


عدد المقالات 269
العلاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي أقل ما يقال عنها إنها متقلبة، فتارةً تكون تركيا على طاولة مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي وتارة أخرى ينغمس الطرفان في حرب باردة متعددة الجبهات، وخلال السنوات الأخيرة شهدنا العلاقات تزداد تعقيداً على مختلف الأصعدة وفي هذه الأيام نشهد تطوراً لافتاً في التوتر بين الطرفين، ساسة أتراك يمنعون من دخول دول أوروبية والحكومة التركية تهدد بفرض عقوبات على هولندا وكل يوم يشهد تدهوراً أكبر في التصريحات المتبادلة بين الطرفين، فهل هي نهاية العلاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي؟. الإجابة على هذا السؤال تستلزم نظرة أدق إلى تاريخ العلاقات بين الطرفين، أو على الأقل التاريخ الحديث لها، منذ وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم كان هناك استثمار متبادل للعلاقات في سياقات الطرفين الداخلية، الحكومة التركية الجديدة كانت مهتمة بتفكيك النظام العلماني المدعوم من العسكر واستغلت العلاقة مع أوروبا في تحقيق ذلك، المفاوضات التي التزمت فيها تركيا بتطبيق العديد من الإصلاحات الحقوقية والسياسية وفرت غطاءً للعدالة والتنمية لتقليم أظافر العسكر والحدّ من القيود العلمانية على الدولة، والاتحاد الأوروبي صور ذلك باعتباره إنجازاً دبلوماسياً في إطار مشروعه التوسعي في حينه وفي إطار نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان عبر العالم والذي كان نكهة الموسم في تلك الفترة، وحين تدهورت العلاقة بعد حرب العراق وما تلاها استثمر الطرفان هذا التدهور لصالحهما، الحكومة التركية استخدمت ذلك كإثبات للسيادة الوطنية وتعزيز لموقفها القومي أمام المعارضة القومية واستقطبت بذلك قطاعات جديدة من الأتراك لصالح العدالة والتنمية، والأوروبيون تعاملوا مع المسألة على أنها صمود للهوية الأوروبية أمام الإسلام، الأمر الذي كانت تستغله أحزاب اليمين المتطرف لصالحها، وفي خضم الربيع العربي ومع تفاقم مشكلة اللاجئين القادمين من سوريا اتفق الطرفان مبدئياً على التعامل مع المشكلة فصورت الحكومة التركية الاتفاق على أنه إنجاز دبلوماسي ضخم بإلزام أوروبا بتحمل مسؤولياتها، بينما نجحت العواصم الأوروبية في إقناع شعوبها أن الاتفاق سيحد من دخول اللاجئين إلى أوروبا دون المساس بمبادئ حقوق الإنسان الأوروبية محققة بذلك مكاسب على طرفي المحور السياسي. ما يحدث اليوم ليس مختلفاً من حيث ديناميكية العلاقة بين الطرفين، تركيا اليوم تقف على مفترق طرق مع الاستفتاء على التحول إلى النظام الرئاسي، وأوروبا تواجه مفترق طرق مشابهاً مع الصعود المتواصل لليمين المتطرف الذي يهدد بهدم نموذج الاتحاد الأوروبي كاملاً، ولذلك فإن الطرفين يستفيدان من المشهد اليوم بشكل يجعل تصعيد الخلاف بينهما استراتيجية ناجعة، ففي تركيا استطاعت الحكومة تحويل الخلاف مع أوروبا إلى مسألة قومية واستثمرت بشكل كبير منع سويسرا وألمانيا وهولندا إقامة مهرجانات لدعم التصويت بنعم في الاستفتاء لتحويله إلى قضية قومية، فحتى رئيس حزب المعارضة التركية والذي يتزعم جهود رفض الاستفتاء اضطر إلى التصريح داعماً لموقف الحكومة في اتخاذ إجراءات ضد هولندا، وبذلك تكون أوروبا قدمت هدية ثمينة للحكومة التركية سيكون لها أثر لا يستهان به في صناديق الاستفتاء خلال أيام، في الجهة المقابلة فإن أوروبا تشهد هذا العام انتخابات في عدد من عواصمها وتشيرالاستطلاعات إلى أن اليمين المتطرف مرشح لتحقيق انتصارات تاريخية فيها، ولذلك فإن الأحزاب الحاكمة اليوم تستفيد كثيراً من هذا الخلاف العلني مع تركيا والذي سحبت البساط بتوظيفه من أحزاب اليمين المتطرف فيما يتعلق بالخطاب ضد الإسلام، اليوم تسوق الحكومات الأوروبية ما يجري على أنه مقاومة لنفوذ أردوغان والذي أصبح رمزاً في الذهنية الأوروبية للإسلام والمسلمين ويتم تسويقه على أنه طاغية إسلامي يهدد الهوية والقيم الأوروبية. في عالم السياسة ليس هناك أعداء وأصدقاء هناك فقط مصالح وفرص، اليوم تجد تركيا ويجد الاتحاد الأوروبي فرصة في هذا العداء ولكن لا نستبعد أن تعود المياه إلى مجاريها بعد فراغ تركيا من استفتائها وفراغ أوروبا من انتخاباتها، لا شك أن مثل هذه التوترات تترك أثراً في العلاقة وتضطر الطرفين إلى مواقف متأزمة إعلامياً ولكن الدوائر الدبلوماسية في المكاتب الخلفية تعمل بشكل مختلف، وأحياناً مغاير لما نشاهده على الشاشات، العلاقة بين أوروبا وتركيا لا تتحمل انقطاعاً طويلاً ولاعداءً مبدئياً ولذلك سيجد الطرفان بعد فترة أرضية مشتركة جديدة تجعل من الممكن تسويق التعاون بينهما على أنه انتصار لكل طرف في سياقه، أما في الوقت الراهن فيحتاج الطرفان إلى أزمات فعلية أو مصطنعة لتحقيق مكاسب انتخابية آنية.
منذ عام 2006 بدأت في مجال التحليل السياسي، من خلال صفحات الجرائد المحلية المختلفة، ومنذ ذلك الحين التزمت بمقال أسبوعي يركز غالباً على التعليق على الأحداث الراهنة، أو مناقشة موضوع سياسي عام، مرت هذه التجربة...
بنجاح أكبر من الذي توقعته استطلاعات الرأي، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، ليقطع الطريق على من أراد أن يشكك في استمرار شعبيته في بلاده. وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والتلاعب...
مذ عرّفني أحد الأصدقاء على قصيدة تميم البرغوثي عن القدس، دأبت على الاستماع إليها بين الفينة والأخرى، لا شك لجمالها أولاً، ولكن كذلك لأنها تنقلني إلى حالة شعورية مختلفة حول المدينة القديمة، أشعر وكأنني أمشي...
في الإنجليزية، إذا أردت أن تصف أشخاصاً يتقاتلون بطريقة صبيانية، فبإمكانك استخدام مصطلح «أطفال بألعاب»، في إشارة إلى أن أولئك الذين تتحدث عنهم يتصرفون كأطفال يتنازعون ألعاباً لا كأشخاص ناضجين.. العالم اليوم يكثر فيه من...
ستة أشهر كانت كفيلة ببث روح جديدة في الجسد القطري بعثها التحدي الأكبر الذي واجه البلاد في تاريخها، في هذه الأشهر الستة انطلقت قطر نحو المستقبل بخطى ثابتة والتحم الشعبي مع الرسمي لرسم لوحة مشرقة...
آلة السياسة في واشنطن شديدة التعقيد، من حيث التركيب والأنظمة، فنظام التوازن والرقابة الذي يعطي كل سلطة صلاحية رقابية على الأخرى، ويجعل الصلاحيات متوازنة بينها، أورث نظاماً معقداً، ولكنه يعمل بكفاءة عالية، هذا النظام تعرّض...
أثارت كوريا الشمالية الرعب في محيطها الإقليمي والعالم أجمع بتصعيد تجاربها النووية والصاروخية، وحسب الخبراء العسكريين يمكن أن تصبح قريباً «الدولة المارقة»، كما يسميها ترمب، قادرة على تركيب رأس نووي على صاروخ متجه إلى الساحل...
الأنشطة الثقافية للمؤسسات الخيرية هنا في قطر كانت وما زالت أكثر قدرة على جذب الجماهير من مثيلاتها الرسمية، ويعود ذلك لمجموعة من الأسباب، أهمها الطبيعة التطوعية لهذه الأنشطة، وما يحققه ذلك من إبداع ومرونة وحماس،...
حطت طائرة الرئيس الأميركي على أرض فلسطين ليكون أول مؤتمر صحافي له بجوار طائرته مناسبة جديدة يذكر فيها بالتزامه التام بأمن الكيان الصهيوني، بعد أن أمضى الأيام الماضية في التأكيد على رؤيته حيال «الإرهاب الإسلامي»...
الثورة الاقتصادية الصينية التي دفعت بالصين من دولة مقسمة محتلة إلى أحد أقوى اقتصادات العالم استفادت بشكل كبير من المبدأ الذي وضعه باني نهضة الصين الاقتصادية الحديثة شياوبنج وهو رئيس الصين الثاني بعد ماو تسي...
احتفل قطاع كبير من الفرنسيين، ومعهم المعتدلون في أوروبا، والعالم الغربي بخسارة لوبين، وفوز ماكرون خلال الأيام الماضية، متجاوزين تهديداً آخر من اليمين المتطرف الأوروبي، وبذلك تتبدد أحلام اليمين المتطرف في القارة العجوز في أن...
خلال الشهور القليلة الماضية تغيرت الأوضاع في قطبين من أهم الأقطاب السياسية في المنطقة بشكل كامل، خلال الأعوام الماضية بدا أن النظام الإيراني يحكم قبضته على محيطه الداخلي والخارجي، وفي مقابل ذلك بدا أن الإدارة...