عدد المقالات 170
خلال جلسة هادئة من لهاث أيام الأسبوع الدراسية في ردهة الفندق مع كوب من الشاي المعطر بزهر الخزامى المهدئ الطبيعي للأعصاب. لفت نظري رجل وامرأة أنيقان يهمان بدخول الفندق. تبين ثرائهما منذ أن توقفت المركبة الحاملة لاسم شهير في صناعة السيارات الفارهة وباهظ الثمن أمام المدخل. فُتح الباب الخلفي الأيمن، ثم خرج منه حذاؤها على مهل. حذاء براق بكعب عالٍ جداً. قياساً بمن تصف لكم هذا المشهد. فقد قضت حياتها تنتعل الرياضي من الأحذية أو للأناقة الجلدي الرسمي، ولكن «بلا كعب» الكعب لسيدات الصالونات ومرتادات جلسات النميمة الصباحية والتفاخر المسائية. وحفلات «السواريه» و «السينييه».. هكذا نظن أن ليست كل النساء مخلوقات للاستمتاع بالكماليات! الكعب المرتفع معوِّق لأي إعلامية في مهامها، وأكاد أجزم أن أغلب الصحافيات منهن تفتقدن وصف الأناقة «المهم للسيدات»؛ ذلك لأن مُرتَدَيات المرأة «ذات الكعب» تتضاد مع ما تتطلبه مهام الصحافيات فأقرب وصف لمهنتهن أنهن محاربات يقبعن في ثكنة عسكرية في حالة تأهب للأوامر لتبدأ الهرولة لتنفيذها. الانضباط والالتزام في الوقت والسبق «الصادق» غير المحتمل أن يلحق برسائل تكذيب تضطر المطبوعة لنشره في اليوم التالي في ذات مكان الخبر الكاذب. مثلث البقاء والاستمرار في المهنة هذه. والمطبعة لا تنتظر أحدا تعمل بميعادها وبلا رحمة! أرى أن الكعب المرتفع رفاهية لا تملكها المرأة في مهنة الصحافة. وإن تحايلتُ على المشكلة بوضع «حذاء بكعب» في مقعد السيارة الخلفي تحسباً لتغطيات مفاجئة في أماكن لا يصلح حضورها بـ «الرياضي» بالإضافة لمعطف رسمي يعكس مهنية وهيبة الصحافة سواء كانت هواية أو مهنة واحترافا لتتشابه متطلباتها. المظهر الجاد يجعل المقابل يأخذك على محمل الجدية! أما صاحبة «الكعب» أمام المدخل الضيق لفندق هيلتون تايمز سكوير في منهاتن، فأخرجت ساقها من السيارة وكأنها بدفع الحذاء بذاك البطء تريد أن تسبقها هويتها. لا أبالغ. فالبعض أحذيتهم تدل عليهم. فقد نزلت تتبختر وكأن الأرض تحتها طفل لها. تدوس بطرف حذائها ولم تصل لأريكة الجلوس إلا بعد أن انتهيت من إبريق الشاي خاصتي! ولكن الفضول الإعلامي تطلب إبريقاً آخر! ففي هذا المكان المجنون أو «تايمز سكوير» تتناثر جنسيات الكرة الأرضية وطبقاتهم ومستوياتهم الاجتماعية، وتتداخل مع حركة أضواء إعلاناته بين براق وخافت. صفات البشر وتناقضاتهم. متعلم وجاهل. غني وفقير. مقتدر وعاجز. ذكي وغبي. وكلهم جميعاً يمكنك أن تلتقي بهم في مفترق الـ «تايمز» وكأن اسمه يعكس وصف المارة. شارع لا ينام ولا يتخذ له متكأً يلتقط أنفاسه حتى والسماء ترسل بغطاء أبيض له ليلتحف به ويهدأ. يبقى في قمة نشاطه. وبكل حال فلستُ على وفاق مع المدن، لكن قضيتُ بدايات حياتي فيها للأسف ولعل ختامها يكون في مكان بعيد عنها وأحبه. فندق «هيلتون» المطل على الشارع مباشرة مؤهل كمقصد لعلية القوم لشهرته في سوق الخدمات والإدارة الفندقية. وصاحبة الحذاء اللامع دفعها الرجل المرافق لها لمقعد بعيد عن مكاني. فلم أجد حرجاً بطلب «الجرعة الثانية من الشاي» في مقعد قريب. قد تكون هناك قصة يمكن الخروج منها بفائدة ما تصلح للنشر. وهذا ما حدث. فهمت من تلك المرأة أن البهرجة أفضل وسيلة فضح للانكسار الداخلي، والابتسامات تكون عريضة بذات مساحة الألم المرافق لصاحبها، والجمال رغم أهميته لا يغني عن الرزانة والذكاء. فالإناء لا يملك تغيير محتواه، والوحدة التي تشعر بها بعض النساء إنما هي عزلة محمودة تتمناها أمثال «سيدة الحذاء اللامع» ولكن لا تمتلك حريتها في القرار. في تلك الجلسة رأيتُ رجلا يلف ذراعيه على كتف امرأة بينما كل ما تقوله عيناها له «أنت أبعد إنسان عني في هذا الدنيا»! كانت تهرب من حقيقتها بأن تلتصق به أكثر، فالاقتراب يضيق إمكان وضوح الرؤية، وبالتالي يساعد على تزييف حقيقة المشهد، ويكون عذراً مقبولاً لمن لا يريد لتجلي الحقيقة أن يكون سبباً في دفعه لقرار لا يمتلك ثمنه. الآن على الأقل! انتظرتم القصة، ولكني أعطيتكم الحكم المستقاة منها. فليس الغرض من الحكايات السرد وإشباع فضول تجميع المعلومات، بينما الهدف من أي حدث أن نستفيد مما ورائه. ماذا يريد أن يقول لنا أن نفعل أو نتجنب. ولماذا جاءنا نحن بالذات. وما هو واجبنا تجاه الآخرين؟ تعلمت أن الأحداث التي أمر بها أو أشهدها ليست محض صدفة، بل قدر يجب أن أفهم ما وراءه. رسالتنا في الحياة أن نتغير لنغير. نتعلم ونعلم. نستقبل لنرسل. وفي الطريق نستخدم أفضل المرشحات «الفلاتر» لتنقية ما نعيد بثه للبشرية. لـ «سيدة الكعب العالي» قصة قد أذكرها يوماً في كتاب رحلاتي، أو قد أكتفي بنشر قيم مستوحاة منها في هذه المقال. أصدقكم القول؟ لا أحد يعلم ماذا سيفعل في أرشيف ذاكرته. حتى الكُتاب وإن كثُر ادعاؤهم.
اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي، وإن أحببتُ تسميتها وسائل التقاطع أدق وصفاً، بمقابلة الشيخ صالح المغامسي التلفزيونية، التي قال فيها أكثر من جملة مثيرة للجدل، ولا أحبذ إطلاق كلمة «فتوى» على كلامه، لأنه ليس كذلك. إن...
جانب من نهضة الفكر الغربي تعود للتوصل لاتفاق حول معاني المفاهيم للمصطلحات التي يستخدمونها، وأحد أوسع أزمات الفكر العربي أنه لا اتفاق على مرامي المصطلحات ولا تعريف متفق عليه.. عليها. والمصطلحات بين الساسة أزمة بحد...
رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك لا يستطيع أن يبقى صامتاً إزاء قول عمدة لندن السابق بوريس جونسون بأن الاتحاد يسير على خطى هتلر؛ لأنه «وصف تعدي النقد السياسي»! دماء أطفال العالم العربي والإسلامي ونسائه وشيبته...
عرض في رمضان الماضي، أي هو إنتاج ما بعد ثورة 25 يناير, معلومة توفر الكثير من التفسير والتحليل لعدائية الخطاب ضد الإخوان المسلمين، وتقربه وحماسه لليهود وعدم الاقتراب إلى فكرة الصهيونية بتاتاً! حارة اليهود، جعل...
سألته أمه: كيف كان تقديمك في الاختبار؟ فأجاب: أنا أجدت الإجابة، لكن لا أعلم رأي الأستاذ! الإجابة تعكس فقدان أصل العلاقة بين المعلم والطالب، الثقة بعدالة الأول في تقييم فهم الثاني للمادة العلمية، لكن هل...
في سابقة هي الأولى من نوعها أعلن رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان بألفاظ صريحة ضرورة تضمن دستور تركيا الجديد قيم الإسلام لا القيم العلمانية. والبطل، وهي الترجمة العربية لكلمة كهرمان، يستحق أن نرفع له «العقال»...
تعتبر الكويت من أوائل الدول في الخليج التي تتميز بوجود «العقد الاجتماعي» أو كما يسمى «الدستور». وأول دستور في الكويت كان في العام 1921 والثاني العام 1938 والثالث 1961 والرابع وهو الحالي صدر في الحادي...
لماذا تتطلع الشعوب المسلمة إلى زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، إلى أخيه رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا؟ ثم لماذا تتابع وسائل الإعلام تفاصيل جدول أعمال الزيارة على صدر أولوياتها رغم...
قرأتُ بالأمس خبراً ظريفاً مفاده أن مجموعة من شباب قرية «أوزوملو» في ولاية «مرسين» التركية تظاهروا في قراهم رافعين لافتات تضم مطالباتهم وهي واحدة لا غير: الرغبة في الزواج من الفتيات التركيات. ويرجع ذلك لهجرة...
غريب أمر دونالد ترامب، هل هو فعلاً يعني ما يتبناه في حملاته الانتخابية؟! وهل الحزب الجمهوري موافق على تلك الحملة اللاأخلاقية؟! وما الخلفية داخل مؤسسة الحزب الجمهوري تجاه صعوده المرافق لاستهتاره بعراقة الحزب وتبني خطاباً...
انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي تصوير منزلي لا يتعدى العشرين ثانية لأب كبل يدي وقدمي ابنه الذي لم يتعد الخامسة من عمره، ودأب يجلده بسوط ويعذبه وكأنه ليس ابنه بل حبسه وجوّعه! الحقيقة لم أعتد...
يسبق كل إعلان في وسائل الإعلام عن تفجير في ولاية من ولايات تركيا إعلان نية توجه رئيس الدولة رجب طيب أردوغان أو رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو إلى دول صديقة وجارة في زيارات رسمية بغرض...