شبابنا: لماذا لا يُسمع لنا صوت؟

«لماذا لا يُسمع لنا صوت؟ لماذا لا يُؤخذ لنا رأي؟ طالبنا بإعادة النظر في امتحانات القبول في الجامعة لوقف استنزافنا من قبل الشارع، وطالبنا بتخفيض أسعار كيوتل لوقف استنزاف جيوبنا، وطالبنا بوقف حفلة سوق واقف في العيد لوقف الاستهزاء بدماء شهداء سوريا، ونطالب الآن بالوقوف ضد غلاء الأسعار... ولكننا لا نجد آذانا مصغية لمطالبنا... ألهذه الدرجة أصواتنا ليس لها وزن، ولا قيمة لآرائنا لدى مسؤولينا؟!». تلك مجرد صرخة من صرخات الشباب القطري... تُعبر عن بركانهم الذي يكاد ينفجر بين لحظة وأخرى من «تطنيش» أصحاب القرار لهم!!! شبابنا يُعاني من التهميش والفراغ والإحباط والبطالة «المهنية والمُقنعة» و»التسكع»... والقائمة تطول! ولكن.. لحظة.. ألسنا من دفعهم دفعا نحو الضياع؟ ألسنا من رسم لهم خارطة الطريق للبطالة والإحباط والفراغ؟ ألسنا من فرض عليهم تعليم «التلقين» ثم أحدثنا لهم ضجيجا ذهنيا بتعليم «مهجنّ»، كُل يُديره حسب رؤيته وتوجهاته وتطلعاته؟! ألسنا من فرض عليهم منهجنا التربوي الموروث «المُتناقض» الذي يُسكت طفلا صغيرا يبكي ألما بقولنا «الرجال لا يبكون»، ويُقهر طفلة تبكي حقها المسلوب من أخيها الأصغر بخداع أنفسنا «فليؤدبها»؟! ألسنا من لم نوفر لهم سبل الرفاهية والتسلية في المجتمع وفرضنا عليهم تسلية التسابق على الموت مع سبق الإصرار في «محمية سيلين»؟! ألسنا من شجعهم على العزوف عن التعليم الجامعي بكوابيس التوفل والايلتس، وشروط الابتعاث، وقائمة الجامعات المعترف وغير المعترف بها، وتصديق الشهادات واعتمادها؟! ألسنا من فرض عليهم المسكنات والحلول الموضعية القصيرة؟ وألسنا... وألسنا.. والقائمة تطول.. وتطول!! ومع كل ذلك لم تحمهم الأسر ولم يرحمهم المجتمع! وما زالوا يعانون من التهميش! حتى وقت قريب كانت الحال العامة للشباب القطري -شأنه شأن باقي الشباب العربي- تختصر عادة في واقع الخنوع، والبطالة الفكرية، والسلبية، واللامبالاة، والتيه، والضياع، وغيرها من المفردات السلبية... لكن التحولات السياسية الهائلة التي شهدناها خلال الشهور الماضية ما كانت لتحدث إلا بفعل تمرد الشباب على أوضاعهم... وكأنهم استيقظوا فجأة ليتمردوا على ماردي «الغفلة والتطنيش»! إذا كان جيل الشباب في قطر لم تُتح له بعد فرصة المشاركة في العمل السياسي لإثبات قدراته وطاقاته المُعطلة، فإن الإحداث المتسارعة أثبتت، وتثبت يوما بعد يوم، أنه لم يكتف بدور المتفرج بل ولن يقف عند حماسه الملتهب... وأنه قادم... وقادم بقوة «لتحين ساعة العمل والإنجاز»... ولعل حملتهم الأخيرة للوقوف في وجه الغلاء أكبر دليل على يقظتهم وحسهم الوطني، إذ لم يسمحوا لأي كان أن يقطع عليهم فرحتهم بزيادة الرواتب، ولم يقفوا عاجزين أمام تواضع جهود وجمود قوانين حماية المستهلك، بل اجتهدوا حتى أبدعوا، فمنهم من أنشأ بوابة إلكترونية تثقيفية لتوعية المستهلكين بحقوقهم، ومنهم من شنّ حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبالذات «تويتر» للتواصل والحوار الاستهلاكي، ومنهم من تحمل المسؤولية في تحري الصدق والأمانة في «القائمة السوداء» للطامعين من التجار، ومنهم من بادر ووصل لحماية المستهلك ليؤثر في صناعة القرار... فكانوا خلية نحل لا تمل ولا تسأم من العمل المتواصل ليلا ونهارا، وكأنهم حملوا على عاتقهم مسؤولية حماية المستهلك وحماية المواطن والمقيم... بل حماية الوطن! إنهم يريدون إيصال صوتهم غير المسموع إليكم أيها المسؤولون!!! ولأنه لا وقت للمحاسبة، وإنما للمبادرات الشبابية المُبدعة... فإننا فقط ندعوكم أيها المنفردون بُصنع القرار أن تستمعوا للشباب، وأن تعطوهم فرصة لفتح أبوابكم المُغلقة... اسمحوا لهم بمساحات أرحب للتعبير في وسائل الأعلام للتعبير عن آرائهم.. لمناقشة قضايا الوطن ومعالجتها من وجهة نظرهم وعوالم أفكارهم... وعوضا عن نعتهم بالسلبيين المتمارضين نفسيا وفكريا.. أنصتوا لهم.. فكل ما يحتاجونه هو فقط الاستماع... فإنهم يريدون حلولا لآلامهم قد لا ترونها أنتم كما يرونها! استمعوا لهم قبل أن تندموا... وما خاب بلد وضع ثقته في طلائعه. كاتبة قطرية