العدوان الثلاثي «على مواقف الكويت!»

وإن لم يكن هذا العدوان هجوماً رسمياً، إلا أننا لم نعد في زمن هذا النوع من الابتزاز المعلن في اللعبة السياسية، نحن اليوم في عصر المرتزقة والإجراء، نحن اليوم في حقبة الأخ يشتم أخاه عبر خادمه، نحن اليوم في عهر فاضح يجرم فيه الخائن الأمين، ويقدح فيه الساقط بالكريم. لن نتشعب في كل الأسباب للهجوم «الثلاثي» على الكويت، وسنكتفي في الحديث عن جزئيتين فقط هما موقف الكويت من دولة قطر في القرار «الثلاثي» لسحب السفراء منها، وموقفها الإيجابي من تيار إسلامي في الكويت يحمل فكر جماعة الإخوان المسلمين وتمثله جمعية الإصلاح الاجتماعي المرخصة قانوناً والتي تمارس دورها الدعوي التنموي الديني في المجتمع، ولها ذراع سياسي مشارك في الحياة السياسية مثل التيار السلفي الذي تمثله جمعية إحياء التراث الإسلامي، وله ذراع سياسي أيضاً مشارك في الحياة السياسية في الكويت كذلك الليبراليون والشيعة والصوفية ووو... كل أطياف وتوجهات المجتمع في الكويت تجد لها تمثيلاً سياسياً. الكويت خلطة مختلفة متناسقة رغم أنف الذين يلوون ألسنتهم ليبدو حبهم لها وإذا خلوا لبعضهم بعضاً نتفوها شعباً وحكومة وقيادة حتى يبلغ الجرح العظم! فقط غفلوا أن الكويت لا يكسر عظمها مرتزقة وعبيد «كان غيركم أشطر» وانهزم على دبره وما زال يحرض أذياله التي خلفها لتبث الفتن والفرقة في المجتمع الكويتي، ولم ولن ينجح، ونحن له بالمرصاد! يتهجمون على القيادة في الكويت لأنها تدافع عن الجماعات الإسلامية بلا تفرقة بينهم وتعاملهم تحت أسس المواطنة التي يضبطها القانون، هكذا هي دول الدساتير، لا العِزَب المحكومة بالأوامر والأمزجة والعمائم ذات الدفع المسبق! فهل يظنون «جماعة الهجوم الثلاثي» أننا سنصمت عندما تمس كراماتنا وسيادتنا واستقلال قرارنا؟! أم أننا سنتولى من الزحف الذي بدؤوه بجيش إلكتروني وقنوات فضائية وأقلام تقطر سخاماً كالحاً؟! لا، فنحن لم نعتد على السكوت على ضيم أو تقبـل قهرا، وإن فعلنا فذلك ليس إلا تسامح وتجاوز وإحسان، و»تكبير دماغ» عن عته آخرين لا يعرفون فن «القيادة بالصمت»! مواقف الكويت من قطر ليست بدعة و»خروج عن الجماعة» التي يسمونها مجلس التعاون، ولكنه ديدنها في إبقاء مساحات الأخوة والود قائمة فسيحة في العلاقات السيادية مع الدول والتي تقوم على الاحترام المتبادل، والإرث التاريخي المشترك، والمصالح المتوافقة بلا ضرر ولا ضِرار، والأهم أرضية الإنسانية التي يجتمع عليها كل سكان الكرة الأرضية وإن اختلفوا في كل شيء دونها، وذلك ما أغاضهم منا! لو كانوا يؤمنون بالقيم والمبادئ السابقة، لماذا أفلتوا على الكويت كلابهم وذئابهم، لأنها تمشي بتيارها الخاص الذي عبّدت طريقه بسواعد أبنائها، مثلما تفعل قطر اليوم بأن يكون لها مكان في قلب التاريخ لا أبوابه الخلفية الصدئة وأقبيته العفنة. هاجموا الكويت لأنها ترفض تجريم «الإخوان» كإرهابيين ورفضت قائمة عُرضت عليها من قبلُ لسجنهم وقمعهم، وكان من ضمنهم الراحل الدكتور عبدالرحمن السميط، من أسلم على يده الملايين في العالم والذي سيأتي بإذن الله يوم القيامة وخلفه الأيتام الذين كان سبباً في كفالتهم، هؤلاء الذين يرونهم إرهابيين، وهكذا يقلبون المقاييس ويريدوننا أن نحبس أنفسنا بلباس ضيق بعد أن اعتدنا على ما يليق بنا! فهل الكويت مضطرة لتسمية جماعة إسلامية من مواطنيها إرهابية حتى تشتري رضا زائفاً لمجموعة تريد تشكيل خارطة طريق وعرة وتدفع بالكويت لخوض تلك المغامرة معها أو ستشتمها؟! إذاً، فلتذهب قوائمكم وقراراتكم إلى الجحيم، ولتتقطع حبال «نبيحتكم» الصوتية أولئك الذين تفردون لهم صحفاً تتخذ من الحياة عقيدة وجهادا وهي لا عقيدة لها وتكفر المجاهدين وتسمي الجهاد إرهاباً! هؤلاء من يعملون ضد الكويت، وهي صابرة على أذاهم، وتستضيفهم في مؤتمراتها وتكرمهم بالهدايا والعطايا، ولكن إكرام اللئيم خسارة، فهل يتعض وطني؟! نحن ككويتيين لن نسمح لـ «شاويش» أن يتطاول على أسلوب قيادة سمو الشيخ صباح الأحمد للكويت، ومحاولة الفتنة بيته وبين ابنه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولن نصمت عن لقطاء السلطة الفلسطينية خونة أرضهم غزة المخابرات ضد أبناء جلدتهم بمقابل قصور وأرصدة وحياة بذخ لم يكسبوها بكراماتهم بل بتعرق وسخ! الكويت ستقف مع قطر، مثلما وقفت مع كل دول الخليج خاصة والعالم الإسلامي والعربي ودول العالم قاطبة، شاء من شاء وأبى من أبي، لأنها ذات سياسة خارجية معتدلة غير عنيفة، فكيف وهي تتعامل مع قطر كأخ ونسب ورحم وشريك استراتيجي لم يتوان عن نصرتها في الشدة؟! الكويت ستقف مع الجماعات الإسلامية في الكويت رغم أنف الحُقّاد على الدين، ولن تُغلق الجمعيات وتقمع الحريات وتسمي إخوتها إرهابيين فقط لمكسب مؤقت كقنبلة ستنفجر لا محال وتدمر حاملها! الكويت ستنتصر لشعب سوريا، وتفتح باب المساعدات المالية لشعب مصر في ضائقته، وتدعم المستضعفين في كل مكان في العالم والمسلمون أولى أولوياتها، ولن تلتفت لسياط تحاول اللحاق بها لتسلقها من الخلف غدراً، لأنهم لن يبلغوها وهي تسبقهم بكثير! الكويت ستنتصر بسياساتها المتزنة وبإدارتها التشريعية والتنفيذية، وحريتها الإعلامية وبالشرفاء فيها ومن حولها، وسيُهزم الطارئون على الدول، وتبقى الأرض والشعب ومن سيحكم بما أنزل الله.