الصيام وصفة إلهية شافية للكثير من الأمراض

شهر رمضان خصه الله سبحانه وتعالى بفضائل عظيمة، جعلته شهراً عزيزاً على قلب كل مؤمن، وجعل أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتقاً من النار. فالصيام عبادة كغيره من العبادات المفروضة على المسلم، يقتضي القيام بها دون السؤال عن فوائدها أو حكمة تشريعها، ورغم ذلك فقد ذكر الله في كتابه الكريم: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، فهل توصل العلماء إلى اكتشاف السر في قوله تعالى وفي حديث رسوله الأكرم: «صوموا تصحوا». ومعرفة فوائد الصيام كانت هدف العلماء والأطباء على مر السنين؛ لما فيه من فوائد عديدة نفسية وصحية واجتماعية وروحانية، يحلق بها المسلم في عالم الروح الذي يعمق فيه الصفاء الذهني والأخلاقي والنقاء والطهارة، وأداء العبادات بنية صالحة وقلب مطمئن. الصيام ضرورة للجسم أثبتت دراسات علمية وأبحاث طبية على جسم الإنسان ووظائفه الفسيولوجية أن للصيام فوائد صحية ونفسية عديدة، وقد فرض الله الصوم على الإنسان لحكمة؛ لأنه ضرورة لصحة الإنسان تماماً كالأكل والتنفس والحركة والنوم، كما يعاني الإنسان أو يمرض إذا حرم من النوم لفترات طويلة، فإنه كذلك سيصاب بسوء في جسمه لو امتنع عن الصيام. وبينت آخر الأبحاث العلمية أن الصيام يساعد الجسم على القيام بعملية الهدم، التي يتخلص فيها من الخلايا القديمة، وكذلك الخلايا الزائدة عن حاجته. ونظام الصيام الذي فرضه الله سبحانه وتعالى ويشتمل -على الأقل- على اثنتي عشرة ساعة من الجوع والعطش ثم بضع ساعات إفطار، هو النظام المثالي لتنشيط عمليتي الهدم والبناء، وهذا عكس ما كان عالقاً في أذهان الناس من أن الصيام يؤدي إلى الضعف والهزل. الأبحاث العلمية أثبتت حقيقة علمية مفادها أن تقليل الطعام يؤدي إلى فوائد عظيمة فيما يتعلق بأمراض كثيرة، ومنها السرطان، فإن قلة الطعام تؤدي إلى إيقاف النمو وانقسام الخلايا السرطانية وإدخال الخلايا التي بدأت بالتحول إلى خلايا سرطانية إلى برنامج الموت أو الهدم. وثبت أن رمضان هو فترة راحة للمعدة والكبد والمرارة والبنكرياس والأمعاء، فإن راحة الجهاز الهضمي المسؤولة عن استقلاب الطعام تجعل الكبد أيضاً يأخذ فرصة للراحة، كونه معمل استقلاب الغذاء الرئيسي في الجسم، وهنا يتفرغ لعملية تنقية الأوعية الدموية من المواد الضارة بها والناتجة عن عمل خلايا أجسامنا المستمر. وثبت أن الصوم يفيد مرضى ضغط الدم الذي يرتفع لديهم نتيجة التوتر العصبي. ولتحقيق هذا الهدف يجب على الصائمين أن يلتزموا بسنة الرسول (ص) بعدم الإكثار في وجبة الإفطار، مصداقاً لقول رسولنا الكريم محمد (ص): «ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه»، وثبت أن صلاة التراويح وديناميكية حركة العضلات والمفاصل في كل ركعة فيها استهلاك حوالي 15 سعرة حرارية. وثبت أيضاً أن تناول بعض التمر -كما هي السنة النبوية- مفيد كونه غنياً بسكر الجلوكوز والفركتوز اللذين لهما فائدة كبيرة وخاصة للدماغ ويفيدان في رفع مستوى السكر في الدم تدريجياً، مما يخفف شعور الجوع ويقلل الحاجة إلى كمية أكبر من الطعام. ومما أثار انتباهي أن البعض للأسف يزدادون حدة وعصبية عند الصيام، ويقل صبرهم على أهلهم وعلى من يتعاملون معه، ويتحججون في ذلك بالصيام، ولو صح أن الصوم عن الطعام والشراب يؤدي إلى ذلك لما كتبه الله علينا ليعلمنا التقوى من خلاله، ولو صح أن الجوع والعطش يجعلان الإنسان سيئ الخلق لكنا قبلنا ذلك آخر النهار لا أوله، فالموظف الذي يسيء معاملة مراجعيه منذ الصباح الباكر متعللاً بأنه صائم لا يمكن أن يكون الجوع والعطش سبباً لسوء خلقه، خاصة إن كان قد تسحر كما يفعل أكثر الصائمين.