

عدد المقالات 2
في فجر التاريخ كانت الوسيلة التقليدية آنذاك للبشر من أجل حصولهم على السلع، هي استبدال السلعة بسلعة، وقد شاب هذه العملية التقايضية مشاكل لا حد لها حيث إن معضلة استبدال السلعة بسلعة أخرى تتجلى آثارها السلبية في التفاوض ويبرز غياب العدالة في أحيان كثيرة، أتى «الذهب» و «الفضة» كعملة يتم بها شراء السلع حتى قدمت النقود بشكلها الحالي لتحل الأمر وتكون بها كلمة الفصل كوسيلة نقدية. اليوم بعد أن سلب الإنترنت حياة البشر الواقعية وضرب حضوره في حياتنا منذ أكثر من عقدين، جاءت «العملات الرقمية» فارضةً نفسها مستندةً على أهمية العالم الرقمي في حياتنا الواقعية حيث أصبح لا مناص لحياتنا منه، إلا أن تخوف الكثير من حكومات العالم كان ولا زال بالمرصاد لها، لتصبح الحكومات عاملاً سلبيًا يهدد وجود «العملات الرقمية»، لكن في النهاية لقد شقّت العملات الرقمية طريقها بجسارة، معلنةً بثقة تامة أن هنالك شكلاً اقتصاديًا غير مألوف آن له أن يبرز بصورة «عملة رقمية». اليوم أصبح اسم «البتكوين» يتردد في وسائل الإعلام وفي الحياة الاجتماعية وأخذ صداه ينمو بفترة وجيزة ومذهلة، وقد عدلت الكثير من الحكومات عن موقفها السلبي، وجزء آخر من الحكومات أصبح أكثر تسامحًا معها عبر القبول بتشريعها وفرض صيغ قانونية تسمح بتملكها والتداول بها، إلا أن هنالك حكومات تمسكت بتعنتها غير المفهوم. حاليًا دول الخليج كاملةً -باستثناء قطر- تتعامل مع العملات الرقمية بأكثر مرونة مما سبق بل بوسع مواطنيها ومقيميها التداول بها إلا أنه للأسف مصرف قطر المركزي بقي متشبثًا بموقفه في منع البنوك من التعامل بالبتكوين، إن هذا المنعطف الاقتصادي التاريخي والعالمي كان الأولى فيه من قبل الجهات الرسمية في قطر إبراز أهمية التداول في العملات الرقمية والحث على الاستثمار بها بدلاً من تقديم المنع كخطوة احترازية غير مدروسة. على عاتق مصرف قطر المركزي والجهات المعنية في قطر إعادة النظر في عزلتنا العالمية عن «البتكوين» وفي حال اتّضاح خطأ الموقف يجب التكفير عن منعها عبر إشاعة ثقافة العملات الرقمية، وإفشاء طرق الاستثمار والتداول بها لكي لا نبقى مقصيين رغم تفوقنا العالمي بشتى المجالات.
المال الذي باعتدال توزيعه في صورة شديدة الإنصاف يعني أننا سنكسب مجتمعًا سليمًا ومتعافيًا أخلاقيًا وسلوكيًا، وفي عدم توزيع الثروة بشكل عادل ما الذي تجنيه المجتمعات؟ غير تفشّي السرقات وانحطاط السلوك البشري وظهور مظاهر في...