قطر وعمان.. رؤية مشتركة

جسدت زيارة الدولة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، إلى سلطنة عمان الشقيقة تلبية لدعوة كريمة من أخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق، عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، والتي تقوم على أسس من التفاهم المشترك والاحترام المتبادل والتعاون المثمر في مختلف المجالات. وقد جاءت هذه الزيارة لتؤكد على الرؤية المشتركة لقيادتي البلدين في تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي والاستثماري والسياسي، بما يحقق المصالح المشتركة ويعزز التكامل بين الدوحة ومسقط. وكان الاستقبال الحافل لحضرة صاحب السمو بداية من دخول طائرته الأجواء العمانية بالترحيب من سرب طائرات لسلاح الجو العماني ووصولا إلى الموكب الاستثنائي أثناء توجه سموه إلى قصر العلم في مسقط انعكاسا للأجواء الأخوية والمثمرة التي سادت الزيارة. وتساهم هذه الزيارة والمباحثات بين حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، على مدار يومين، في دفع مسيرة العمل المشترك والتعاون الثنائي الوثيق وزيادة في نمو العلاقات والمصالح المتبادلة وتوسيع آفاق التعاون والشراكة الاقتصادية، من خلال استكشاف مزيد من الفرص وتطويرها، كما ستعزز فرص الاستثمار بين البلدين عبر تشجيع القطاعين العام والخاص لتنويع مجالات الشراكة الاقتصادية، مما يساهم في تلبية طموحات البلدين والشعبين الشقيقين. وقد تكللت هذه الزيارة بتوقيع ثلاثة برامج تنفيذية ومذكرتي تفاهم، تعكس حرص الجانبين على توسيع آفاق التعاون وتعزيز الشراكة الاستراتيجية في مجالات حيوية مثل الشباب والرياضة والتنمية والتعليم، وهذا التوجه يعكس الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين لتحقيق التكامل في هذه المجالات والاستفادة من الفرص الواعدة وتبادل الخبرات. وما يميز العلاقات القطرية العمانية هو ثباتها واستقرارها في مختلف الظروف، حيث لم تتأثر هذه العلاقات بأي تطورات شهدتها المنطقة، بل ظلت نموذجا للعلاقات الخليجية المتزنة التي تقوم على الحوار والتفاهم. ولعل توقيع مذكرات التفاهم خلال هذه الزيارة في مجالات متعددة يعكس مدى النضج السياسي والاقتصادي بين البلدين، والحرص على دفع العلاقات إلى مستويات أكثر شمولية. ولم يكن الملف الاقتصادي هو المحور الوحيد في هذه الزيارة، فقد ناقش القائدان القضايا الإقليمية والدولية وأكدا على أهمية تعزيز التعاون الدولي لتحقيق الأمن والاستقرار، وهنا تبرز أهمية الدور الذي تلعبه الدوحة ومسقط في دعم الحلول السلمية للنزاعات، كما بدا واضحا في موقفهما المشترك تجاه أزمة غزة، حيث شددا على ضرورة الالتزام بالاتفاقات التي تم التوصل إليها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار. ولا يخفى على أحد أن نجاح هذه القمة يعود إلى العلاقات القطرية العمانية المتجذرة الممتدة لعقود من التعاون والتنسيق المشترك، حيث ظلت مسقط والدوحة على الدوام نموذجا للعلاقات القائمة على الحوار البناء والعمل المشترك. وتأتي هذه الزيارة لتؤكد استمرار هذا النهج، وتعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة والازدهار لشعبي البلدين.