عدد المقالات 133
عندما يلتقي أبناء الخليج العربي مع زملائهم في الملتقيات العلمية والمهنية ويدور الحديث عن مشكلات الخريجين وعدم القدرة على استيعابهم وما يترتب على ذلك من بطالة مباشرة وغير مباشرة، ترتسم علامات الدهشة على وجوه غير الخليجيين ويبادرون بالسؤال: عن أي بلد تتحدثون؟ وحين يعلمون أننا نتحدث عن أزمة الخريجين في دول الخليج العربي يكون سؤالهم الثاني: هل يعقل أن تكون لديكم بطالة أو أزمة خريجين وأنتم بلدان ناشئة قليلة السكان؟ ثم كيف تفسرون هذه المعادلة؟ ففي الوقت الذي تتحدثون فيه عن أزمة توظيف الخريجين نجدكم بالمقابل تستدعون مئات الآلاف من القوى العاملة الأجنبية إلى بلادكم؟! ولا شك أن هؤلاء ليسوا وحدهم الذين يعبرون عن دهشتهم، بل إن أبناء الخليج أنفسهم يستغربون من ذلك، فإذا كان من المتصور وجود قوى أجنبية عاملة في أي مكان في الدنيا، فإن هذه القوى تأتي لتحقيق متطلبات التنمية التي توجه -عادة- لخدمة الدولة ومواطنيها مع احتفاظ هذه العمالة بحقوقها المالية والقانونية، واحتفاظها كذلك بحقها من الاحترام والتقدير والمعاملة الحسنة، ويمكن أن نتصور أن تكون نسبة هؤلاء %10 أو %20 أو حتى %30، لكن ما لا يمكن تصوره أن تكون هذه القوى العاملة ثلاثة أضعاف سكان البلد من المواطنين، لأن الأمر في هذه الحالة سينقلب رأساً على عقب، إذ ستصبح برامج التنمية موجهة لأغلبية السكان -وهم غير المواطنين- بل يصبح مواطنو هذه الدول وسيلة لتنمية دول أخرى، إذ إن دورهم في التنمية سيقتصر على تحقيق متطلبات يستفيد منها غيرهم، كما أن الإنفاق العام الذي يفترض فيه أن يكون موجهاً للصرف على تنفيذ مشروعات التنمية المحلية سيتحول إلى إنفاق موجه للخارج يمر من خلال مشروعات وطنية. إن مشكلة العمالة الوافدة والخلل في التركيب السكاني في دول الخليج العربي ليسا بالأمر الجديد، لكن قِدمه لا يعني السكوت عنه أو عدم معالجته، إذ السكوت عن المرض ليس علاجاً له بل قد يضاعف من آثاره، ومن هنا فإن أولويات العمل الوطني تتطلب منا أن نكثف الجهد من أجل معالجة هذا الخلل، ولعل من المهم أن نركز على جوانب أخرى في المشكلة، إذ توجهت المعالجات السابقة إلى العمالة الوافدة باعتبارها تمثل محوراً للمشكلة الأساسية، إلا أن هناك محاور أخرى لا بد من الاهتمام بها وإبرازها حتى تتكامل صورة المعالجة المطلوبة، ومقدمة هذه المعالجات أن نعترف بأن لدينا أزمة سواء كانت بصورتها الظاهرة، وهي الخلل في التركيبة السكانية وزيادة عدد القوى العاملة من الوافدين، أم بصورتها الخفية، وهي دور قوى العمل الوطنية. إن بعضنا يكابر ويصر على أنه لا توجد أزمة بل «كل شيء تمام»، ولعل هؤلاء ينطلقون من منظور ضيق يتوقف عند تحقيق المصالح الذاتية المباشرة دون النظر إلى المصلحة العليا للوطن، بل قد «يفلسف» البعض الأمر إذ يجعل مصلحة الوطن تستدعي هذه الحالة، فبزعمهم أننا لن نكون دولاً نامية ومتطورة إلا إذا بنينا دولنا بهذه الصورة في التركيبة السكانية، ويضرب لذلك أمثالاً مجتزئة أو جزئية، إذ يشير إلى دول لا تعاني من حالة الخلل التي نمر بها، فيقول: انظروا إلى الدول الأوروبية أو أميركا أو أستراليا، رغم مكانتها وإمكاناتها إلا أنها ما زالت تستقطب القوى العاملة الأجنبية، ومثل هذه الصور تكون مقنعة -عادة- لأولئك الذين تهمهم (الأسماء الكبيرة) في ضرب الأمثلة، إلا أن حقيقة الأمر ليست كما تدل عليها هذه الأمثلة، فدولة كأستراليا أو أميركا أو حتى فرنسا لديها من القوى الوطنية ما يجعل أي قوة وافدة ولو كانت بالملايين تذوب في محيط المجتمع المحلي الذي يفرض عليها قيمه وسماته الخاصة، بحيث تصبح هذا القوى الوافدة قوة متأثرة لا قوة مؤثرة كما هو الحال عندنا، إذ إن التأثير الأقوى بكافة صوره وجوانبه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسكانية وغيرها، إنما يأتي من القوى العاملة الوافدة، بحيث أصبح المواطن أو حتى العربي المقيم في المنطقة متأثراً بتلك الثقافات والتأثيرات، ومن هنا فلا مجال للمقارنة بيننا وبين تلك الدول، خاصة إذا أخذنا بالحسبان الحجم الكبير لسكان تلك الدول. إن الحديث عن مأزق العمالة والتركيبة السكانية يفسره البعض على أنه نوع من التعالي أو الترفع على الآخرين أو حتى العنصرية القائمة على الانتماء القومي أو الرغبة في الشعور بالتميز، إلا أن كل هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، إذ إن الإنسان في الخليج عاش خلال القرون الماضية وهو (عالمي) الانتماء، فقد حملته سفن التجارة إلى أطراف العالم فوصل شرقه بغربه، ولم يشعر يوماً بأنه متميز عن غيره أو مترفع عن أحد، بل يشعر بأنه جزء من هذا العالم يتأثر بمتغيراته ويعمل متعاوناً مع غيرها، ولم يتحدث أحد يوماً ما عن هذه الصورة من العنصرية البغيضة، بل إنه حتى في معالجته لهذه المشكلة التي تهدد كيانه لم يفكر يوماً أن يفعل مثلما تفعل بعض الدول (المتحضرة) التي تلاحق المهاجرين إليها وتدهم بيوتهم عند الفجر مروعة نساءهم وأطفالهم، وتحشرهم في معتقلات وتجمعات لا تليق حتى بالحيوانات، ثم تقوم بترحيلهم بحجة أنهم مهاجرون غير شرعيين، ولم يصل بأبناء الخليج العربي الأمر كما وصل إليه في بعض هذه البلدان من قيام أحزاب وجمعيات ومنظمات جعلت هدفها الرئيسي هو طرد المهاجرين أو قتلهم وإحراقهم داخل بيوتهم. لقد قادتنا السنوات الماضية للدخول في هذا المأزق، وآن الأوان للتفكير في الخروج منه حتى نتمكن من مواصلة مسيرة البناء والتنمية. drhareb@gmail.com
هل تكون «داعش» أو ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، سبباً في حل المعضلة السورية؟ للإجابة على ذلك تذكروا اتفاق «دايتون» الذي أنهى الحرب في البوسنة والهرسك، فقد بدأ القتل في البوسنة في أبريل...
يبدو أن محرقة الصراعات الطائفية والمذهبية لن تدع أحدا في بلاد العرب والمسلمين، فهذه المحرقة التي تضم تشكيلة من الصراعات التي لم تشهد لها الأمة مثيلا إلا في عصور الانحطاط والتخلف عادت مرة أخرى تقذف...
تتوقف ثلاث شاحنات خالية، يتقدم أحدهم حاملا رشاشا بيده، يلتفت إلى الشاشة لتبدو هيئته المتجهمة التي يكاد الشرر يتطاير منها، وتلف وجهه لحية كثة كأنه أراد من هذه الالتفاتة أن يبرز هويته، ثم يتجه إلى...
تعودت أن أتصل به كلما احتجت لحجز تذكرة سفر، كان يبذل أقصى جهده من أجل الحصول على أفضل العروض بأقل الأسعار، وانقطع التواصل معه بعد دخول التكنولوجيا في حجز التذاكر، بل في كل إجراءات السفر،...
ما هو مستقبل العرب؟ سؤال يبدو مشروعا ونحن ندخل عاما جديدا، حيت تتمثل الإجابة في أن الواقع الحالي لا يمثل النموذج الذي يصبو له العرب ولا يتناسب مع معطيات الحاضر، فإذا كان الأمر كذلك فلا...
سيكون عام 2013م من أكثر الأعوام تأثيرا على الخليج العربي، فلأول مرة منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، يشعر الخليجيون أن «خليجهم ليس واحدا»، فقد بدا واضحا حجم الخلافات بين دوله الأعضاء، فعلى الرغم من البيانات...
بعد أيام سندخل عاما جديدا وحالة العالم «لا تسر عدواً ولا صديقاً»، فقد ازداد فارق الفقر بين الدول، كما ازدادت مشكلاتها وحروبها، وتلويثها للبيئة، وقضائها على الطبيعة، وتقسم العالم إلى شرق وغرب وشمال وجنوب، بل...
«خلال حياتي نذرت نفسي لكفاح الشعب الإفريقي، لقد كافحت ضد سيطرة البيض وكافحت ضد سيطرة السود واعتززت دوماً بمثال لمجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه كل الناس معاً في انسجام وفرص متساوية، إنه مثال آمل أن...
بدعوة كريمة من وزارة الإعلام بدولة الكويت الشقيقة، شاركت مع عدد من الزملاء في زيارة الكويت ولقاء بعض المسؤولين الكويتيين، حيث خرجت الكويت من قمة ناحجة هي القمة العربية الإفريقية، وهاهي تحتضن غدا القمة الخليجية...
أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أيام مجلس التعاون في السويد، ذلك البلد المجهول لكثير من سكان المنطقة رغم التواصل المبكر بين العرب والبلاد الإسكندنافية ومن بينها السويد التي وصلها الرحالة السفير ابن فضلان عام...
شهدت العاصمة السويدية –ستوكهولم- خلال الأسبوع الماضي حضورا خليجيا تمثل في أيام مجلس التعاون في السويد، حيث شارك مجموعة من الدبلوماسيين والباحثين والأكاديميين الخليجيين يرأسهم أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في حوار مع نظرائهم السويديين،...
تستعد مدينة دبي بعد غد لتلقي نبأ مهما في مسيرة تطورها، إذ ستقرر اللجنة الخاصة بمعرض إكسبو الدولي، المدينة المؤهلة لاستضافة دورة المعرض المقررة عام 2020، حيث تتنافس أربع مدن على استضافة المعرض، وهي مدينة...