عدد المقالات 122
استكمالاً لمقالات سابقة كتبتها عبر السنوات الماضية عن «شوارع DC» و»شوارع باريس»، وأسرار تلك المدن التي زرعت فيها من خلال مصممي تلك المدن، اليوم أستكمل تلك السلسلة بمقالي عن «شوارع اسطنبول». اختار الإمبراطور قسطنطين عاصمته الجديدة في القرن الثالث الميلادي للإمبراطورية الرومانية الشرقية، والتي استبدلت آلهة الرومان والإغريق بالدين المسيحي الجديد في عاصمة الإمبراطورية البيزنطية بيزنطة لتعرف بعد ذلك بالقسطنطينية، وقد اختار الإمبراطور قسطنطين هذا الموقع للتشابه بين هذه المدينة وعاصمة الإمبراطورية الرومانية القديمة في روما، لا سيما السبع تلال المحيطة بها. وبعيداً عن الشوارع المعروفة اليوم، فإن أولى تلك الطرق، والتي ما زالت بعض آثارها موجودة إلى يومنا هذا طريق «الهيبودروم» والذي يقع اليوم بين مسجد آيا صوفيا ومسجد السلطان أحمد، مروراً بساحة السباق الرومانية الهيبودروم، فعلى هذا الطريق كانت تمر الجيوش الرومانية المنتصرة في عرض عسكري مهيب، وكان هذا الشارع يعتبر أحد الشوارع الإمبراطورية في قلب القسطنطينية القديمة. ومن هنا ننتقل إلى شارع آخر باسم غربي وتاريخ إسلامي مهم «جادة كينيدي»، والتي سميت بهذا الاسم تخليداً لذكرى الرئيس الأميركي الذي اغتيل عام 1963 في مدينة دالاس تكساس، ولا تكمن أهمية الشارع في اسمه فقط، بل في موقعه، وما كان يقع «تحت» هذا الشارع من تاريخ، فقد بنيت «جادة كينيدي» بين أسوار القسطنطينية ومدخل مضيق البسفور إلى القرن الذهبي، المكان الذي استخدمه السلطان محمد الفاتح لخداع الجيش الروماني، ونقل سفنه براً إلى القرن الذهبي الشيء الذي ساهم في إنهاء الحصار، ويعد لحظة حاسمة في فتح القسطنطينية. وفي مكان آخر في اسطنبول نجد جادة المشروطية «الدستورية»، وهي الجادة التي كان يرتادها الإنجليز، وبها القنصلية العامة، والتي كانت السفارة البريطانية أو ما سمي بمبعوث المملكة لدى البلاط السلطاني في عهد الدولة العثمانية عندما كانت عاصمة لها، ومن قصص الجادة أن الباشاوات كانوا يرتادون السفارة لتناول ما أسموه «بالمياه الغازية المستوردة»، وكانت هذه الجادة تحمل أماكن تجمع الطبقة المخملية في العهد العثماني، بالإضافة إلى أولى بذور العلمانية ضمن المثقفين في مقاهيها ومطاعمها، وفي الشارع ذاته نجد فندق «قصر بايرا»، والذي يتسم بالزخرفة الفيكتورية كباقي المباني في هذه الجادة حينها، ومن أشهر من سكن ذلك القصر مصطفى كمال أتاتورك، والروائية البريطانية الشهيرة أغاثا كريستي، التي كتبت أثناء سكنها في هذا الفندق روايتها المعروفة «جريمة قتل على قطار الشرق السريع». وهنا نصل إلى شارعنا الأخير، وفي الحقيقة فإنني سأستخدم الرخصة الأدبية في أن أحيد قليلاً فما سأتحدث عنه هو سكك حديد اسطنبول، لا شارع أو طريق، فقد لعبت سكك حديد اسطنبول والمترو دوراً تاريخياً في القرن التاسع عشر، فمترو اسطنبول هو ثالث أقدم مترو في العالم بعد لندن ونيويورك، وأما سكك الحديد فقد اشتهرت كما في رواية أغاثا كريستي، لكونها البوابة الأوروبية للشرق والبوابة الشرقية لأوروبا، ففي محطتي اسطنبول نجد الرسائل المعمارية كباقي المدينة، فمحطة سيركاجي في الجانب الأوروبي لاسطنبول كانت تمتاز بمعمار شرقي للترحيب بركاب أوروبا، عبر خط قطار الشرق السريع -أفخم سبل السفر في العهد الفكتوري- إلى الشرق، وكانت محطة حيدر باشا في الجانب الآسيوي من المدينة تمتاز بطابع معماري أوروبي، لتكون بوابة أوروبا للمسافرين من الشرق. الرأي الأخير.. اكتفيت بذكر تاريخ الشوارع الأقل شهرة في مقالي هذا، ولكن لشوارع اسطنبول المعروفة تاريخ طويل ومزدهر لا يمكن أن أحصيه في مقال واحد، فللهندسة المعمارية وتخطيط الشوارع جوانب عديدة منها الظاهر ومنها المبطن، ورسائل معمار وشوارع المدن التي ذكرتها في مقالات سابقة هي الأخرى مثل اسطنبول، تحمل معاني ورسائل لكل زائر من العهد البيزنطي إلى اليوم. (إذا كانت للإنسان نظرة واحدة فلينظر إلى اسطنبول - لامارتين). إلى اللقاء في رأي آخر.
بدأت مع أداء الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب اليمين الدستورية، وتسلمه سدة الرئاسة في تمام الساعة 12 وخمس دقائق بتاريخ 20 يناير، وحتى كتابة هذا المقال، حالة من اليأس والفوضى تعمان مدناً كثيرة داخل الولايات...
في عالم العمليات العسكرية الحديثة لا يمكن لنا أن نتجاهل أهمية العمل المشترك لتحقيق الأهداف المرجوة، والتي تعتمد على المركزية في القرار، واللامركزية في صلاحيات التنفيذ وأدواته، أو بالمصطلح العسكري «قدرات التنفيذ»، ومن ضمن أسس...
لقد اعتدنا في تاريخ القتال عبر العصور على وجود ٣ ساحات للقتال فإما على الأرض أو في البحر أو في السماء، ما أوجد الأسلحة المقاتلة المعروفة لدينا بالقوات البرية والبحرية والجوية، ولقد تطورت الأمور في...
إن السباق الانتخابي الجاري حالياً في الولايات المتحدة الأميركية بين المرشح الجمهوري اليميني المتطرف دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون ستبدأ مراحله الأخيرة هذه الأيام، ولربما تكون أبرز علامات هذه المرحلة والتي تستمر لشهرين حتى يوم...
كانت صور الطفل عمران، كسابقاتها من صور القتل والدمار من حلب وشقيقاتها التي انتهك إنسانيتها النظام السوري المجرم، قد وضعت علامة جديدة على درب حرب الإبادة في بلاد الشام، علامة يظنها البعض فارقة وبخاصة بعد...
لقد قامت مؤسسات بحثية عالمية وجامعات مؤخراً بالنظر إلى مكافحة خطر داعش من خلال منظور تهديد دولة الخلافة على حد تعبيرهم، وأن وجود دولة «إرهابية» مسيطرة على مصادر دخل مثل النفط والضرائب، وباسطة «سيادتها» على...
في مقال لي منذ عدة سنوات وفي زمن «الريس مبارك» كتبت بأن الجامعة العربية أصبحت عبئاً على ذهن وضمير المواطن العربي السويّ وإن إصلاح الجامعة العربية هو السبيل الوحيد لإنقاذ هذه المنظمة وإلا ستستمر هذه...
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً مستندات يدعي ناشرها أنها مستندات رسمية لدى جهات التحقيق بالدولة، وللأسف فلقد قام آخرون بإعادة النشر دون اهتمام أو مراعاة للقانون أو سمعة الوطن، نعم للأسف يوجد منا من هم...
لقد صدم العالم مؤخراً بالقرار الجريء الذي اتخذه شعب المملكة المتحدة من خلال أكبر استفتاء في تاريخ بريطانيا العظمى بالخروج من منظومة الاتحاد الأوروبي بشكل كامل وإلى الأبد في طلاق كاثوليكي لم تشهد بريطانيا طلاقاً...
في عالم السياسة الأميركية يوصف الرئيس الأميركي في شهوره الأخيرة بـ «البطة العرجاء» lame duck كناية عن عجزه عن التأثير في السياسات الهامة الأميركية والمبنية على المصالح المتبادلة لكونه في طريقه نحو بوابات البيت الأبيض...
استحوذ انتشار مقطع فيديو مصور لضباط أميركيين يتصرفون بشكل غير لائق أمام علم دولة قطر في معسكرهم، على اهتمام العالم في الأيام الماضية، وبالمقابل فإن ردة الفعل الوطنية كما أشار الأخ رئيس تحرير العرب في...
أولاً وقبل كل شيء، أود أن أهنئك أيها القارئ العزيز بدخول شهر رمضان الكريم، كتب الله لنا ولكم أجره وأعاننا على صيامه وقيامه. أما عن موضوعنا لهذا الأسبوع فهو خفيف ولكنه ليس بظريف، فقد بعث...