حكومة عباس الفاسي تحرمنا من التصويت

حرمتنا حكومة عباس الفاسي كمغاربة مقيمين بالخارج من حقنا في التصويت المباشر في الانتخابات التشريعية يوم 25 من الشهر الجاري، واخترعت بدعة غريبة «التصويت بالوكالة»، مع أن الدستور المغربي بعد تعديله ولنقل الدستور الجديد أنصف الجالية وخصص لها أربعة فصول وهي 16 و17 و18 والفصل 163 فيما تحدث الفصل 30 عن منح حق التصويت للأجانب المقيمين بالمغرب، حيث جاء في الفصل 17: «يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات. ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية»... وللأسف الكبير هذه ثالث مرة تخلف الحكومة المغربية وعودها، وتحرم الجالية المغربية من التصويت في الانتخابات التشريعية مع العلم أن دولا عربية أخرى ومنها القريبة منا جارة كتونس وموريتانيا مكنت مواطنيها بالخارج من المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، فهل المغرب أقل خبرة وتجربة ديمقراطية من الدولتين المذكورتين؟ بالتأكيد لا وكل ما في الأمر أن حكومة عباس الفاسي ومن قبله لم يمتلكوا الجرأة والإرادة السياسية اللازمة لإشراك الجالية المغربية في الانتخابات التشريعية رغم أهمية دور الجالية الاقتصادي والاجتماعي وكونها تمثل %10 من المغاربة. إن عدم تصويت الجالية المغربية في انتخابات 25 من الشهر الجاري بشكل مباشر وكامل خرق للدستور الجديد، لا يمكن تبريره باعتبارات فنية وإدارية لأن الجالية صوتت وبشكل كبير ومباشر في الاستفتاء على الدستور يوم 1 يوليو الماضي دون مشاكل تذكر، ولو فرضنا أن هناك إشكالات إدارية وفنية نظرا لكثرة الأحزاب السياسية واللوائح الانتخابية وتبعات ذلك، أفلم تكن تسعى سنوات منذ حكومة عبدالرحمن اليوسفي كافية لحلها؟ ولماذا لم يتم تأخير موعد الانتخابات المقبلة إلى غاية حل تلك الإشكالات؟ ليسهم كل المغاربة بالداخل والخارج في رسم مغرب متجدد وما بعد دستور يوليو 2011 ونترجم فصوله على الأرض ترجمة سليمة ديمقراطية تسد الباب على تيار التشكيك والتيئيس في إمكانية الإصلاح، وتعطي دفعة قوية لعجلة التقدم والدمقرطة والتنمية بشكل تلقائي وإرادي ذاتي لا نحتاج فيه لأن يطلع علينا نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون المغرب العربي روبرت ماكسويل ويقول إن بلاده تنتظر ما إذا كانت الإصلاحات التي وعد بها المغرب ستنطلق فعليا، ولا نحتاج لتصريح جيفري فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأميركية بأن واشنطن تشجع المغرب للمسارعة في تنفيذ الإصلاحات. لقد بات كثيرون مقتنعون بأن ما طرحته حكومة عباس الفاسي من مبررات بخصوص الموانع من مشاركة مباشرة في الانتخابات المقبلة واكتفائها بإقرار التصويت بالوكالة، مبررات واهية وأن السبب الحقيقي سبب سياسي يتمثل في الخشية من التوجهات السياسية لأبناء الجالية التي قد لا توافق هواها، ومن المراقبين والمحللين من أرجع ذلك لتخوف حكومة عباس الفاسي كسلفها من أن ترجح أصوات من الجالية كفة ماسموه بالمحافظين والإسلاميين. باختصار، إن إقرار حكومة عباس الفاسي بدعة التصويت بالوكالة لأبناء الجالية ضمن القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ظلم في حقهم وتراجع آخر عن وعود متكررة بخلفية سياسية، لأن أغلب الأحزاب المشكلة للحكومة ليس لها فيما يبدو متعاطفون أو مؤيدون بالخارج، وتخاف أن تكون المشاركة الانتخابية للجالية مرجحة لكفة أحزاب أخرى يعتقد أن لها مؤيدين ومناصرين بين المغاربة المقيمين بالخارج. بمعنى آخر، أن حق الجالية ضاع وحرمت منه بالأساس بسبب حسابات ومزايدات سياسية وحزبية ضيقة لا علاقة لها بمصالح البلاد والعباد، الأمر الذي خلف إحباطا كبيرا بين أبناء جالية كانت متحمسة لمشاركة مباشرة وكاملة في الانتخابات التشريعية المقبلة منطلقة في ذلك من الفصل 17 من الدستور الذي ينص على وجوب التصويت والترشيح انطلاقا من بلدان الإقامة، والفصل 30 الذي ينص على أن التصويت حق شخصي وواجب وطني (كما حاصل في التصويت أو الاستفتاء على الدستور).