alsharq

أحمد المصطفوي

عدد المقالات 84

توقف عن التخيل واسترخ!

15 نوفمبر 2012 , 12:00ص

لقد ساد اعتقاد عام بين علماء النفس خلال النصف الأول من القرن العشرين أن الطريقة المثلى في التعامل مع المرضى النفسيين هي بالتحليل النفسي، والقائمة على أن القلق أساسه هو ترسبات قديمة في النفس. وهذه الترسبات يمكن التعامل معها فقط من خلال جلسات مطولة من الاستشارة النفسية، حيث يتحاور الدكتور مع مريضه لوقت طويل يقوم فيه بتحليل جذور هذه الترسبات، ثم تفكيكها وجلبها بشكل واضح أمام المريض لمساعدته على تجاوز هذه الأفكار المثيرة للقلق والمنغصة لعيشته. ولكن عالم النفس جوسيف ولبي وجد مخرجاً آخر، فعالم النفس -من جنوب إفريقيا- كان يعالج مرضى نفسيين يعانون من متلازمة القلق التابعة لحادثة مؤلمة، ومعظم هؤلاء المرضى هم قدامى محاربون من الحرب العالمية الثانية، حيث واجهوا أهوال الحرب، وتلازمت معهم مشاهد عنيفة تمنعهم من النوم ومتابعة حياتهم بشكل طبيعي. لقد وجد العالم جوسيف أن طريقة التحليل النفسي الفرودية لا تجدي نفعاً مع كثير من مرضاه، بل بعض منهم ساءت حالته، مما دفعه لمنحى جديد في علم النفس. جوسيف يؤمن أن هناك طريقة أسهل وأفضل من التحليل النفسي، وقد بدأ البحث في تجارب سابقة لعلم النفس، والتي تؤكد أن الإنسان يمكنه أن يتعلم أنماطا جديدة، من خلال بناء أو تشغيل تنبيه خاص في عقله الباطن، مثل أن تعلم الطفل الخوف من الجرس عندما تربط صوت الجرس بشيء يخيفه، فكل مرة يسمع فيها صوت الجرس يخاف والعكس صحيح. لقد بنى جوسيف نظريته أنه كما يمكنك أن تعلِّم نمطاً جديداً من خلال تشغيل تنبيه، يمكنك أن تُنسي أو تقتل نمطاً قديماً، وبالتالي تتخلص من النمط غير المرغوب (على سبيل المثال الاضطراب). لقد اكتشف أيضاً أن الإنسان لا يستطيع أن يمر بإحساسين متناقضين في الوقت ذاته، مثال من المستحيل أن تشعر بالقلق الشديد وأنت في قمة الاسترخاء والراحة الذهنية. هذا الاكتشاف ألهمه إلى تعليم مرضاه -قدامى المحاربين- حركات استرخاء لعضلاتهم، مع تنبيه خاص يمرون به وقت الاسترخاء وما يعرف اليوم «بإيقاف الضد». لقد طلب جوسيف من المرضى أن يتخيلوا شيئاً أو موقفاً مخيفاً أو مضطرباً، وإذا شعروا بالاضطراب والقلق يطلب منهم فوراً التوقف عن التخيل والاسترخاء. هذه الطريقة تم استخدامها بصورة دورية حتى استطاعت أن تحجب عن المريض الشعور بالقلق والاضطراب. لقد صارت طريقة «إيقاف الضد» نظرية مهمة في المباحث العلمية، وأسلوباً فعالاً لمعالجة الكثيرين من الأحداث الحياتية المثيرة للقلق والاضطراب، لأنها ركزت في ذاتها على العقل البشري، وأعادت البرمجة وكيفته على التوقف عن التفكير في الأحداث المثيرة للاضطراب في الشخص. وهذه النظرية صارت أساساً في مجال التعامل العلاجي، وساهمت في طرق جديدة ومبتكرة للتخفيف من وطأة القلق وأنواع الفوبيا المختلفة. هذه الطريقة وغيرها فتحت منحى جديداً للعلاج النفسي، ولكن ما يثير اهتمامي هنا هو وجه التشابه بين هذه النظرية وما نقوم به نحن المسلمين، فعند التعرض للشدائد أو الشعور بالقلق يكون الملاذ الأول لنا هو اللجوء للمولى -عز وجل- من خلال الصلاة أو قراءة القرآن الكريم، الذي يعيد للنفس هدوءها وسكينتها بعد الاضطراب، فنحن نستخدم هذه الطريقة منذ آلاف السنين دون تحديد، فقراءة القرآن أو الصلاة أو مناجاة الله سبحانه، تبعث في النفس الاسترخاء، لأنها توقف العقل البشري عن التفكير المستمر في ما يثير الاضطراب والقلق، كما ذكر المولى –عز وجل- في محكم كتابه «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ» سورة المؤمنون. وفي الختام أسأل المولى -عز وجل- أن يبعث الخشوع والطمأنينة في قلوبنا جميعا. لكم مودتي واحترامي.

الاختلاف في الرأي سبب خراب أي قضية!

مدخل: موضوعي اليوم مقتطفات شاردة وواردة من حياتنا اليومية، هذه المقتطفات مثل أوراق الشجر في الخريف التي سرعان ما تذبل وتسقط وتدوسها الأقدام ثم تلقى للمهملات، وتستمر الحياة بدونها حتى يأتي فصل الخريف مرة أخرى....

اغتصاب القرارات

مدخل: في اللهجة الدارجة نقول لشخص «شوره مب بيده» عندما نعني أنه لا يمتلك الحرية لاتخاذ القرار. ومن أبرز المشاكل التي قد تواجه الفرد منا عندما يسلب القدرة على اتخاذ القرار، فيبدأ بالشعور بالعجز والقهر،...

سوبرمان والفلسفة!

قد يستغرب القارئ من ذكري لسوبرمان في عدد من مقالاتي، وتعود إشارتي المتكررة لهذه الشخصية لسببين رئيسيين، الأول هو أنها شخصية خرافية يعلم عنها الجميع وقد قرأنا عنها في المجلات وشاهدنا مغامراتها بالرسوم المتحركة. السبب...

أن تكون تحت الأضواء

إن البحث العلمي في مجال «طريقة عمل الدماغ» يعيش في وقتنا هذا عصراً ذهبياً، فلا تكاد تخلو مجلة علمية أو تقرير علمي دون وجود دراسة أو تجربة عملية في هذا المجال، وتكمن الأهمية البالغة لهذه...

أكون أو لا أكون هذا هو السؤال؟

مدخل: «الله أعطاك وجهاً واحداً، ولكنك أنت من تخلق لنفسك وجوهاً عديدة».. ويليام شكسبير «أكون أو لا أكون هذا هو السؤال؟» هو المقطع الافتتاحي من مسرحة ويليام شكسبير الخالدة «هاملت»، حيث يقف الأمير هاملت ويتساءل...

تعدد المهام وظاهرة السوبر مان!

مدخل: «في عصر لا يعترف إلا بالسرعة، من الصعب أن تجد وقتاً لكي تستمتع بما تقوم به». مجهول لم يخطئ من سمى هذه الألفية بألفية السرعة، فكل شيء يتحرك بسرعة كبيرة جداً، ساعات اليوم الأربع...

صفحة من الذاكرة

مدخل: «لا أجد متعة أكثر من تلك التي أجدها في الاستماع إلى الآخرين ومقارنة تجارب الفشل والنجاح مع ما فعلته أنا بذاتي» (مجهول المصدر). الكثير منا يحب أن ينظر إلى صور الألبومات القديمة، ليتذكر ماضياً...

تغيير القناعات وقناعة التغيير

قبل أن أتطرق للموضوع المذكور بالعنوان أود أن أسترجع قصة قصيرة ذكرها لي أحد الأصحاب وهي كالتالي: (دخل أحد طلاب المرحلة الثانوية الفصل بعد انتهاء حصة الرياضيات، ونتيجة لتأخره وجد أن الجميع خرج من الصف،...

الشطحات اللامنطقية!

مدخل: «دائماً ما نعتقد أن القرارات التي نتخذها مبنية على تفكير عميق وتحليل منطقي، ولكن الواقع مغاير لهذا الاعتقاد، فالكثير من قراراتنا عشوائية، وهي نتيجة أهواء محضة ومشاعر داخلية (مجهول). الشطحة الأولى جلس محمد أمام...

الموعد

ملاحظة لعزيزي القارئ: مقالي اليوم قصة قصيرة كتبتها في زمان مضى، ألطف بها أجواء صارت مشحونة. جلس يعقوب في كرسيه وهو يهز رجله بصورة متواصلة، نظر إلى يمينه ثم إلى يساره وهو يزفر في حرارة...

هل انتهى عصر الدولار؟

إذا ما عدنا لكتب التاريخ لوجدنا أن التعامل التجاري بين مختلف الشعوب بدأ من خلال مبدأ «التبادل»، فلم تكن هناك عملة تحكم وتنظم عمليات البيع والشراء، فلقد كان التبادل سيد الموقف، فإذا أردت شراء قدر...

تعالج من الأمراض من خلال «Skype»!

خلال آخر 20 عاماً رأينا نقلة نوعية في مجال الطب الحديث، سواء كانت من خلال الأدوية الحديثة التي صارت أكثر فاعلية وبأضرار جانبية أقل، أو من خلال العمليات الجراحية المختلفة التي صارت متخصصة في أكثر...