


عدد المقالات 105
ليس غريبا أن يهاجم العلمانيون ومن شايعهم الإسلاميين في مواقع الحكم والسلطة، لكن الغريب أن ينتظر الإسلاميون منهم غير ذلك. بمعنى آخر: إن حالة الهجوم بشراسة والتشويه وتحريف الحقائق أمر طبيعي وهذا ديدن العلمانيين اتجاه الإسلاميين إلا قلة منهم (لا يسمع صوتهم للأسف) مستغلين نفوذهم الإعلامي حتى لا يسمحوا لهم بالتقاط الأنفاس وإبصار الطريق. وقد قالها رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان من قبل بوضوح: «لقد ظللنا نعمل تحت القصف الإعلامي والشعب ضدنا ولم يفق إلا بعد ثلاث سنوات عندما بدأت الإنجازات على الأرض». وكان المفروض في الإسلاميين بمصر وتونس وفي المغرب كذلك أن يكونوا على معرفة بهذا، ولا يضجون بالشكوى من إعلام معروفة توجهاته، خاصة وسائل الإعلام الخاصة وتحديدا القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية. وإذا كان العلمانيون ومن سار على طريقهم يسعون لخلق الفوضى وإفشال مؤسسات الدولة في كل من مصر وتونس، فإنهم في المغرب يسعون لتضبيب (من الضبابية) الرؤية والمشهد لدى الناس، وخلق حالة من اليأس من الإصلاح والنجاح بتبخيس أي عمل تقوم به الحكومة بقيادة العدالة والتنمية بمنطق انتخابوي ضيق وبخلفية أيديولوجية لإثارة الزوابع على قضايا هامشية لإشغال الناس بمعارك وهمية. طبعا حدة الوضع تختلف من بلد إلى بلد وبحسب السياق السياسي لكن الغاية واحدة، خلق حالة من النفور والكراهية ضد الإسلاميين وتصويرهم على أنهم فاشلون ولا يقدرون على شؤون الحكم وتدبير الشأن العام، حتى لو اقتضى الأمر استعمال العنف والبلطجة كما هو الحال بمصر. ولدى العلمانيين أو «الحداثيين» بشكل عام سلاح مشترك هو سلاح الإعلام، ويضاف إليه في مصر كما تؤكد ذلك تقارير صحافية الدعم الخارجي أقلها الدعم السياسي، لأنهم لا يستطيعون الاحتكام لصناديق الانتخابات لمعرفتهم المسبقة أنها الكاشفة لهزالهم وكونهم مفصولين عن المجتمع. وينطبق على العلمانيين أو من يصفون أنفسهم بالحداثيين قول الشاعر «سترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار» وقد انجلى الغبار بانتخابات ديمقراطية في أكثر من بلد عربي واتضح أنه لا يوجد بينهم وبين الديمقراطية إلا الخير والإحسان، لا يجمعهم جامع ولا هوية واضحة، ومعزولون عن المجتمع على عكس الإسلاميين المنظمين جدا بهوية واضحة وعلاقة تواصلية مستمرة مع مختلف شرائح المجتمع باعتراف كتاب وناشطين علمانيين أنفسهم. لكن المؤسف أن الإسلاميين (ليسوا على شاكلة واحدة) يتعاملون مع الإعلام بمنطق الخائف، ويقابلون هجوما بهجوم بدون تمييز بين إعلام مهاجم صاحب أجندة سياسية معادية صريحة، وبين إعلام منتقد ولو كانت الجرعة قوية جدا تتجاوز أحيانا كثيرة حدود اللياقة، لكن لا يعدم موضوعية وهو قليل بالمقارنة مع الأول، وعدم التمييز هذا يخلق مشكلة في ظل إعلام مساند ضعيف جدا ومحدود التأثير والتوزيع. وما سبق يكشف افتقاد الإسلاميين في الدول المذكورة من قبل لرؤية إعلامية واضحة بل أكثر من ذلك عدم قدرتهم على الاستثمار في هذا القطاع بمنطق مهني حرفي. وبناء على مقولة أردوغان المشار إليها سلفا، ليس أمام الإسلاميين خاصة الذين أبدوا قدرة كبيرة على التكيف مع العصر والانفتاح وتطور فكرهم السياسي مع قوة عمقهم الشعبي إلا عدم الاهتمام بالإعلام المهاجم وتجاهله بالمرة، والانتباه لملاحظات الإعلام المنتقد وأخذها بعين الاعتبار، والتركيز على العمل والعطاء والإنجاز لأنه هو الجواب الحقيقي الذي يرد على المشككين والمغرضين ويطمئن المرتابين. أما إضاعة الوقت في الشكوى من الإعلام وهجماته وانتظار الشروط المثالية للعمل المريح بدون إزعاج، وبدون مناورات الخصوم السياسيين واللوبيات المتضررين من الإصلاح، فذلك من باب الخيال، مع ضرورة استحضار أنه لكل بلد سياق سياسي خاص به وبملابساته وتختلف فيه التحديات المطروحة على الإسلاميين. الإسلاميون في السلطة مطالبون بنحت الصخر والحرص من الوقوع في الأخطاء المجانية لتقديم جديد للمجتمع يميزهم عمن تولوا السلطة قبلهم حتى يحافظوا على شعبيتهم التي قد تضيع مع كثرة الشكوى بدون إنجازات تذكر، وهو ما سيفرح به الخصوم والأعداء السياسيون، على عكس النجاح الذي سيكون كابوسا بالنسبة لهم ويرعبهم. ولذلك فبعدما كان العلمانيون عموما في الدول العربية والغرب أيضا يقدمون العدالة والتنمية التركي كنموذج لمشاكسة الإسلاميين في العالم العربي، ويقولون لهم: عليكم بالاقتداء بهذا الحزب كنموذج لأنه منفتح أكثر وديمقراطي ويشتغل بمنطق علماني و... باتوا بعد رياح الربيع العربي ونجاح الإسلاميين في الانتخابات في أكثر من بلد عربي ووصولهم للسلطة، يعتبرون تجربة ذلك الحزب كابوسا لأن سيرهم على نفس النهج والنجاح في التنمية الاقتصادية والاجتماعية إن استطاعوا يعني للعلمانيين العرب بقاء هذه الأحزاب في السلطة لأكثر من ولايتين أو ثلاث كما حصل مع حزب أردوغان -رغم صعوبة المقارنة والقياس لدرجة- وبالتالي نهايتهم السياسية بشكل من الأشكال. والحال أن صعود الإسلاميين للسلطة بعد سنوات طويلة في المعارضة جاء في وقت صعب جدا، يشكل فرصة حقيقية للأحزاب العلمانية بكل تلوناتها الأيديولوجية (يسارية، ويمينية، وقومية، وليبرالية) إن كانت صادقة وعازمة على تنافس ديمقراطي شريف، لإعادة ترتيب أوراقها وتصحيح مساراتها، وبناء ذاتها واكتساب شعبية وتجاوز حالة العزلة عن الجماهير الشعبية، وبالتالي اكتساب مقومات وقدرات منافسة الإسلاميين الذين سيحتاجون من جهتهم لوقت لمعالجة الإرث، قبل أن يصلوا لمرحلة الإنجازات.
«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...
بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...
قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...
«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...
لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...
تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...
«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...
رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...
ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...
تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...
شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...
خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...