


عدد المقالات 133
تحدثنا في الأسبوع الماضي عن تكوينات النخبة وأشرنا إلى أن من تكوينات النخبة تلك التي تؤثر الاستقلال الفكري بعيدا عن التقييد، واليوم نشير إلى أن من بين تكوينات النخبة العربية أولئك الذين استمدوا صفتهم «النخبوية» من أداء دور وظيفي محدد كرجال السياسة والعسكريين، وكبار الموظفين والاقتصاديين، ورغم أهمية هؤلاء وتأثيرهم على مستوى القرار المباشر، إلا أن دورهم «النخبوي» يبقى محدداً ومرتبطاً بأدائهم لمهامهم الوظيفية؛ إذ يتلاشى هذا الدور بمجرد ابتعاد أحدهم عن أداء مهامه أو وظيفته، فكثير من السياسيين والاقتصاديين وغيرهم كانوا مؤثرين وفاعلين في أثناء أداء وظائفهم، ثم لفهم النسيان بعد ذلك وقليل منهم من بقي مؤثراً في الحياة بعد تركه لدوره الوظيفي، بل يلجأ بعض أفراد هذه النخبة إلى التحول للفئة الأولى وهي «النخبة الفكرية» أو ذات التأهيل العلمي، إما من خلال العمل في الميدان الفكري والأكاديمي أو إبراز مواهب وأدوار لم تكن لديهم في أثناء أدائهم الوظيفي، وهذا ما يبرر اتجاه رجال السياسة والمال إلى إنشاء الجامعات أو المراكز البحثية أو المؤسسات العلمية والثقافية «لتخليد» أسمائهم وبقاء ذكرهم حياً بعد وفاتهم الحقيقية أو وفاتهم الوظيفية، ولعل أسماء مثل «روكفلر» و»كارنيجي» و»فولبرايت» و»كارتر» و»جيمس بيكر» وغيرهم من الساسة والاقتصاديين الأميركيين الذين اتجهوا إلى إنشاء المؤسسات الأكاديمية والبحثية إلا دليل على أهمية تحول هؤلاء من الفئة الثانية إلى الفئة الأولى رغم أن بعضهم يحمل «صفات» النخبة الفكرية مع صفات «النخبة الوظيفية» مثل «هنري كسينجر» وزير الخارجية الأميركي الأسبق الذي بقي سياسياً لامعاً ضمن إطار النخبة السياسية الفكرية التي استمرت بتأثيرها السياسي والفكري رغم انتهاء الصفة الأولى، وهناك فئة أخرى هي النخبة ذات المكانة الاجتماعية، فهم أولئك الذين يستمدون صفتهم «النخبوية» من مكانتهم الاجتماعية كالنبلاء وأفراد الطبقات الاجتماعية الرفيعة، فرغم استمرار هذه الفئة لدى مجتمعات كثيرة خاصة في الشرق، إلا أن دورها بدأ في التراجع والتقهقر، إما لصالح الفئة الأولى أو الثانية؛ إذ تغيرت رؤية المجتمعات الحديثة إلى الصفة «النخبوية» من المكانة الاجتماعية للمكانة العلمية أو الوظيفية، وساعد على ذلك تحول المجتمعات إلى مجتمعات «مدنية» تؤسس وتدار من خلال مؤسسات يسهم فيها أفراد المجتمع، ولا تضع وزنا كبيراً للمكانة الاجتماعية، ويلاحظ هذا بوضوح في المجتمعات المتقدمة التي تراجعت فيها المكانة الاجتماعية تراجعاً كبيراً، وأصبح ابن الفلاح أو العامل قادراً على التأثير من خلال صوته الانتخابي أو وظيفته، أو من خلال تأثيره الفكري والثقافي على إحداث كثير من التغيرات داخل مجتمعه، أما في المجتمعات الشرقية والنامية فما زالت المكانة الاجتماعية تمثل إحدى المؤثرات في بناء الرؤية «النخبوية» لدى إنسان هذه المجتمعات، وقد استطاعت هذه الفئة في بعض الأحيان «تجيير» المستجدات والمتغيرات الحديثة لدعم مكانتها، فالأحزاب والتجمعات السياسية التي تنشأ في بعض دول العالم الثالث، والتي يُفترض فيها أن تقود عملية التغير الاجتماعي والسياسي لصالح المجتمع المدني، نجد مثل هذه الأحزاب والتجمعات تقع فريسة هذه الفئة من النخبة الاجتماعية التي تستغل حاجة الفرد في مجتمعها لدعم موقعها، فتجد الناخب أو الموالي سياسياً يعطي ولاءه أو صوته الانتخابي أو ثقته، لا للأصلح، وإنما لمن يحقق له أكبر قدر من المصالح الشخصية، أو لمن تطلب القبيلة أو الفئة أو الطائفة أو الجهة دعمه ومساندته بغض النظر عن صلاحه أو فساده، فسيطرت بذلك فئات محددة من الناس على مسار العمل النخبوي في تلك الدول، فرأينا أحزابا سياسية حكراً على عائلة واحدة أو طائفة واحدة، ولا يزدهر شأن هذا الحزب أو ذاك إلا بتولي أحد أفراد تلك العائلة لزعامته، كبعض الأحزاب السياسية العربية، بل حتى تلك المؤسسات والأحزاب التي تزعم السعي للتغيير والتطوير بأساليب ثورية أو تقدمية لا تختلف كثيراً عن هذا؛ إذ ما زال بعضها حكراً على جماعة معينة، وهم بذلك لا يختلفون عن المؤسسات والأنظمة السياسية التي «كثيراً» ما وجهوا لها التهم بـ»الجمود» و»التخلف»، ولذا نجد أن هذه الفئة من النخبة قد أسهمت في تخلف مجتمعاتها وعدم لحاقها بالتقدم الحضاري الإنساني القائم على العطاء الفكري والعلمي؛ لأن أفراد هذه الفئة لم يكتسبوا «نخبويتهم» من جهودهم العلمية والفكرية؛ أي أنها ليست مكتسبة، وقابلة للتطوير والتنمية كشأن النخبة الفكرية والعلمية التي يحرص أصحابها على تطوير مهاراتهم وملكاتهم الفكرية والعلمية حتى لا يفوتهم الركب أو حتى لا تتراجع صفتهم «النخبوية»، وإنما يمكن أن نصف هؤلاء –النخبة الاجتماعية- بأنهم نخبة «قدرية»؛ أي أنهم أصبحوا نخبة لأسباب لا علاقة لها بعلمهم أو عملهم أو عطائهم أو إسهامهم، وإنما «قدراً» أصبحوا نخبة! وهنا تبدوا المشكلة؛ إذ يصبح هؤلاء «مقتنعين» بأنهم لا حاجة لهم في العلم أو العمل أو التطوير، وهذه من أدوات النخبة الفكرية أو الوظيفية، فهي نخب محتاجة لهذه الأدوات، ومحتاجة للآخرين، أما أصحاب هذه النخبة فأدواتهم في ذلك هي «قدرهم» الذي وضعهم في هذه المكانة الاجتماعية، كما أنهم نخبة يحتاجها الناس ولا تحتاج لأحد، إلا أن الحكم على هذه الفئة ليس عاماً، فهناك من لم يكتف بـ»نخبويته» الاجتماعية، بل أضاف لها بعداً ثقافيا وفكرياً، وعززها بالدور الوظيفي مما خرج بها من المفهوم الضيق للنخبة الاجتماعية إلى صفة الفئات النخبوية الأخرى.
هل تكون «داعش» أو ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، سبباً في حل المعضلة السورية؟ للإجابة على ذلك تذكروا اتفاق «دايتون» الذي أنهى الحرب في البوسنة والهرسك، فقد بدأ القتل في البوسنة في أبريل...
يبدو أن محرقة الصراعات الطائفية والمذهبية لن تدع أحدا في بلاد العرب والمسلمين، فهذه المحرقة التي تضم تشكيلة من الصراعات التي لم تشهد لها الأمة مثيلا إلا في عصور الانحطاط والتخلف عادت مرة أخرى تقذف...
تتوقف ثلاث شاحنات خالية، يتقدم أحدهم حاملا رشاشا بيده، يلتفت إلى الشاشة لتبدو هيئته المتجهمة التي يكاد الشرر يتطاير منها، وتلف وجهه لحية كثة كأنه أراد من هذه الالتفاتة أن يبرز هويته، ثم يتجه إلى...
تعودت أن أتصل به كلما احتجت لحجز تذكرة سفر، كان يبذل أقصى جهده من أجل الحصول على أفضل العروض بأقل الأسعار، وانقطع التواصل معه بعد دخول التكنولوجيا في حجز التذاكر، بل في كل إجراءات السفر،...
ما هو مستقبل العرب؟ سؤال يبدو مشروعا ونحن ندخل عاما جديدا، حيت تتمثل الإجابة في أن الواقع الحالي لا يمثل النموذج الذي يصبو له العرب ولا يتناسب مع معطيات الحاضر، فإذا كان الأمر كذلك فلا...
سيكون عام 2013م من أكثر الأعوام تأثيرا على الخليج العربي، فلأول مرة منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، يشعر الخليجيون أن «خليجهم ليس واحدا»، فقد بدا واضحا حجم الخلافات بين دوله الأعضاء، فعلى الرغم من البيانات...
بعد أيام سندخل عاما جديدا وحالة العالم «لا تسر عدواً ولا صديقاً»، فقد ازداد فارق الفقر بين الدول، كما ازدادت مشكلاتها وحروبها، وتلويثها للبيئة، وقضائها على الطبيعة، وتقسم العالم إلى شرق وغرب وشمال وجنوب، بل...
«خلال حياتي نذرت نفسي لكفاح الشعب الإفريقي، لقد كافحت ضد سيطرة البيض وكافحت ضد سيطرة السود واعتززت دوماً بمثال لمجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه كل الناس معاً في انسجام وفرص متساوية، إنه مثال آمل أن...
بدعوة كريمة من وزارة الإعلام بدولة الكويت الشقيقة، شاركت مع عدد من الزملاء في زيارة الكويت ولقاء بعض المسؤولين الكويتيين، حيث خرجت الكويت من قمة ناحجة هي القمة العربية الإفريقية، وهاهي تحتضن غدا القمة الخليجية...
أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أيام مجلس التعاون في السويد، ذلك البلد المجهول لكثير من سكان المنطقة رغم التواصل المبكر بين العرب والبلاد الإسكندنافية ومن بينها السويد التي وصلها الرحالة السفير ابن فضلان عام...
شهدت العاصمة السويدية –ستوكهولم- خلال الأسبوع الماضي حضورا خليجيا تمثل في أيام مجلس التعاون في السويد، حيث شارك مجموعة من الدبلوماسيين والباحثين والأكاديميين الخليجيين يرأسهم أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في حوار مع نظرائهم السويديين،...
تستعد مدينة دبي بعد غد لتلقي نبأ مهما في مسيرة تطورها، إذ ستقرر اللجنة الخاصة بمعرض إكسبو الدولي، المدينة المؤهلة لاستضافة دورة المعرض المقررة عام 2020، حيث تتنافس أربع مدن على استضافة المعرض، وهي مدينة...