قطر الصغيرة ترفع التحديات

مضت الأيام بسرعة.. في غمضة عين، وها نحن نستعد لانطلاق كأس العالم لكرة القدم «قطر 2022» بعد أكثر من خمسة شهور من اليوم. نتذكر جميعا تلك اللحظة التاريخية في الثاني من ديسمبر عام 2010، عندما أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» حينها جوزيف بلاتر عن نتيجة التصويت لاختيار البلد المنظم للمونديال، حيث أصبحت قطر أول دولة عربية وشرق أوسطية تنال شرف تنظيم هذا الحدث، بعد تفوقها على منافسيها اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية في التصويت الذي جرى بمقر «الفيفا» في مدينة زيوريخ السويسرية. وخلال عقد واحد ونيف، هي المدة الفاصلة بين تلك اللحظة التاريخية وأيامنا هذه، أظهرت قطر استعدادات خيالية لاستضافة أهم حدث رياضي في العالم على الإطلاق، وهو بالمناسبة إن كان حدثا رياضيا في ظاهره، ولكنه ذو أبعاد مختلفة ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية وغيرها. ولعل هذا ما أشار إليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، لدى مشاركته في الجلسة النقاشية حول كأس العالم «قطر 2022» التي حملت عنوان «الرياضة كقوة مُوحِّدة» بمنتدى الاقتصاد العالمي في مدينة دافوس، عصر الإثنين الماضي، حيث أكد في كلمته على أنّ تأثير مثل هذه الأحداث الرياضية لا يقف عند حد التسلية فقط، بل يتعداه إلى تحقيق التفاهم المتبادل بين مختلف الثقافات والخلفيات، مشيرًا إلى أنّ شعب قطر والمنطقة في غاية الحماس لإبداء كرم الضيافة والثقافة العربية. كما أعرب سموه عن سعادته بكون هذه البطولة ستوحّد العالم، وتجمع شمل الجمهور مجددًا، لافتًا إلى أنها المرة الأولى التي يستضيف فيها العالم العربي مثل هذا الحدث الكبير. ولأهمية هذا الحدث العالمي، خاصة وأنه سيكون أول حدث رياضي كبير تحضره الجماهير كافة بعد جائحة كورونا، كان ملف كأس العالم حاضرا في جولة صاحب السمو، الأوروبية التي يقوم بها حاليا وتشمل عدة دول بدأت محطتها الأولى في سلوفينيا وستختتم بالجمهورية الفرنسية لاحقا، وتخللتها مشاركة سموه في منتدى دافوس الاقتصادي بسويسرا الذي تختتم أعماله اليوم. إذ أوضح سموه في المؤتمر الصحفي المشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس لدى زيارة سموه إلى ألمانيا ردا على سؤال أحد الصحفيين بأنّ الرياضة تمثل طموحا كبيرا لدولة قطر وهي تحظى بشغف كبير، معبرا عن فخره كون قطر مقبلة على بطولة مهمة واستحقاق مهم هذا العام وهو كأس العالم لكرة القدم. ولم تكن رحلة قطر مع كأس العالم سهلة، إنما صادفتها الكثير من التحديات، ولعل أهمها الهجمات المنظمة التي تعرضت لها منذ لحظة إعلان فوزها بشرف استضافة البطولة. إلا أن الدولة واجهت كافة التحديات بالعمل والجهد، وقدّمت برهانا على أحقيتها، وهي البلد الصغير جدا، في استضافة أهم حدث عالمي. ما أتخذته قطر من استعدادات وتجهيزات على كافة المستويات للمونديال جعلت رئيس «الفيفا» الحالي إنفانتينو يقول منذ فترة طويلة إن قطر تجعلني أنام مرتاحاً، وأعلن مرارا أنها مقبلة على استضافة أفضل نسخة من كأس العالم على الإطلاق. كعادتها، قطر دائما تكون على قدر التحدي.. واستذكر هنا ما قاله صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في تصريحات صحفية بعد إعلان منح الدولة شرف استضافة المونديال «إن قطر دولة صغيرة لكنها تستطيع رفع التحديات».