alsharq

د. ظافر محمد العجمي

عدد المقالات 395

سطوة المماليك الجدد

04 أغسطس 2011 , 12:00ص

يبدو الباشا شيخا عفيا، متين البنيان، عريض الأكتاف، مفلطح الوجه، تضفي عليه نظرته الحادة الوثابة هيئة أسد أغبر هرم. أخذ الباشا يبحث عن منديله بكلتا يديه ثم ينقب عنه فيما حوله، ثم ينقب في جيوبه، فلم يجده. وكان أثناء بحثه لا يكف عن التعبير عن حيرته ودهشته بهتافات مختلفة استجاب لها آخر الأمر خادم سعي إليه من أقصي الحجرة قائلا: ابحث عنه في جيبك الآخر. الباشا: فعلت فلم أجد منديلي. الخادم: إذن عد فابحث عنه في جيبك الأول. فأجابه الباشا: ليس عندي منديل. فكان الرد السريع الذي أتي إليه من الخادم: بل عندك منديل. وتكرر القول والرد. الباشا: ليس عندي منديل. الخادم: بل عندك منديلك. ثم تقدم الخادم إلي الباشا وأخذ ينقب في جيبي سترته عن المنديل دون أن يجده فأخذت يده تدور حول خصر الباشا يتحسس المنديل فلعله طواه بطرف الشال الذي يتلفع به, ولكن دون جدوي. حينئذ أمسك الخادم سيده وأماله إلي اليمين فوق الأريكة، ونظر تحت مقعدته، ثم عدله وأماله ناحية اليسار. وظل الباشا طوال هذه المناورة العجيبة علي أتم ما يكون من وقار واستسلام. ثم دس الخادم ساعده حتي الكوع في أحد جيوب سروال الباشا العميق المنتفخ، فأخرج مسبحة وعلبة نشوق، وعدة أشياء أخري صفها علي الأريكة ولكنه لم يجد المنديل. وانتقل الخاتم يدس ذراعه إلي قرب كتفه، في الجيب الآخر ومدها إلي عمق مهول حتي أخرج من قاع الجيب ذلك المنديل المفقود. وفي حركة ملؤها الاحترام والتوقير دفعه بقوة إلي يد الباشا. ثم تراجع إلي الطرف الأقصي من القاعة في ذل وخشوع أكثر من اللازم. المشهد التمثيلي والأداء الحركي رائع التصوير, سجله لنا روبرت كيرزون Robert Curzon عندما دخل على محمد علي باشا حاكم مصر القوي 1769-1849 يحاول إقناعه مد خط حديدي بطول برزخ السويس، لكن المشروع لم ير النور وبقي مقطع حادثة هينة نبع ينهل منه كل باحث من زاويته. المشهد كما نراه يظهر سطوة من يحيط بالمسؤول أو الزعيم صانع القرار السياسي المصيري، والذي جعل من ضمن حصانات حكمه تفرده باتخاذ القرار ونبذ الأسلوب المؤسسي، وتجاهل توصيات مجالس الشورى، والمجالس التشريعية، واللجان البرلمانية المختصة، ودراسات جهاز الأمن الوطني, بل محاربة وتهميش مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية والمستقبلية في بلده، بل عدم استساغته لأبحاثها، لأن وصولها إلى مستوى المشاركة ولو بالرأي في صياغة الخطط والقرارات تقليل من قدرة الحاكم ومنازعة له في سلطته. وقد تكون سطوة الخدم المستترة على مسؤولينا في العالم العربي قد تراجعت، بتقدم الخدم الآسيويين مكانهم، لكن سطوة المستشار السياسي بمسوح الجليس المخلص وهو في الوقت نفسه المستشار الاقتصادي والرياضي ومستشار الأمن القومي، ما زالت تختزل كل صلاحيات جهات صنع القرار في شخصه، مجردة المنصب من مهامه المتعارف عليها في الحياة السياسية الحديثة، ومعيدة خلق ما يعرف (بالبطانة) التي تمسك بالمسؤول متقمصة دور الخادم وتميله وهي تكرر عبارة (طال عمرك) إلى اليمين وإلى الشمال وتنظر تحته، وهو طوال هذه المناورة العجيبة علي أتم ما يكون من وقار واستسلام لهم كالباشا محمد علي ومماليكه. http://tinyurl.com/3vr3j4a

وكالة الفضاء الخليجية

حتى وقت قريب، كنت أعتقد أن تقويم و»مرصد العجيري» هما أكبر طموح لنا في الكويت مع الفضاء الخارجي، حتى وإن لم تتعدّى نتائجه تحديد الصيام والعيد في خلط بين علم الفلك وعلوم الفضاء، ثم اطّلعت...

الخليج بين الضمّ أو قيام إمارات عربية فلسطينية

منذ أن أعلن نتنياهو نيته البدء يوم الأربعاء الأول من يوليو 2020، تنفيذ مخططاته التوسعية من خلال ضمّ الضفة، والأسئلة في العواصم الخليجية تتوالى أكثر من التحركات، بينما نرى أن التصدي الخليجي لقرار الضمّ أقرب...

الخليج في النميمة السياسية لبولتون

بعد استنفاذها القيم الديمقراطية والحرية والعدل، أخذت أميركا تلقي في وجه العالم الكتل القبيحة الفائضة من حضارتها، فبعد تكشيرة قاتل جورج فلويد، وهو يتكئ على عنق الرجل المسكين بركبته، ظهرت ثقافة النميمة السياسية المدفوعة بالجشع...

قانون قيصر بين الخليج وسوريا

استخدمت عواصم خليجية عدة في فترات قريبة كلمة «الحكومة» بدلاً من «النظام»، لوصف قادة سوريا، ولم يكن الأمر بحاجة لإعادة طرح سؤال نزق إن كنا خليجيين أولاً أم تجاراً أولاً؟! والآن نعيد طرحه مع توسيع...

القتال في ليبيا أوصى به طبيب

بعكس كل دول العالم هذه الأيام، تقتل الحرب في ليبيا الشقيقة أكثر مما يقتل كورونا (كوفيد -19)؛ فإجمالي الإصابات بفيروس كورونا في ليبيا وصل إلى 256 حالة فقط، حتى الأسبوع الأول من يونيو 2020. فيما...

ما بعد «تويتر»

في أواخر الثمانينيات تعرّفت على الكمبيوتر عبر جهاز «صخر»، وكان عبارة عن لوحة مفاتيح تشبكها بشاشة التلفزيون العادي. وفي 1993 اشتريت أول كمبيوتر «ديسك توب»، ولم أتصوّر أنا ولا حتى بيل غيتس أن هناك ما...

الكاظمي الخليجي

نجح مصطفى الكاظمي في نيل ثقة البرلمان، وأصبح رسمياً رئيس وزراء العراق؛ ولأن الخليج يعتبر الكاظمي أقرب إليه من أي مرشح آخر فقد تم الترحيب بتنصيبه من أعلى المستويات السياسية الخليجية علانية ولأسباب كثيرة منها:...

حان دور الوطن لحماية العسكر من «كورونا»

لم يعرف المواطن الخليجي الوقوف في صفوف إلا في الصلاة، ومن نعم الله أن المواطن الخليجي لم يعتد الوقوف في الطوابير، وقد طوّعتنا جائحة «كورونا» لتفهّم ثقافة الطوابير، رغم أن طوابيرنا لا تُقارن بطوابير البؤس...

هل العالم جاهز للهجوم على «كورونا»؟!

لقد قتلت العالم وهو يواجه فيروس كورونا «19-COVID» تناقضاته، فهو لا يعرف ما يريد، هل يقاوم أم يستسلم أم يهاجم؟ فقد كنا في موقف الدفاع أمام الجائحة، متخندقين بالحجر المنزلي، وأسلحتنا متوافرة وسهلة لا تتعدّى...

صراعات ما بعد «كورونا»

كان ولا يزال لـ «كورونا» القدرة على خلق مناخات استراتيجية قابلة للاشتعال، فالنزعة الفوضوية التي طبعت تعامل العالم معها ستفضي بدول العالم إلى تبني نزعة عدوانية تنافسية فيما بينها للتعويض عن خسائرها، ويرى المفكر الأميركي...

الخليج والأمن الغذائي

حين اكتشفت أن بداوتي تهمة لجهلي رعي الإبل والغنم؛ عيّرت الرفاق بأن تحضّرهم تهمة بقدر تهمتي؛ لكن ذلك لم يكفِ. وكان لا بدّ أن أقفز قفزة حضارية؛ ولأن الزراعة هي خطوة تتلو الرعي، تقاعدت من...

الانسحابات الأميركية.. استراتيجية أم تكتيكية؟

إذا كانت التحركات الاستراتيجية هي الخطة الشاملة للوصول إلى الهدف النهائي، فإن التكتيك هو خطة جزئية لتحقيق هدف جزئي؛ فإن التراجع الأميركي في العراق أقل من الاستراتيجي وأعلى بكثير من التكتيكي أو ما يعرف بتكييف...