الحرب البيولوجية والحكومات الرخوة!

منذ أن تحررت الكويت بكمال فضل الله وحده، ثم دعوات قلوب مؤمنة، وسند إخوة الدين والرحم لنا، والكويت تعيش حربا من نوع آخر ولكن غير عسكرية، أسميها حربا «ناعمة» بلا سلاح ولكنها مميتة بقدرها، مميتة ببطء، مميتة بخفاء، مميتة موتا شرعيا لا يحاكم عليه القاتل كمجرم حرب. إنها الجراثيم التي ظهرت في أجواء الكويت، والخليج أيضاً لم يسلم كله، تلك الفيروسات الغريبة التي تسبب أمراضاً طويلة الأمد، تفشى السرطان بأنواعه ومرض التصلب اللويحي المتعدد MS، الحساسية وأمراض التنفس، صعوبة الحمل بلا مساعدات هرمونية، وغيرها حتى صارت المستشفيات العامة والخاصة تضج بالمرضى على مدار العام والمواسم. ولا أبالغ إن أكدت أن سكان الكويت تصيبهم تلك الأمراض، ولا أقول إنها أمراض جديدة ولكن أؤكد أنها مستمرة بشكل غير طبيعي، ولن أدعي أنها مميتة فتاكة ولكنها موهِنة للجسد والطاقة والقدرة على البذل والتفاعل والإنتاج. الحقيقة التي تنكر أو لا تريد الحكومة أن تعترف بها أن نسبة المرض مرتفعة منذ التحرير، وإن سلطنا عليها الضوء قالوا هاتوا برهانكم، مع أن البرهان واجبهم عبر دراسات القياس للحالات، والدولة هي التي تمتلك الإمكانيات لتدعم الدراسات عبر جهات بحثية إحصائية علمية محايدة، التقصي ليس مهمة المواطن، وإن لم يفعل يكون مدعياً كاذباً. الكويت أو الخليج متعرض لحرب خفية هي الجراثيم البيولوجية التي أطلقها النظام العراقي في الجو إبان حرب تحرير الكويت انتقاماً، وتضررت السعودية أيضاً بشكل مباشر، وبالرغم من أن الحقائق تحدثت عن الأمراض التي ظهرت على جنود جيش التحالف لاحقاً، إلا أننا في الخليج صامتون كأن على رؤوسنا نيشانا وأمامنا من يصوب بندقيته عليه! ونسمع عن تنامي فيروس كورونا في بعض دول العالم ولكنه يتركز في السعودية، وقبله نشطت الدعاية والتسويق لما يسمى بالجمرة الخبيثة، تبعته إنفلونزا الخنازير والطيور ولم يبق سوى «كحة التمساح» و «إكزيما الدولفين»! أمراض صنعوها بمختبراتهم، باعوها على حكام العرب الساديين، فاستخدموها ضد شعوبهم، ثم عادوا يسوقون لأمصال العلاج، ليشتريها منهم ذات الحاكم المجنون، بالله عليكم ماذا نسمي هذا؟! شر البلية والله، حال مزر بلغته حكوماتنا المسؤولة حصرياً عن أمن المواطن جميعه، الغذائي والصحي والسكني والنفسي وأمن الحدود والسلامة من المخاطر، بينما تقف الحكومات عاجزة أمام حرب بيولوجية على شعوبها لأنها بدلاً من بذل الأسباب للبحث والدرس عينت من يتحدث باسم الله جل جلاله ويقرر أن هذه عقوبته للبشر بسبب ذنوبهم، ليخضع الجميع لعصا الدين، ولكن الحمد لله الذي بدأ كتابه باسمه الرحمن الرحيم، الذي كتب على نفسه الرحمة، والذي يغفر الذنوب جميعاً والمنادي عباده بلا وسيط «ادعوني أستجب لكم» والقائل «فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان» بينما مشايخ السلطان والرعب حصروا الدين بالرهاب والعقاب. إن حفظ النفس يأتي في المرتبة الثانية بعد الدين في الضرورات الخمس لمقاصد الشريعة الإسلامية، والحكومات، التي تدعي أنها إسلامية، بتهاونها في عدم النظر للأمراض وانتشار العدوى والأوبئة تفرط بها وتفقد قوامتها على الشعوب، والآمر بالمعروف الناهي عن المنكر يسمونه خارجا على ولاة الأمر وكلبا من كلاب النار، فما الحل مع حكومات الفساد؟ نصحنا بالحب والبغض، الرفق والغلظة، سراً وعلانية، لا حياة لمن ننكر عليه ولا عقل لم نوجهه لمعروف! فهل ما تريده الحكومات أن تتحول الشعوب لبلداء مرضى ينخرهم الوهن؟ وعند الحاجة تستورد جيوش الارتزاق؟ أم تريد أن تستثمر في أبنائها كل غالٍ ونفيس ليكونوا حصنها وحضنها عندما يصيح صائح «الشعب يريد إسقاط النظام» فيهجموا عليه كحزمة لا تنكسر ويسدوا فاه بأيديهم ويقولوا له «خسئت! بل نسقطك أنت ويبقى النظام؟! أخيراً وهذه معلومة مهمة: هناك خلط بين أنظمة الحكم والحكومات، فالشعوب كعامة لا يفرقون بين مهام الاثنين، ويرون أن النظام مسؤول عن فساد الحكومة المنعكس عليها، فمن خاف على ملكه ليتخذ لبقائه الأسباب، معادلة سهلة لمن شاء.