


عدد المقالات 269
يمتاز أهل الخليج العربي بدرجة عالية من الترابط الاجتماعي تتضح في ممارسات اجتماعية عديدة مثل «العانية» وهي مبلغ من المال أو هدية تعطى للمقبل على الزواج، و «فوالة العيد» وهي المائدة الخفيفة المقدمة لزوار العيدين الذين ينطلقون في زيارات مكوكية طوال أيام العيد. ولكن أهم هذه العادات التي يمتاز بها الخليجيون هي «المجلس» -أو «الديوانية»- وهو كما هو معلوم للقارئ الخليجي تجمع دوري عائلي أو عام في غرفة استقبال المنزل. المجالس كما يرى البعض هي محضن تربوي يتعلم فيه الصغار «السنع» أو العادات والتقاليد فيما يتعلق بالتعامل مع الكبار والضيوف كما يتم فيه تبادرل الأخبار والخبرات، كما عرفت المنطقة مجالس أهل الحكم التي كانت تدار منها الدول وتتخذ فيها قرارات الأمة المصيرية. المجلس هو ثقافة متكاملة تبدأ بأساليب الضيافة وقواعدها وتنتهي بترتيب شؤون الحي والدولة. لكن الحديث يدور خلال السنوات الماضية حول تراجع دور المجلس في مجتمعاتنا مع طغيان الحياة المدنية العصرية وتغير الأعراف الاجتماعية، يفترض الكثيرون أن المجالس أصبحت لكبار السن فقط بينما يفضل الشباب والصغار المجمعات التجارية والمقاهي والمطاعم، للتعرف على حقيقة هذه الفرضية وجهت دراسة أجراها معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية بجامعة قطر أسئلة للمواطنين حول حضور وتنظيم المجالس في قطر. استهدفت الدراسة 800 قطري وقطرية تم اختيارهم بشكل عشوائي وممثل للتركيبة الاجتماعية. بشكل عام يحضر نصف القطريين والقطريات الذين استُطلعت آراؤهم مجلساً واحداً على الأقل بصفة منتظمة، وكما هو متوقع كانت نسبة الرجال أعلى من النساء؛ حيث كانت نسبة الملتزمين بحضور مجلس من الرجال قرابة الـ%60 بينما كانت النسبة لدى النساء %40 فقط. ولا بد من الإشارة إلى أن مصطلح المجلس قد ينظر إليه البعض على أنه خاص باجتماعات الرجال، ما قد يعني أن الكثير من النساء أجابوا بالنفي لهذا الاعتبار وليس لواقع أنهم لا يحضرون هذا النوع من اللقاءات بانتظام. السؤال الأهم الذي بدأنا به هذه المقالة هو، هل الشباب أقل حضوراً للمجالس عند مقارنتهم بالكبار؟ للإجابة عن هذا السؤال تم تقسيم المشاركين في الاستطلاع آنف الذكر إلى فئتين تمثل الشباب والكبار استناداً إلى تعريف منظمة الصحة العالمية للشباب والذي يعتبر كل الذين هم بين الرابعة عشرة والرابعة والثلاثين شباباً؛ نظراً لأن الدراسة لم تستطلع آراء من هم دون الثامنة عشرة نكتفي هنا بمن هم بين الثامنة عشرة والرابعة والثلاثين ليمثلوا الشباب. حسب هذا التقسيم كان الشباب أكثر حضوراً للمجالس من الكبار؛ حيث أكد أكثر من %66 من الشباب و%43 من الشابات أنهم يحضرون مجالس بصفة منتظمة مقارنة بـ%55 من الرجال و%40 من النساء الأكبر سناً. حسبما سبق فإن ظاهرة المجالس ما زالت حية وتستقطب نسبة ليست بسيطة من الشباب، لكن الأرقام جاءت بشكل مغاير عند سؤال المشاركين حول تنظيم مجلس خاص. كانت نسبة الشباب الذين يستضيفون أقاربهم أو أصدقاءهم في مجالسهم الخاصة بصفة منتظمة أقل منها لدى الفئات الأكبر سناً؛ حيث يقيم %44 من الشباب الذكور مجالس خاصة بهم مقارنة بـ%48 من الكبار، بالنسبة للنساء لم يكن هناك فرق حقيقي بين الفئتين العمريتين فيما يتعلق بإقامة مجلس خاص بهن، %30 من النساء من الفئتين أفادوا أن لديهم مجالس خاصة يقيمونها بصفة منتطمة. حسبما استعرضناه أعلاه قابلية الشباب لحضور المجالس عالية بشكل ملحوظ إذا ما قارناهم بالفئة الأكبر سناً وواقع أن عدد الشباب الذين يقيمون مجالس خاصة بهم أقل من الكبار لربما يشير إلى ظاهرة إيجابية وهي أن عدد الحضور في مجالس الشباب أكثر، أي أن الشباب يتجمعون بأعداد كبيرة في مجالس رئيسة، بينما يتجمع الكبار في مجالس كثيرة ولكن بأعداد أقل. المجلس ظاهرة اجتماعية محورية في بيئتنا الخليجية ويقوم بأدوار رئيسة في الحفاظ على هوية المجتمع ونقل الموروثات الاجتماعية عبر الأجيال، هذا الإقبال الذي يبديه الشباب على حضور وإقامة المجالس يشير إلى أن بعض الانطباعات العامة التي نطلقها على هذه الفئة العمرية غير صحيحة. من الآن عندما تسمع عبارة «الشباب كله صايعين في الشوراع» مرة أخرى تذكر أن %66 منهم على الأقل لا ينطبق عليهم هذا الوصف.
منذ عام 2006 بدأت في مجال التحليل السياسي، من خلال صفحات الجرائد المحلية المختلفة، ومنذ ذلك الحين التزمت بمقال أسبوعي يركز غالباً على التعليق على الأحداث الراهنة، أو مناقشة موضوع سياسي عام، مرت هذه التجربة...
بنجاح أكبر من الذي توقعته استطلاعات الرأي، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، ليقطع الطريق على من أراد أن يشكك في استمرار شعبيته في بلاده. وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والتلاعب...
مذ عرّفني أحد الأصدقاء على قصيدة تميم البرغوثي عن القدس، دأبت على الاستماع إليها بين الفينة والأخرى، لا شك لجمالها أولاً، ولكن كذلك لأنها تنقلني إلى حالة شعورية مختلفة حول المدينة القديمة، أشعر وكأنني أمشي...
في الإنجليزية، إذا أردت أن تصف أشخاصاً يتقاتلون بطريقة صبيانية، فبإمكانك استخدام مصطلح «أطفال بألعاب»، في إشارة إلى أن أولئك الذين تتحدث عنهم يتصرفون كأطفال يتنازعون ألعاباً لا كأشخاص ناضجين.. العالم اليوم يكثر فيه من...
ستة أشهر كانت كفيلة ببث روح جديدة في الجسد القطري بعثها التحدي الأكبر الذي واجه البلاد في تاريخها، في هذه الأشهر الستة انطلقت قطر نحو المستقبل بخطى ثابتة والتحم الشعبي مع الرسمي لرسم لوحة مشرقة...
آلة السياسة في واشنطن شديدة التعقيد، من حيث التركيب والأنظمة، فنظام التوازن والرقابة الذي يعطي كل سلطة صلاحية رقابية على الأخرى، ويجعل الصلاحيات متوازنة بينها، أورث نظاماً معقداً، ولكنه يعمل بكفاءة عالية، هذا النظام تعرّض...
أثارت كوريا الشمالية الرعب في محيطها الإقليمي والعالم أجمع بتصعيد تجاربها النووية والصاروخية، وحسب الخبراء العسكريين يمكن أن تصبح قريباً «الدولة المارقة»، كما يسميها ترمب، قادرة على تركيب رأس نووي على صاروخ متجه إلى الساحل...
الأنشطة الثقافية للمؤسسات الخيرية هنا في قطر كانت وما زالت أكثر قدرة على جذب الجماهير من مثيلاتها الرسمية، ويعود ذلك لمجموعة من الأسباب، أهمها الطبيعة التطوعية لهذه الأنشطة، وما يحققه ذلك من إبداع ومرونة وحماس،...
حطت طائرة الرئيس الأميركي على أرض فلسطين ليكون أول مؤتمر صحافي له بجوار طائرته مناسبة جديدة يذكر فيها بالتزامه التام بأمن الكيان الصهيوني، بعد أن أمضى الأيام الماضية في التأكيد على رؤيته حيال «الإرهاب الإسلامي»...
الثورة الاقتصادية الصينية التي دفعت بالصين من دولة مقسمة محتلة إلى أحد أقوى اقتصادات العالم استفادت بشكل كبير من المبدأ الذي وضعه باني نهضة الصين الاقتصادية الحديثة شياوبنج وهو رئيس الصين الثاني بعد ماو تسي...
احتفل قطاع كبير من الفرنسيين، ومعهم المعتدلون في أوروبا، والعالم الغربي بخسارة لوبين، وفوز ماكرون خلال الأيام الماضية، متجاوزين تهديداً آخر من اليمين المتطرف الأوروبي، وبذلك تتبدد أحلام اليمين المتطرف في القارة العجوز في أن...
خلال الشهور القليلة الماضية تغيرت الأوضاع في قطبين من أهم الأقطاب السياسية في المنطقة بشكل كامل، خلال الأعوام الماضية بدا أن النظام الإيراني يحكم قبضته على محيطه الداخلي والخارجي، وفي مقابل ذلك بدا أن الإدارة...