديد. هذه حقيقةٌ معروفةٌ في أميركا، رغم أن عدد ساسة هذا البلد الذين يحلمون بالوصول إلى أهم موقعٍ...

الثورة السورية والمشهد الإقليمي

ما من شكٍ أن ثوار سوريا على الأرض كانوا ولا يزالون وسيبقون أصحاب القرار الحقيقي، لا نقول فيما يتعلق بمصير الثورة السورية، وإنما في تحقيق نصرها المؤزر في نهاية المطاف. لكن هذا لا يتناقض مع...

الحكومة السورية المؤقتة نقلة في عمل المعارضة

من الممكن جداً أن يكون تشكيل الحكومة السورية المؤقتة نقلةً هامة على طريق تحقيق أهداف الثورة السورية. ثمة مؤشرات عديدة على أن هذا الأمر في وارد الحصول، رغم الشكوك التي يطرحها البعض هنا وهناك. يبدأ...

الحكومة السورية المؤقتة.. حقائق وشبهات

منذ أكثر من خمسة شهور، وفي لحظة تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، كان أعضاؤه يعرفون، ومعهم العالم أجمع، أن الائتلاف هو المؤسسة الأم التي ستتولد عنها ثلاث مؤسسات أخرى أحدُها الحكومة المؤقتة. لم...

تحدي «استقلالية» قرار الثورة السورية

كثيرةٌ هي التحديات التي تواجه الثورة السورية، لكن تحدي الحفاظ على (الاستقلالية) بحساباتها وموازناتها الشاملة قد يكون أكثرهاً خطورةً وأهمية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الموقع الاستراتيجي لسوريا فإن التعامل مع هذا التحدي كان وسيبقى مهمةً...

الحكومة السورية المؤقتة: لماذا وكيف؟

كلما قلتُ متى موعدُنا ضحكت هندٌ وقالت بعد غد. قد يعبّر هذا البيت من الشعر العربي عن حال الثورة السورية مع معارضتها السياسية. فرغم المحاولات المختلفة للقيام بالدور المطلوب من قِبلها، لا تبدو هذه المعارضة...

«الهجرة» السورية الكبرى

يمكن وصف الثورة السورية بألف طريقة وطريقة، فهي تحمل في طياتها بحراً من المعاني سيأتي قريباً اليومُ الذي تظهر دلالاتهُ الحقيقية للناس. لكن وصف (الهجرة) قد يبدو في هذه المرحلة مُعبّراً عن واقع السوريين أكثر...

سوريا.. ولادةُ وطن

في عددها مطلع الأسبوع الماضي، نشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية مقالاً بعنوان «سوريا، موت وطن». وعلى غلاف العدد، وضعت المجلة رسماً من ثلاثة أسطر يُعبّر عن دمار سوريا بشكلٍ تدريجي وصولاً نحو الخراب الكامل. بعدها بأيام،...