عدد المقالات 133
هل كنا بحاجة إلى مسلسل تلفزيوني أو مسابقة شعرية لنكتشف أن الفكر القبلي ما زال يضرب بجذوره في مجتمعنا حتى النخاع، وأن سنوات التنمية والتعليم والثقافة لم تكن إلا قشرة تغلف واقعاً ما زال يتعامل مع الإنسان بالاسم الأخير الذي يحمله، وأنه لا قيمة للمواطنة والانتماء والهوية إذا لم يكن الإنسان قبلياً، وأن المناصب ومواقع التأثير والتقدم والتأخر والرؤية الاجتماعية نحوك أو نحو الآخرين تتوقف على انتمائك القبلي، وأن داحس والغبراء ما زالت تعيش بيننا، نستدعيها كلما احتجنا لذلك في قصيدة «ننتخي» بها قبيلتنا أو مسلسل تلفزيوني يذكي صراعاً قبلياً غطته السنوات، لكننا نأبى إلا أن نزيل عنه الركام من حوله ليصبح هذا الصراع حياً يتحرك على الشاشة ليثير فينا دعوة «وأحياناً على بكر أخينا، إذا لم نلق إلا أخانا» ثم إذا «وقعت الفأس في الرأس» رحنا نبحث عن القيم التي تمجد الوحدة الوطنية وتنبذ التنابذ بالألقاب، ونستدعي ذاكرتنا الدينية والثقافية لنكتشف الكنز المكنون في ديننا، ونردد أمام هذه الدعوات «دعوها فإنها منتنة» أو «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى» أو « «كن ابن من شئت واكتسب أدبا.. يغنيك محموده عن النسب» أو غيرها من النصوص والأقوال، فأين كانت هذه الاستدلالات عندما كانت النزعة القبلية حاضرة بيننا. إن أحدا لا يطلب من الناس أن تتخلى عن أنسابها، لكن ليس مطلوب كذلك من هؤلاء الناس أن تكون أنسابهم هي الفيصل بينهم وبين الآخرين، فنحن في زمن أصبحت «المواطنة» هي الرابطة مع ما يجمعها من أخوة الدين واللغة والتاريخ، لكننا نكتشف ذلك متأخراً. وهل كنا بحاجة لحرب ضروس تقتل الأخضر واليابس وتدمر شعباً وتشرد أبناءه وتفجر نساءه ورجاله كل يوم لنكتشف كم هي الطائفية بغيضة، لقد ذهب شعب العراق مرة ضحية حرب شنها محتل غاشم استباح أرضه وماءه وسماءه، ثم ذهب العراق مرة أخرى ضحية دعوات طائفية وضعت الحواجز بين أبنائه وشعبه ومزقت بينهم ودفعتهم لقتل بعضهم البعض لا لشيء إلا لاختلاف الطائفية بينهم وهم الذين كان يضرب بهم المثل في التآخي، فإذا بهم اليوم مثلٌ في الصراع الطائفي الذي لم يتوقف عند العراق، بل امتد بجذوره إلى مناطق واسعة فارتفعت وتيرة الدعوات الطائفية في بلدان عديدة صدىً لما يحدث في العراق، وقد استخدم كل طرف كافة وسائله المسلحة والفكرية، فإذا كان العراقيون يقتتلون طائفياً بالصواريخ والقنابل والمتفجرات، فإن غيرهم يستخدم أسلحة لا تقل فتكاً فالفتاوى والعزل الاجتماعي والروايات التاريخية واستدعاء الماضي ليقود الحاضر، بل امتد الصراع إلى الطرفة الشعبية، فكل طرف لديه مخزون من «السخرية» من الطرف الآخر، ثم نتحدث بعد ذلك عن الوحدة الوطنية وعن الأخوة الإسلامية، وتبرز لدينا آيات كقوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم» وغيرها من النصوص التي لا نكتشفها إلا بعد أن تسفك الدماء وتزهق الأرواح، فهل هو اكتشاف متأخر!! وهل كان لا بد من وقوع كارثة الحادي عشر من سبتمبر حتى نكتشف أن الإسلام ينبذ الإرهاب والتطرف ويدعو للسلم والوئام، وأن فكر الإرهاب ليس له علاقة بالإسلام، ثم نبدأ حملة من المؤتمرات والندوات والمقالات الصحافية والدراسات التي «تبرئ» الإسلام من هذه الظاهرة، ونبدأ التنقيب في بطون الكتب والمصادر نستخرج منها الآراء والأدلة على صدق قولنا، ونكتشف أن الإنسان مكرم في ديننا أياً كان لونه أو عرقه أو دينه لقوله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم} وأن ميدان التنافس والتفاضل بين الناس هو بالتقوى التي لا يعلمها إلا الله. وهل كنا نحتاج إلى التقارير الدولية لنكتشف أن واقعنا متخلف في السياسة والاقتصاد والتعليم والصناعة والعلم.. وغيرها من صور التخلف التي لا ينافسنا فيها إلا جيراننا في بعض الدول الإفريقية والآسيوية، فالعالم قد انطلق في مسيرة التطور والتنمية، ونحن ما زلنا نجمع شتات أمرنا، ونلتفت يميناً ويساراً نبحث عن مواطن الخلل في حياتنا، وكأننا لا نشاهد هذا الخلل في صور الحياة المختلفة لدينا، ومع ذلك نصر على واقعنا وشعارنا الدائم «الله لا يغير علينا» لنكتشف أنه يتناقض مع مبدأ التغير الذي هو سنّة الله في البشر حين قال تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}. فأوكل سبحانه -وهو القادر على كل شيء- مهمة التغيير للإنسان نفسه لأنه يريد لهذا الإنسان أن يكون قائد التغيير لا أداته فقط، ومع كل هذا ما زلنا ننتظر التطوير والتغيير من غيرنا، وكأن المقصود بكلمة {قوم} في الآية هم أولئك الذين يملكون أدوات التطوير والتغيير، وكأن الآية لا تخاطبنا رغم أننا المستهدفون بها، لأنها نزلت بلغتنا وهي جزء من ديننا، لكن يأبى بعضنا إلا أن يوكل قياده لغيره ليكتشف بعد ذلك أنه غير قادر على المسير من دون قائد، وأن هذا القائد قد يورده المهالك، ومع ذلك يسلمه أمره وشأنه في روح من الاستلاب تأباه النفوس العزيزة. إن الدارس لهذه «الظاهرة» يكتشف أن هذه النصوص والقيم كأنها ولدت من جديد أو أنها لم تكن موجودة أصلاً، وأنها أحدثت تغييراً كبيراً في حياة الإنسان العربي والمسلم بعد «اكتشافها»، ثم يفاجأ بأن «الاكتشاف» لم يتجاوز مرحلة الاطلاع إلى مرحلة التغيير، فما زال الجميع يتصرف وكأنه لم يعرف هذه القيم النبيلة. وأنه يحتاج إلى إعادة «اكتشافها» مرة أخرى. إن كثيراً منا يحلو ضرب المثل باليابان، وهي تستحق ذلك، فقد كانت أمة محطمة بعد الحرب العالمية الثانية وهي اليوم أمة قائدة، ما الذي تغير لديهم؟ إنها إرادة التغيير والاكتشاف المبكر لمواطن الحاجة للتغيير. إن هذا الحديث ليس معلقة على جدار النواح العربي، لكنها دعوة لاكتشاف قيمنا والعمل بها والأخذ بزمام التغيير حتى لا يقودنا غيرنا فالاكتشاف المبكر للمرض أدعى لسهولة علاجه.
هل تكون «داعش» أو ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، سبباً في حل المعضلة السورية؟ للإجابة على ذلك تذكروا اتفاق «دايتون» الذي أنهى الحرب في البوسنة والهرسك، فقد بدأ القتل في البوسنة في أبريل...
يبدو أن محرقة الصراعات الطائفية والمذهبية لن تدع أحدا في بلاد العرب والمسلمين، فهذه المحرقة التي تضم تشكيلة من الصراعات التي لم تشهد لها الأمة مثيلا إلا في عصور الانحطاط والتخلف عادت مرة أخرى تقذف...
تتوقف ثلاث شاحنات خالية، يتقدم أحدهم حاملا رشاشا بيده، يلتفت إلى الشاشة لتبدو هيئته المتجهمة التي يكاد الشرر يتطاير منها، وتلف وجهه لحية كثة كأنه أراد من هذه الالتفاتة أن يبرز هويته، ثم يتجه إلى...
تعودت أن أتصل به كلما احتجت لحجز تذكرة سفر، كان يبذل أقصى جهده من أجل الحصول على أفضل العروض بأقل الأسعار، وانقطع التواصل معه بعد دخول التكنولوجيا في حجز التذاكر، بل في كل إجراءات السفر،...
ما هو مستقبل العرب؟ سؤال يبدو مشروعا ونحن ندخل عاما جديدا، حيت تتمثل الإجابة في أن الواقع الحالي لا يمثل النموذج الذي يصبو له العرب ولا يتناسب مع معطيات الحاضر، فإذا كان الأمر كذلك فلا...
سيكون عام 2013م من أكثر الأعوام تأثيرا على الخليج العربي، فلأول مرة منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، يشعر الخليجيون أن «خليجهم ليس واحدا»، فقد بدا واضحا حجم الخلافات بين دوله الأعضاء، فعلى الرغم من البيانات...
بعد أيام سندخل عاما جديدا وحالة العالم «لا تسر عدواً ولا صديقاً»، فقد ازداد فارق الفقر بين الدول، كما ازدادت مشكلاتها وحروبها، وتلويثها للبيئة، وقضائها على الطبيعة، وتقسم العالم إلى شرق وغرب وشمال وجنوب، بل...
«خلال حياتي نذرت نفسي لكفاح الشعب الإفريقي، لقد كافحت ضد سيطرة البيض وكافحت ضد سيطرة السود واعتززت دوماً بمثال لمجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه كل الناس معاً في انسجام وفرص متساوية، إنه مثال آمل أن...
بدعوة كريمة من وزارة الإعلام بدولة الكويت الشقيقة، شاركت مع عدد من الزملاء في زيارة الكويت ولقاء بعض المسؤولين الكويتيين، حيث خرجت الكويت من قمة ناحجة هي القمة العربية الإفريقية، وهاهي تحتضن غدا القمة الخليجية...
أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أيام مجلس التعاون في السويد، ذلك البلد المجهول لكثير من سكان المنطقة رغم التواصل المبكر بين العرب والبلاد الإسكندنافية ومن بينها السويد التي وصلها الرحالة السفير ابن فضلان عام...
شهدت العاصمة السويدية –ستوكهولم- خلال الأسبوع الماضي حضورا خليجيا تمثل في أيام مجلس التعاون في السويد، حيث شارك مجموعة من الدبلوماسيين والباحثين والأكاديميين الخليجيين يرأسهم أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في حوار مع نظرائهم السويديين،...
تستعد مدينة دبي بعد غد لتلقي نبأ مهما في مسيرة تطورها، إذ ستقرر اللجنة الخاصة بمعرض إكسبو الدولي، المدينة المؤهلة لاستضافة دورة المعرض المقررة عام 2020، حيث تتنافس أربع مدن على استضافة المعرض، وهي مدينة...