حركة الشباب الصومالية في لندن!

بثت «حركة الشباب المجاهدين» الصومالية، التي ترتبط بتنظيم القاعدة، شريطاً مرئياً على المنتديات الجهادية بعنوان «العين بالعين»، وقد بثت الحركة نسختين من الفيديو إحداهما باللغة العربية والأخرى باللغة الإنجليزية. الشريط –خاصة أن النسخة الإنجليزية قدمت بلهجة بريطانية-، كان موجهاً في معظمه إلى بريطانيا، وارتبط بما يصفه الجهاديون بـ «الجهاد الفردي»، الذي يقوم على تنفيذ هجمات يعدها الجهاديون «شرعية» من قبل أفراد لا يرتبطون تنظيميا بتلك المجموعات المسلحة بل أيديولوجيا. شريط الحركة كان موجهاً إلى بريطانيا ومسلمي بريطانيا في معظمه، وانتقد عدداً من الشخصيات والباحثين المسلمين في الغرب معتبراً أنهم «أدوات بيد الحكومة البريطانية»، و «يفسدون مبدأ الولاء والبراء»، وذلك لأنهم انتقدوا الأيديولوجية المتطرفة. وأما سبب التركيز على بريطانيا فقد كان بسبب حادثة قتل الجندي البريطاني لي رغبي في جنوبي لندن ربيع العام الجاري. وقد قام كل من مايكل أديبلاجو ومايكل أديبوالي، وكلاهما ممن اعتنق الإسلام مؤخراً. هذا الهجوم أثار الشارع البريطاني، خاصة أن أديبلاجو ظهر في شريط مصور يقول «العين بالعين والسن بالسن»، مشيراً إلى أن هذا المنظر –منظر القتل في الشارع- هو مظهر يومي في «بلادنا» بسبب السياسة البريطانية. ولم يقصد أديبلاجو بـ «بلادنا» هذه نيجيريا بلده الأصلي بل بلاد المسلمين، فهو ولد ونشأ في بريطانيا، ولكنه لم تدل سيرته أنه عاش في بلاد تقطنها غالبية مسلمة، عدا عن رحلته إلى كينيا في محاولة الذهاب إلى الصومال للانضمام لحركة الشباب ذاتها، ولكنه اعتقل هناك وعذب من السلطات الكينية. ردود الفعل الغاضبة ضد المسلمين تزايدت بعد الحادثة، والنزعات العنصرية أيضاً –وشريط حركة الشباب يشير إلى ذلك ولكن يعزوها إلى حقد لدى الغربيين وليس لأفعال أشخاص مثل أديبلاجو وغيره-، وعلى العكس تماما فإن الحادثة عرضت الكثير من المسلمين في الغرب إلى الرعب والخوف على عائلاتهم، ولكن هذا لم يكن في حسابات الجهاديين. بالفعل فأديبلاجو الذي يشير إلى «بلادنا» لم يعش في الدول ذات الغالبية المسلمة، ليرى كيف كانت تتعامل الأجهزة الأمنية مع المختلفين سياسياً معها، ليدرك الفارق الكبير بين تصوره الإلكتروني للأمة وواقعها. الشرطة البريطانية، بعد شريط حركة الشباب، وضعت حراسة على عدد من الشخصيات المسلمة التي انتقدها الشريط، وهو ما أعاد الزخم مرة أخرى لجدل الوجود الإسلامي في الغرب، وهو جدل يقود دوماً إلى موقف المسلمين من التطرف والتشدد، ولعل في هذه القصة ما يؤشر على ذلك الانقسام بين المسلمين «العاديين»، والمسلمين المتطرفين. إشكالية حقيقية تكمن في تصور الأمة لدى الشبان المسلمين في الغرب، الشبان الذين ولدوا ونشؤوا هناك، حيث إن رؤيتهم، وبشكل مفارق لا تخرج من سياق الرؤية الاستشراقية الغربية للعالم الإسلامي -كيف لا وهم درسوا وعملوا في السياق ذاته-، حيث ترى تلكك النظرة أن الحياة العامة لدى المجتمعات المسلمة تتمحور حول الدين، وهي الرؤية التي تمت تغذيتها بتصور إلكتروني على المنتديات الجهادية وغيرها، وأسهمت في انضمام لكثير من الشبان للمجموعات الجهادية المسلحة، نابذين مجتمعاتهم التي تتيح لهم قنوات عدة للفاعلية السياسية والاجتماعية وبحرية تامة، لم تكن لتتاح لهم في دول «الأمة» كما يتصورونها.