كان هناك رياضة كويتية؟!

قد يبدو قرارا داخليا، هكذا يتراءى للقارئ أو المستمع لقرار اللجنة الأولمبية الكويتية عدم المشاركة في الأولمبياد الخليجي الذي سيقام في الدمام الشهر المقبل، لكن حين يتعلق الأمر بدولة ذات إمكانيات مالية وتنافسية كبيرتين، فلا بد أن نتوقع أن في الأمر «إنّ»! في البدء وجب أن نشير إلى أن الكويت تعيش حاليا أزمة اختلافية كبيرة بين مسيّري الرياضة ومنفذيها أي بين اللجنة الأولمبية الكويتية ومعظم الاتحادات الرياضية من جهة والهيئة العامة للشباب والرياضة من جهة أخرى، وهذه الأزمة قد ألقت بظلالها حتى بات الأمر أقرب إلى التنافر والتحارب من الجهتين، ولعل استضافة بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم وما حدث من تأجيل وتهديد بالانسحاب ليس ببعيد عن الرأي العام الخليجي. نعود إلى صلب الأزمة، ونحن المطلعين من بعيد، نعتقد -والعلم عند الله- أنها تعبر عن تنافرات شخصية كل منها يريد أن يلوي ذراع الآخر ويجبره على الانكسار له، ومن ثم الخروج بصورة البطل الذي انتصر على خصمه اللدود، وشخصيا أجد أن هذا التنافر بلغ مبلغا في تعبيره أقرب لتصوير الحال السياسية في الكويت وما يعلوها من تلاسن وتهديد ووعيد، حتى بتنا نعتقد أن من يفعل ذلك هم من غير أصحاب المسؤولية الذين من بين مهامهم جعل الكويت أفضل! لن نتحدث عن أهمية تواجد الكويت في المحافل الرياضية وتحديدا الخليجية والثقل الذي تمثله، ولن نؤكد على ضعف المنافسة إذا لم تشارك، لكن ما نود البحث فيه خاص بـ «لماذا بلغت الكويت هذا المبلغ الضار لرياضتها؟». وليسمحوا لنا إذا ما قلنا إن الكويت باتت تدفع الثمن غاليا، فهي -وبدون زعل- أصبحت بلدا غير متفوق خليجيا إلا في رياضات فردية أحسبها شخصية من قبل ممارسيها أكثر من اتحاداتها كما هي السباحة. ليس التراجع فقط، بل إن التنافر بينهم أصبح محل تهديد للتنافس الخليجي وفرص إقامته لاسيما أن الخليجي ينظر للكويت كركن أساسي، ناهيك من أن حضور الكويت في المحافل القارية والعالمية أصبح من الضعف قد بلغ درجة متواضع، ونجزم أن هذا ليس النتاج الفردي الكويتي، بل النتاج المؤسسي الذي انشغل بالتوافه حتى بات ضارا للفرد الرياضي الكويتي. لسنا بصدد الخوض في التفاصيل الخلافية والتهديدات التي تظهر، لكن نجزم أن «أهل الكويت أدرى بمشاكلها» لكن ما يهمنا هنا أن سمعة هذا البلد القادر على صنع التفوق قد بات أسيرا للأشخاص أكثر منه للعمل المؤسسي الرزين القادر على الأخذ بيد أبنائه نحو الأفضليات المستمرة، وما تعيشه الكويت الآن ليس ضارا بها بل سبيل لخلق فجوات أكبر ستجعل من رياضتها أكثر تأخرا وضعفا. المهم في القول أن الكويت التي كانت البلد الأول رياضيا بل وقدرة على التنظيم وصنع الأفعال الرياضية الخالدة سواء في كرة القدم أو الألعاب التنافسية الأخرى، تعيش أزمات أفراد ومؤسسات تنعكس على مستقبلها بشكل ضار، وأتمنى أن لا يغضب الكويتيون مني حينما أقول إن عدم وجود الرجل المناسب في المكان المناسب مع لغة التحدي المستمرة والبحث عن الأمجاد الشخصية على حساب العمل الجماعي جميعها أضرت بالكويت، وستضرها أكثر إذا لم يكن هناك عمل حكيم يعيد الأمور إلى نصابها.