عمر بن الخطاب

المسلسل التاريخي الذي سيعرض في رمضان، وهو يعتبر أضخم إنتاج درامي عربي، والهدف تقديم سيرة الفاروق بطريقة تليق بذلك الرجل الذي فرّق الله به بين الحق والباطل، خاصة إذا علمنا أن من كتب النص هو د/ وليد سيف، والذي لا أعرف كاتباً على مستوى الأمة قدم التاريخ الإسلامي كما قدمه د/ وليد سيف، فلقد كنت مولعة بطريقته في تقديم الشعراء والأدباء، وطريقة تحليله للنصوص، والتي تنم عن فكر استوعب الأحداث حتى أصبحت جزءاً من ذاته، ثم قدّم مجموعة من المؤلفات، وتوّجها بالرباعية الأندلسية التي لم نشاهد منها الجزء الرابع إلى الآن «الخاص بسقوط غرناطة»، ثم وجود مخرج كحاتم علي يعتبر علامة جودة لأي إنتاج، فهو مخرج عبقري بكل ما في الكلمة من معنى، خاصة قدرته على تقديم الأحداث بشكل واقعي يفوق قدرتنا على التخيل، إذاً كل الظروف المحيطة بالمسلسل ستدفعنا حتماً إلى مشاهدته، ولكني سأكرر ما أشرت إليه في مقالي السابق عندما أعلنت شركة الإنتاج المسؤولة عن تمويل هذا المسلسل أن كل المفتين سيتحملون أمام الله إجازة تمثيل الصحابة، وإن كانت أهدافهم هي تقديم صورة مشرفة عن الإسلام ونيتهم مواكبة العصر الذي سيطر عليه الإعلام المرئي، فلن يعفيهم أمام الله أن هذا التساهل سيجر إلى جواز تمثيل الأنبياء والرسل، وعلى رأسهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عشرات السنين، مستندين إلى نفس الحجج، هل تعتقدون أننا لا ندرك ما أهمية العمل التاريخي؟ بل على العكس فمنذ كنت صغيرة حرصت على رؤية «محمد رسول الله»، ومعظم الإنتاج التاريخي وحتى «الحسن والحسين» مع أني من أشد المعارضين لتجسيد شخصيتيهما، ولا أنكر أن مسلسل «الحسن والحسين» فاق كل وصف كعمل وإنتاج ضخم، ولكن القضية ليست النص أو العمل وقوته، القضية دخولنا إلى الدائرة الشائكة من التسهيلات، والتي قد تجرنا إلى مزالق لن تنفعنا فيها طيب النوايا، ولذلك سأشير إلى بعض النقاط المهمة منها: - 1- سيكون في المسلسل عنصر نسائي، ومنهن من ستقوم بدور زوجته، أيليق ذلك بالرجل الذي عرف بغيرته على النساء، ونزل الأمر بالحجاب للمؤمنات على رأيه، واستحى رسول الله أن يدخل قصره في الجنة لما علم من غيرته، ألا تستحون مما استحى منه رسول الله؟!! على الأقل بعض الضوابط ومنها أن يخلو المسلسل من أي عنصر نسائي متعلق بالمسلمات ولا بأس غير المسلمات مثل سجاح وأم جميل وأية امرأة غير مسلمة!! 2- لا أعرف كيف أن ممثلاً مغموراً أو حتى غير مشهور لا نعلم إذا كان من أهل السنة والجماعة سيقدّم دور العظيم عمر، وإن كنت أتوقع أن الشركة لا بد أنها انتبهت لهذه النقاط، ولكن عمر -رضي الله عنه- من أصعب الشخصيات كتركيبة فكرية وإنسانية، فهو يمثل الإنسان الملهم صاحب الشخصية ذات الهيبة التي يخشاها الرجال، والدمعة الحانية السريعة لكل ما يصيب المسلمين، وما بين تلك الدمعة والهيبة شخصية تأسرك في كل حالاتها هل ستستطيعون أن تحملونا لهذه الصورة أو حتى لجزء منها؟ هذا ما سيحدده رأينا بعد مشاهدتنا للمسلسل. تحياتي لـ د/ وليد سيف ولحاتم علي، ولكل من أراد أن يخدم الإسلام بالنوايا الطيبة. وقفة: - إذا كنا سنقيم الشخصيات التاريخية على مر الزمن باستثناء الرسل والأنبياء، فلن تجد فيهم رجالاً يعتبرون نموذجاً متميزاً في كل الصفات العقلية والشخصية والفكرية والسياسية والمجتمعية والقيادية والحياتية والبطولية إلا تلك الشخصيات والرجال التي أحاطت بمحمد عليه الصلاة والسلام وكيف لا؟!! ومحمد عليه الصلاة والسلام معلمهم، والقرآن منهجهم، والإسلام دينهم.